مراجعة نقدية أولية- الجزء الأول
مراجعة نقدية أولية
” ضوء على الماضي، إقامة في الحاضر، تطلع إلى المستقبل”.
“في أثناء الثورة المضادة التي تتبع كل ثورة مهزومة ينشط اللاجئون الذين أفلتوا من القمع، وتتبادل تياراتهم الحزبية الاتهامات عن مسؤولية كل منها عن غرق السفينة، عن الأخطاء والخيانات المشينة التي ارتكبت أو لم ترتكب (…)، ولذلك تخيب آمالهم جميعاً، كما خابت من قبل، فحين تنسب الهزيمة إلى بعض الأخطاء الطارئة، وليس إلى الظروف الموضوعية التي تنبغي دراستها وفهمها يسهل تبادل الاتهامات، وينتهي الأمر بالتحسر والنواح.
وهذا حال جميع الهجرات من الملكيين الفرنسيين في عام 1792م إلى اللاجئين السياسيين أيامنا، لا يشذ عنهم إلا الذين يتمتعون برؤية صائبة ووعي تاريخي، فلا يشاركون في هذه المشادات العقيمة، ويحددون لأنفسهم مهمات مجدية.”
(فريدريك أنجلز، ” عن تاريخ اللاجئين البلانكيين”، جريدة درفولكستات، 26 حزيران 1874م).
1- مقدمة تاريخية موجزة
كي لا نتسمر عند التحسر والنواح أو الغرق في مستنقع الاتهامات المتبادلة التي لا تلامس العمق الحقيقي للوضع في سوريا، فإننا سوف نذهب إلى الدافع الموضوعي الأكثر تعقيداً مما يظنه البعض من الفاعلين السياسيين وهو ما يتفق مع المقتطف أعلاه.
ليس هذا فحسب، بل إننا نزعم أننا في تيار مواطنة كنا قد أسسنا على ذلك في أوراقنا السياسية منذ البدايات ويمكن لمن يريد التأكد من ذلك العودة إلى أرشيف التيار لأنه سيجد حتماً تكثيفاً لذلك في التقرير السياسي ([1]) المؤرخ في كانون الثاني عام 2012م. الورقة التي تؤكد على ما أسمته التعقيدات السبعة الاجتماعية، والسياسية والوطنية الداخليّة بارتباطها الوثيق بالخارج العربي والإقليمي والدولي وسوف نتطرق إلى هذه التعقيدات في سياق هذا المشروع على أمل بسطها لاحقاً بما يكفي من العمق والشمول.
لقد كان على رأس هذه التعقيدات الانقسام العمودي في المجتمع السوري والذي يجب الاعتراف به وبجذوره التاريخية في الماضي الوسيط والقريب، وهو ما سوف نشير إليه باختصار شديد في هذا المشروع وصولا إلى الوضع الراهن مروراً بالمرحلة الفاصلة بين 8 آذار 1963م إلى الانفجار العاصف في آذار 2011م.
نترك الآن إلى وقت لاحق الماضي الوسيط ونسلط الضوء على الموضوع بدءاً من لحظة ولادة سورية (سايكس– بيكو)
وبالتحديد السنوات الفاصلة بين 1920م إلى 1942م وبخاصة معاهدة 1936م مع فرنسا.
الكل يعرف – وإن يكن بشكل ضبابي – تاريخ ما يقارب ربع القرن هذا الذي تأرجحت فيه سورية بين دويلات خمس إلى دولة اتحادية وافق عليها بعضهم ورفض بعضها الآخر ذلك ( اتحاد حلب – دمشق) في عام 1922 وصولا إلى معاهدة 1936م التي اعترفت فيها فرنسا بوحدة سورية على الرغم من رفض بعض الدويلات ذلك وبخاصة في الساحل والجنوب والتوترات العميقة في الجزيرة السورية، وعلى كل الأحوال أصرت فرنسا على الوحدة حتى عام 1939م عندما تراجعت عنها حكومة فرنسا التابعة للاحتلال النازي ولاحقاً بين عامي 1941م-1942م استعادت سورية وحدتها على يد حكومة فرنسا الحرة ممثلة بالجنرال كاترو. وهو ما سمي بالاستقلال الناقص وصولا إلى الاستقلال التام في نيسان 1946م والآن هل ترك هذا التاريخ المؤسس لسورية الحديثة ندوباً ورضوضاً نفسية عند جميع المكونات الديمغرافية اثنياً ودينياً وطائفياً؟
نعم، لقد ترك هذا التاريخ ما يكفي من الندوب التي عمل على تفكيكها الاستقلال والتطور اللاحق وقد وضعت سورية بين عامي 1942م و1963م على سكة التطور نحو الأفضل فيما يخص هذا الانقسام العمودي حتى مع بعض الأحداث السلبية في الفترة الثانية من حكم الشيشكلي المباشر إن يكن في سوريا كلها بشكل عام أم في بعض أجزائها وبخاصة في جبل حوران.
لقد شكل الصعود القومي والوطني واليساري الذي أعقب الحرب العالمية الثانية الملا ط الإيجابي لتطور الوضع السوري نحو الأفضل، بما في ذلك سنوات الوحدة على الرغم من كل ما يمكن أن يقال عن سلبياتها الديكتاتورية، وجاءت فترة الانفصال القصيرة جداً كما لو أنها استعادة للروح التي سادت بين عامي 1954م-1958م.
والآن ما الذي أدى إلى إبطاء الزخم السابق، بل ربما عمل بالتدريج على وقفه وصولاً إلى عكس المسار في فترة لاحقة؟
إنه انقلاب الثامن من آذار 1963م الذي سمي ثورة، وتطوره وتداعياته اللاحقة، هذا الانقلاب الذي جاء بوصفه استمراراً بشكل أو بآخر لحضور ما سمي بحركة التحرر الوطني في العالم الثالث بعد الحرب العالمية الثانية والذي مثله مثل كل الحركات الاشتراكية والقومية اليسارية في العالم، كان حكماً ديكتاتورياً بامتياز وتقليداً بشكل أو بآخر للحركات المذكورة من
الاتحاد السوفيتي حتى كوبا، ومن أند ونسيا حتى غرب افريقيا – غانا، غينيا.. إلخ) مروراً بالمنطقة العربية من العراق حتى الجزائر.
إن تيار مواطنة لا ينطلق في مواقفه من هذه الحركات من واقع اتهامي حاقد أو ثأري أو ما شابه، كما أنه لا ينطلق مما آلت إليه الأمور فحسب وهو مآل من السوء إلى درجة الفضيحة، بل من صيرورة هذه الحركة (حركة التحرر الوطني في العالم الثالث) بكل ما فيها من إيجابيات وسلبيات باعتبارها صيرورة تاريخية من جبال من النوايا الطيبة والبرامج الجذرية والأجيال الحالمة إلى صخرة الواقع المريرة السوداء. وبهذا المعنى فإن انقلاب الثامن من آذار 1963 م شكل مع كل ما ذكرناه للتو نقطة فاصلة في تطور سورية على كل من الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومثله (أي الانقلاب) مثل كل الحركات المذكورة أعلاه، كان افتقاده للشرعية الدستورية واضحاً، وكانت ديكتاتوريته بالتالي سافرة، ومع ذلك فقد غطى على ذلك بقدر من الشرعية الشعبية والقومية اليسارية والوطنية التي ما فتئت تتآكل بشكل سريع على قاعدة الانقلابات المتتالية التي أعقبت هذا التاريخ وصولا إلى التآكل المأساوي الناتج عن هزيمة الخامس من حزيران.
2– صيرورة الانقلاب المذكور والانقسام العمودي
على الرغم من كل ما ذكر أعلاه من إيجابيات وسلبيات، وعلى الرغم من كل النوايا الطيبة والسيئة والبرامج…إلخ، فقد كان الانقلاب المذكور منذ بدايته أقرب ما يكون إلى انقلاب أقليات ديمغرافية ([2]) على الرغم من وجود شخصيات حقيقية من أمثال لؤي الأتاسي وزياد الحريري وأمين الحافظ الذين يتحدرون من الأكثرية الديمغرافية.
هذا الطابع المذكور تفاقم بعد أحداث تموز 1963م ([3]) في بعض القواعد العسكرية وبخاصة في حرستا والمحاكم التي أعقبتها، ولقد استمر هذا التفاقم وصولاً إلى انقلاب 23/ شباط 1966م الذي أدى إلى تصفية كثيفة لمجموعة من الضباط السنة –وعلى رأسهم رئيس الدولة أمين الحافظ – من الجيش السوري. الأمر الذي أدى، من بين أمور عديدة، إلى هزيمة الخامس من حزيران وتعميق الانقسام العمودي في المجتمع السوري والقوات المسلحة والإدارة الحكومية وفي كل الحقول تقريباً، وهو ما جعل الخاتمة المأساوية التي تجسدت في انقلاب 16تشرين الثان 1970م أمراً طبيعياً وتحصيل حاصل بحيث باتت الهيمنة الطائفية واضحة كسنام البعير.
ليست السمة الطائفية هي التي طغت على الوضع فحسب بل والسمة الشمولية التي لابد أن تخالطها الفاشية شئناً أم أبينا، على الرغم من كل التباين المنطقي بين السمتين الطائفية والشمولية وبخاصة فيما يتعلق بضيق واتساع القاعدة الاجتماعية.
وفي السياق نفسه كانت الشرعية السياسية والاجتماعية والقومية والوطنية التي سميت الشرعية الثورية (لأنه لم يكن هنالك أي شرعية دستورية تستحق اسمها)، نقول كانت الشرعية المذكورة تتآكل عند كل منعطف مما ذكرناه على الصعيد الداخلي على الأقل. لأن الشرعية المذكورة بقيت موجودة إلى حد كبير على الصعيد القومي واليساري والعالمي على الرغم من كل ما فعلته السلطة المذكورة وبخاصة بعد انقلاب عام 1970م، وهو الأمر الذي لايزال قائماً بشكل أو بآخر حتى الآن وسوف نتطرق إلى ذلك لاحقاً في المكان المناسب من هذا المشروع.
على المقلب الآخر- مقلب المعارضة- جاءت الأحداث في معظمها منذ حادثة جامع السلطان في حماة عام 1964م وصولاً إلى الانفجار العاصف في آذار 2011م لتعزز هذا الانقسام العمودي الإثني والطائفي وبخاصة الأخير منهما ولتعمده بالدم والمجازر التي ارتكبها النظام بكل وحشية.
وباستثناء المحاولات السياسية ذات الطابع الوطني الحقيقي التي تمت في عام 1968م([4]) من قبل أطياف من المعارضة الوطنية ولاحقاً تلك التي تمت بين عمي 1979م-1980م([5]) على الصعيد السياسي والمدني وصولاً إلى بدايات القرن والربيع السوري الحقيقي الخجول والذي كان يبشر بالخير للبلاد لو لم يتم إجهاضه الفج على يد السلطة- الطغمة السورية، نقول باستثناء هذه المحاولات كانت جميع الأحداث الأساسية الأخرى تصب في تعزيز الانقسام العمودي.
لقد بدأنا بحركة مروان حديد وعبد الرحمن العظم في حماة عام 1964م والرد الوحشي للسلطة الطغمة عليها، والأمر نفسه تكرر في أحداث حسن حبنكة في دمشق عام 1965م مروراً بالصراع الدامي والعشرية السوداء التي قامت بها السلطة الطغمة وبشكل خاص المجزرة الوحشية في حماة في شباط 1982م ومجزرة المشارقة في حلب ومجزرة جسر الشغور وفي غير مكان في سورية وبخاصة في المعتقلات الأقرب إلى الجحيم الحقيقي -سجن تدمر- حيث أعدم ما يقارب /20/ ألفاً استناداً إلى محاكمات صورية لم تكن تستمر إلا دقائق قليلة، ومن شبه المحال اليوم عدم الاعتراف بالطابع الطائفي في هذه المجازر من قبل الطرفين المتصارعين وبخاصة إذا تذكرنا طبيعة القوات العسكرية والأشخاص الذين قاموا بها بما في ذلك الجهاز الإداري والأمني لكل المعتقلات والسجون وباستثناء مجزرة المدفعية في حلب وبعض الهجمات على مراكز الأمن والاغتيالات المتفرقة فقد كان الموت والعذاب والدمار يقع في كل ما ذكرنا على رقاب الأكثرية الديمغرافية السنية من المواطنين السوريين.
3– صيرورة الانقسام الإثني
لقد شكل انقلاب الثامن من آذار سيفاً حاداً على الأقليات القومية في سورية، وبخاصة على الكرد بدءاً من تنفيذ مقترحات الضابط محمد طلب هلال([6]) فيما يتعلق بهم وبالحزام العربي ورفض منح الجنسية لقسم كبير من الكرد والمضايقات الفعلية الشاملة للثقافة الكردية وكل ما ينطبق عليه هذا الوصف ولقد ازداد الأمر سوءاً عبر ما نتج عما سمي قرى الغمر، وبخاصة نقلهم إلى مناطق الأغلبية الكردية في الحزام الشمالي للجزيرة السورية.
ليس هذا فحسب بل إن موقع الكرد من الإدارة والجيش والأمن كان أقرب إلى عدم الاعتراف بهم أو حضورهم في هذه المؤسسات وفي بعضها على الأقل بحيث يمكن القول: إنها كانت محرّمة عليهم إلى حد كبير وهذا واضح لك ذي عين.
وفي السياق نفسه جاءت انتفاضة آذار الكردية في 2004 في الجزيرة تعبيراً عن كل الاحتقان التاريخي والاضطهاد القومي للكرد في سورية ذلك الاحتقان الذي لم يبلغ هذا الحدّ إلا بعد انقلاب آذار 1963م كماَ ونوعاً وأيديولوجيا. وقد بيّن تعامل السلطة- الطغمة وبعض القبائل العربية وحتى بعض الفئات العربية المدنية مدى الانقسام داخل وخارج المعارضة السورية، اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، بدءاً من بيت السلطة وصولاً إلى المعارضة السورية عرباً وكرداً على حد سواء.
إن الاعتراف بما سبق وبآثاره المأساوية على الحاضر والمستقبل السوري ضروري ضرورة القيام بكل ما يمكن من أجل التغلب عليه وصولاً إلى صيغة عمل مشترك تستحق اسمها قولاً وفعلاً.
4- التوريث
لقد شكل توريث السلطة من الأب إلى الابن الخطوة الفاضحة لطابع السلطة الطائفي والعائلي، وللمدافعين عن لا طائفية السلطة وعن رفض طابعها هذا بذرائع وحجج متهافتة نقول: لماذا لم يكن بالإمكان أن يكون نائب الرئيس هو الرئيس، أو أي أحد آخر في سورية من حزب البعث أو من خارجه، أياً تكن طائفته التي ينحدر منها؟ ولماذا كان من الضروري تعديل الدستور بالطريقة التي جرى فيها كي يكون الرئيس من العائلة نفسها ومن الطائفة نفسها دون أي منافس على الإطلاق؟ وهل يعتبر هذا مجرد دليل على اعتبار السلطة سلطة عائلية فقط كما يدافع بعضهم رافضاً أي طابع طائفي للسلطة مقابل الاعتراف بعائليَّتها؟
لهؤلاء نقول: لا أيها السادة، إن جهاز الأمن والمؤسسة العسكرية والجهاز الإداري والحزبي المهيكل على أساس الحضور الطاغي والمهيمن لأبناء الطائفة العلوية هو السبب الذي مكّن من هذا الانتقال السلس داخل البيت نفسه وداخل الطائفة نفسها، ولم يكن بالإمكان على الإطلاق حصول غير ما حصل مادام الهيكل المذكور على ما هو عليه وعندئذ فلا معنى للحجاج النظري والمنطقي عن الطائفية في ظل هذه الوقائع العنيدة.
لقد جئنا على ذكر التوريث لأنه كان خطوة بشعة زادت في الطين بلة، كما زادت عمقاً وشمولاً في الانقسام الطائفي العمودي وللاحتقان العارم المترتب عليه على الرغم من بعض الآمال الصغيرة التي أنعشها خطاب القسم والشهور الأولى التي أعقبته حتى اعتقال العناصر البارزة في المنتديات المدنية – السياسية وبخاصة منتدى جمال الأتاسي، ومنتدى السلم الأهلي…إلخ
خلاصة القول إن المجرى الأساسي الذي عاشته سورية من انتفاضة معسكر الفدائيين في حرستا تموز 1963م والذي أتينا على ذكره قبل قليل وحتى الانفجار الكبير في آذار 2011م إنما كان يعمّق يوماً بعد يوم الانقسام المذكور، جاعلاً من الإسلام السياسي والعسكري الطرف الأبرز، ودافعاً بما لا يقاوم نحو العنف والعنف المضاد بكل الأشكال المعروفة بدءاً من الاغتيال الفردي وانتهاء بالمجازر الوحشية التي قامت بها السلطة- الطغمة جنباً إلى جنب، مع تأجيج الخطاب الطائفي العلني والضمني على طرفي الخندق على الرغم من الغطاء القومي والوطني واليساري الذي تلحفت به السلطة في العلن مخفية تحته كل ممارساتها الطائفية البغيضة إلى أقصى حد اجتماعياً وسياسياً وثقافياً ووطنياً.
لقد كانت القبعة الاستبدادية تغطي هذا العفن الطائفي وتمنعه من التعبير عن نفسه علناً وبوضوح، في حين كانت هذه القبعة نفسها تفاقم الأمر حتى التخمة واقعياً.
5– تعقيدات أخرى
وهي كثيرة ومهمة وحقيقية وإن تكن أقل أهمية في بعضها أو كلها ومن بينها:
أ- موقع القضية الفلسطينية:
على الساحة السورية شعبياً وسياسياً وتاريخياً، على قاعدة تداخل القضية القومية العربية والقضية الوطنية وهو تعقيد آخر، وهذان التعقيدان يأخذان المعنى التالي ليست القضية الفلسطينية قضية شعب شقيق أو صديق أو جار…إلخ بل إنها قضية الشعب السوري ذاته بما هي قضية العرب المركزية والأولى ناهيك عن أنها قضية إسلامية بالمعنى نفسه تقريباً بحيث يصح القول: إن اعتبار دمشق قلب العروبة النابض – المريض إلى أقصى حد الآن- ليس مسألة مجازية بغض النظر عن السلطة الحاكمة، وللعديد من الأسباب القومية والجغرافية والسياسية فإن القضية المذكورة تختلف- ولو نسبياً- عما هي عليه في البلدان العربية الأخرى، ونقصد بالقضية المذكورة القضية الفلسطينية وقضية العروبة معاً، ولذلك تلاحظون أن الأغلبية الساحقة من القوميين العرب من المحيط إلى الخليج هي مع السلطة السورية تحت شعار كونها مع الشعب السوري ومع سلطته القومية على اعتبار أنهما خندق الدفاع الأخير عن الأمة العربية وفلسطين، والأمر نفسه فيما يتعلق بغالبية الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وجميع الفصائل تقريباً بدءاً من الجبهة الشعبية حتى الجهاد الإسلامي مروراً بحماس وفتح، وكذلك الحكومتان ، حكومة عباس وحكومة حماس، على الرغم من الخلاف العميق بينهما وكذلك الأمر فيما يتعلق بما هو داخل وخارج الخط الأخضر. هذا الموقف من جميع القوى المذكورة ومن غالبية الشعب الفلسطيني، ولا نقول كله لأن هنالك فئة وإن تكن صغيرة في الداخل والخارج متعاطفة مع قضية الشعب السوري في الحرية والكرامة.
إن تيار مواطنة يأمل ألا يظننّ أحد أن هذا الموقف الفلسطيني السياسي والشعبي يعود إلى قصر الذاكرة أو عدم معرفة الوقائع بقدر ما يعود إلى أسباب أخرى على رأسها الخذلان شبه التام من قبل العرب الآخرين.
إن تيار مواطنة يعتقد أن الفلسطينيين يذكرون جيدا التاريخ القمعي للسلطة السورية ضدهم في لبنان وغير لبنان كما يذكرون خذلانهم من قبل هذ السلطة في أيلول 1970م وهم يتذكرون بشكل خاص مجزرة مخيم تل الزعتر في بيروت على يد هذه السلطة ومع ذلك فإنهم مضطرون للسبب الذي ذكرناه أعلاه وهو سبب قاهر بالتأكيد لموقفهم هذا الذي دُفعوا إليه لانتفاء الخيارات.
والأمر نفسه فيما يتعلق بموقف العروبيين والقوميين العرب في كل مكان تقريباً ما عدا قلة لم تنجرف مع الاتجاه الغالب.
إن تيار مواطنة وهو يتفهم هذا الموقف كما بيَّنا أعلاه، لا يستطيع قبوله بأي شكل من الأشكال لأنه يعتقد أن بوسع الأطراف المذكورة حتى وهي تقف الموقف المذكور أن تقرنه بالنقد الضروري الحازم، على الأقل إن لم نقل أكثر من ذلك، ولا يقدم أو يؤخر كثيراً أن يكون هنالك درجة من الرفض أو النقد المضمر.
ب- موقف اليسار الدوغماتي:
ليس مفاجئاً لتيار مواطنة موقف هذا اليسار عالمياً وإقليمياً وعربياً وحتى داخلياً، فبغض النظر عما تقوله المعارضة السورية وهو ما سنأتي عليه لاحقاً، فإن اليسار المذكور ينطلق من قناعة مبسطة تقوم على أساس أن السلطة السورية معادية للإمبريالية وأن ما يجري في سورية هو مؤامرة عليها وبالتالي فإن من الواجب الأممي والعربي والسوري دعمها قولاً وفعلاً ، وتيار مواطنة يعتقد أن الخطأ الأساسي في هذا الموقف يقوم على أن اليسار لا يفسح في المجال لنضال خاص في كل ساحة حسب شروطها العيانية الملموسة، بل ينطلق من أحادية النضال العام ضد الإمبريالية، كما أن اليسار المذكور في اعتقادنا لا يقيم كبير وزن للمسألة الديمقراطية عندما يكون المطروح هو الموقف من الإمبريالية، ولذلك فإنه على استعداد – كان ومازال إلى حد كبير- لدعم أي نظام ديكتاتوري بحجة مواجهة الإمبريالية، وبعيداً عن سورية انظر موقف هذا اليسار من كوريا الشمالية ومن الصين ومن روسيا بوتين وحتى من إيران الملالي.
خلاصة القول: ثمة مسألتان في غاية الأهمية في موقف هذا اليسار هما:
أولاً، وحدة النضال ضد الإمبريالية دون أي خصوصية لساحة نضال محددة،
والثانية هي عدم إيلاء المسألة الديمقراطية حقها وبخاصة عندما تكون الساحة المذكورة ليست ساحتها الخاصة، ولذلك لا معنى للبحث عن أسباب أخرى كالجهل أو الانتهازية أو الخوف أو …إلخ لأنها من الحجج المتهافتة ولأنها حتى في حال وجدت جزئياً هنا أو هناك ليست هي السبب الأساس المفسِّر، وعليه فإن تيار مواطنة وهو يتفهم الأسباب التي تحدو بهذا اليسار لاتخاذ الموقف المؤيد للسلطة السورية فإنه يرفض بشكل قاطع هذا الموقف ويدعو إلى إعادة النظر في الأسباب ذاتها، بل والذهاب أبعد من ذلك إلى الموقف الحقيقي للبلدان التي يدعمها هذا اليسار ضد الإمبريالية وبخاصة عندما يكون ذلك الموقف مجرد موقف شكلي ولفظي وإنشائي دون تهيئة الأسباب الفعلية للمواجهة مع الإمبريالية.
جـ- الموقع الاستراتيجي (الجيوسياسي) للساحة السورية:
لا نبالغ في القول: إن أي تغيير حقيقي على الساحة السورية سوف تكون له آثاره السلبية أو الإيجابية العميقة على الأطراف الأساسية الفاعلة دوليا وإقليمياً وعربياً ليس فقط لأن هذه الساحة هي على حدود فلسطين “وإسرائيل”، بل لأنها في الحقيقة في قلب الشرق الأوسط إن لم نقل في قلب العالم العربي سياسياً وفكرياً على الأقل وقد رأينا ذلك منذ عام 1947م وحتى الآن في فلسطين ولبنان والأردن وفيما أبعد من ذلك حتى في قلب الجزيرة العربية بل حتى في تركيا شمالاً لسنوات طويلة مع حزب العمال الكردستاني.
ولأن الأمر على هذه الدرجة من التعقيد فإن جميع القوى المذكورة وغير المذكورة منخرطة بهذا الشكل أو ذاك في الصراع على سورية وفي سورية وهو ما يشكل عنصراً يجب أخذه دائما في الحساب بما يستحق.
د- تعقيدات مختلفة أخرى:
من مثل انعدام وحدة المعارضة سياسياً وليس تنظيمياً فحسب، وهذا الأخير ليس جوهر الموضوع لأن الجوهر هو الوحدة السياسية وانعدام الوحدة هذا مفهوم جيداً لنا على قاعدة التعقيدات السابقة المذكورة ومما يزيد في الطين بلة انعدام الوحدة العسكرية أيضاً حتى لو كان جميع حملة البنادق هم من الإسلام السياسي والشعبي بتنويعاته كافة.
لقد قيل الكثير عما سبق، وعن آثاره المدمرة وبخاصة في تحول الفصائل المتكاثرة كالفطر إلى أدوات للتدخل الخارجي بأشكاله ومضامينه كافة وهو ما عانينا ولا نزال نعاني منه على كل الصعد الفكرية والسياسية والعسكرية والعملية.
وينشأ عن هذا التعقيد تعقيد آخر هو غياب الاستراتيجية السياسة والعسكرية الموحدة على كامل الأرض السورية بما في ذلك أيضاً غياب التكتيك المناسب على الصعيدين المذكورين في كل مرحلة وكل منطقة جغرافية، إن غياب الرباعي المذكور: الوحدة السياسية، والوحدة العسكرية، والاستراتيجية الموحدة، والتكتيك المناسب كان له آثار مدمرة.
هـ- مسألة الجيش في البلدان المتخلفة
يعلمنا التاريخ- القريب منه بشكل خاص- أن الجيش في البلدان المذكورة له الدور الأكبر في حدوث أي تغيير سواءً أكان سلبياً أم إيجابياً بما في ذلك إجهاض أي تحرك حقيقي للشعب نحو الأفضل وبهذا المعنى حتى لو توفرت كل شروط الثورة أو التغيير الجذري – وحتى التغييرات الأقل جذرية- من مثل الاحتقان العارم للشعب ضد السلطة – وقد كان موجوداً في سورية قبل الانفجار- ورفض الشعب الاستمرار بالطريقة القديمة، والاستعداد لترجمة ذلك عملياً، ووجود قيادة مركزية خبيرة بالصراع وإمكاناته المستقبلية، جنباً إلى جنب مع صياغة الاستراتيجية الموحدة – بما في ذلك التكتيك المناسب في كل مرحلة من تطور الصراع والوسائل والطرق والأدوات المناسبة لكل تكتيك- والعجز النسبي للسلطة – الطغمة عن الاستمرار بالشكل القديم دون أي تغيير مهما يكن صغيراً، ونشوء مراكز قوى وأوضاع داخل السلطة تضعف من تماسكها ووحدتها الصماء و…إلخ.
نقول حتى لو كان كل ذلك موجوداً– والحال إن الوضع في سورية لم يكن كذلك- فإن القوة العسكرية حتى لو كانت نسبية، بما في ذلك وهم القوة الناشئ عما سبق، وتماسك المؤسسة المذكورة من شأنه أن يضعف إلى حد كبير انتصار الشعب إن لم نقل غير ذلك.
وفي كل الأحوال ينبغي التأكيد على أن الانتصار المرغوب بحاجة إلى كسب الجيش، أو تحييده – إن لم يمكن كسبه- أو انقسامه الحقيقي- وليس بعض الانشقاقات الفردية أو الفئوية لأن الحديث هو عن الانقسام- نقول انقسامه الحقيقي على الأقل.
هل ما سبق كان ممكنا في سورية؟ نرجح- إن لم نقل نؤكد- أنه لم يكن ممكناً في حدود معرفتنا بالوضع السوري بشكل عام ووضع المؤسسة العسكرية وبخاصة في بعدها الطائفي العميق، الأمر الذي يجعل التفافها حول السلطة – الطغمة أمراً شبه بديهي، وبغض النظر عن الآراء والتحليلات النظرية الممكنة فإن هذا هو ما حصل واقعياً، الأمر الذي يعني أننا كنا بحاجة إلى العديد من العناصر الفاعلة سواءً أكان الأمر على صعيد الداخل أم الإقليم أم العالم، كيما يكون أحد الاحتمالات المذكورة ممكناً، والتي هي كسب الجيش أو تحييده أو انقسامه.
الآن ليت الأمر توقف عند الحدود السابقة من التعقيد الأول إلى النهاية، لأن المآلات التي آلت إليها كل الثورات التي سميت “الربيع العربي” ذهبت لتصب في خانة الإسلام السياسي والشعبي من تونس حتى مصر مروراً بليبيا، على الرغم من إسقاط القذافي بالقوة الخارجية والداخلية معاً.
لقد كان هذا المآل وبالاً على حركة الشعب السوري لأن المجتمع المنقسم عمودياً في سوريا والمخيال الجمعي البعيد والوسيط، وتاريخ الصراع القريب- من الناحية الرئيسة- منذ عام 1963م وحتى حدوث الانفجار العاصف في آذار 2011م، بما في ذلك كل التعقيدات المذكورة كان من شأنها أن تجعل ما يقارب نصف الشعب- بما في ذلك الكرد عدا شبابهم في بعض المناطق في وقت مبكر من الانفجار وهو الأمر الذي لم يستمر لاحقاً بفعل عوامل عديدة لا تعود كلها إلى السلطة أو حزب PYD، بل وإلى ممارسات المعارضة السورية بشكل عام أيضاً- نقول كان من شأنها أن تجعل نصف الشعب أو أقل بقليل موزعاً بين محايدٍ ورمادي أو رافضٍ بل حتى معادٍ كل العداء لما حدث في آذار 2011م في درعا، وذلك للأسباب المذكورة أعلاه.
نترك جانبا بعض الفئات وبعض النخب التي لا تشكل أكثر من قشرة رقيقة جداً والتي كانت متعاطفة وفاعلة في الحراك من ضمن الجزء المذكور والذي لا يخفى بعده الطائفي ليس على كل ذي عقل، بل كل ذي عين، في حين كانت القاعدة الاجتماعية كما وصفناها أعلاه للأسباب التي ذكرناها وبخاصة مآلات الربيع العربي في البلدان الأخرى.
ليس ذلك فحسب بل إن بعض البلدان العربية الأخرى التي لم تخض تجربة الربيع العربي أو خاضته من بعيد كانت على كفِّ عفريت نتيجة لطغيان القوى الإسلامية الطائفية، الشيعية في لبنان والعراق واليمن، والسنة في مواقع أخرى وعلى رأسها السودان، وبكلمة واحدة كانت الساحات المشاركة وغير المشاركة هي من الناحية الرئيسة لصالح الإسلام السياسي العسكري والمدني بصرف النظر عن صراعاته الداخلية العميقة.
هل ثمة حاجة للتذكير بأن الحزب الذي يرأس الحكومة في المغرب هو حزب إسلامي، وأن جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر فازت بالأغلبية في الانتخابات بداية التسعينيات من القرن الماضي وهو ما أدى رفض الاعتراف به ومواجهته العسكرية العنيفة إلى العشرية السوداء الجزائرية، كما أن حزب الغنوشي- حركة النهضة- فاز بانتخابات حرة بعد سقوط النظام القديم في تونس بما يقارب 43% من الأصوات على الرغم مما كرسته واقعياً التجربة العلمانية البورقيبية، والأمر نفسه بالقوى الفعلية في ليبيا بعد سقوط القذافي، أما في مصر فقد فاز الإخوان المسلمون– محمد مرسي- بأكثر أصوات الشعب وإن تكن أكثرية صغيرة– الأمر الذي أدى إلى الانقلاب العسكري اللاحق- فهل الصورة على الأرض في سورية في مقلب معارضة السلطة– الطغمة تختلف عن ذلك منذ منتصف عام 2011م؟
نستطيع القول الآن على قاعدة كل ما سبق يمكن فهم ما قاله رأس السلطة– الطغمة بغض النظر عن صحته أو خطئه في بداية عام 2011م، من أن سورية محصنة مما يجري في البلدان العربية الأخرى وبخاصة كما قال للقاعدة الإيديولوجية السياسية المشتركة بين السلطة والشعب والمقصود هو الموقف من الإمبريالية ومن الصهيونية و”إسرائيل” وهو ما جئنا على ذكره فيما سبق.
إنه قول مفهوم وإن كذبه التاريخ اللاحق، لأنه ببساطة قائم على تعقيد الوضع في سورية، وفي علاقته الجدلية مع قضية العرب المركزية- قضية فلسطين والصراع ضد الإمبريالية والصهيونية- كما يتصورها الناس بغض النظر عن رأينا في ذلك.
هذه القضية التي لم ترد في الحساب بشكل مركزي عندما يتعلق الأمر بالساحات الأخرى التي حصل فيها التغيير من قبل الشعب، ولاحقاً حضرت بالتأكيد بقوة في مصر بعد انتصار الإخوان المسلمين من قبل الخندق المذكور.
والآن بعد هذه المقدمة التاريخية – وبغض النظر عما آل إليه الصراع في سورية- هل كانت الثورة ممكنة بمعنى أن تكون ثورة وطنية حقيقية قادرة على الحشد والتعبئة على هذا الأساس وقابلة للانتصار بوصفها كذلك؟
نجرؤ على القول: إن ذلك أشبه بالمحال، ولكن هل يعني هذا أن سقوط السلطة– الطغمة كان محالاً أو ما يشبه ذلك؟
للجواب على هذا السؤال نقول: لقد بدا واضحاً لكل ذي عين أن ذلك لم يكن محالاً، والدليل على ذلك احتياج السلطة المذكورة إلى دعم خارجي قوي على كل الأصعدة وبخاصة من إيران والميليشيات الشيعية في المرحلة الأولى، ثم اضطرارها لتدخل عسكري أقوى بكثير من الروس في النصف الثاني من عام 2015م، ولكن هل هذا مجرد رأي؟ لا، إنه ما عبَّر الروس عنه غير مرة على اعتبار أنهم من حموا السلطة– الطغمة من السقوط، لكنّ السؤال هل كان خندق المعارضة قائماً على القوة المحلية فقط أم أنه في الأصل قام على الدعم الخارجي متعدد الأشكال والوسائل والدول وبخاصة تركيا وقطر والمقاتلين الإسلاميين القادمين من أربعة أطراف المعمورة بتسهيلات سافرة من قبل تركيا– لآلاف بل عشرات الآلاف من المقاتلين- ودعم هائل من قطر، لقد جرى ذلك حتى قبل أن تفكر السلطة بالاستنجاد بالخارج الشيعي حكومة وميليشيات وفي هذه الحال ماذا كان بالإمكان أن يحصل لولا التدخل الخارجي وبخاصة الروسي لصالح السلطة؟
نقول: كان من المرجح أن تسقط السلطة– إذا استثنينا تدخلًا دولياً أو أمريكياً في الوقت المناسب- ولكن لصالح من؟ الحق أنه سيكون لصالح داعش والنصرة اللتين تقدمتا الصفوف وسيطرتا على الوضع بشكل لافت للنظر في ربيع 2015م.
يبقى أن نسأل هل كان سقوط السلطة- الطغمة المرجح لصالح الإسلام السياسي والعسكري وبخاصة الفصائل المتطرفة بل الإرهابية يعني أن الثورة قد انتصرت؟
والجواب بدون تلجلج، لا. والسبب أننا ندّعي أن الثورة كانت ثورة حرية وكرامة وعدالة، فهل هذه الفصائل المذكورة هي التي ستجلب ذلك؟
إن النصف الأول من الثورة وهو النصف السلبي– الإطاحة ، الهدم- يكون قد تحقق ولكنّ النصف الثاني الإيجابي الذي هو إقامة البديل النقيض القائم على الثلاثية المذكورة -حرية، كرامة، عدالة- يكون قد تبخّر على الأرض والفضاء لأن الذي سيكون في السلطة عندئذ هي الثورة المضادة بكل ما في الكلمة من معنى والتي كانت من الوضوح السافر أنها لم تجد نفسها معنية حتى بالالتفاف على ذلك ليس من قبل داعش والنصرة فحسب بل ومن أمثال جيش الإسلام الذي اعتبر زعيمه أن الديمقراطية تحت حذائه وأنه بصدد مشروع أمة إسلامية …إلخ، والأمر نفسه عند جميع الفصائل الإسلامية الأخرى سواء أكانت عسكرية أم مدنية أم سياسية.
والآن مادام الأمر كذلك فكيف حصل ما حصل؟ وكيف وصلنا إلى هناك قبل خمس سنوات، بل كيف وصلنا إلى ما نحن عليه الآن؟
***
[1] – التقرير السياسي الأول لتيار مواطنة 12/01/2012 – https://mouatana.org/archives/12942
[2] – يعتبر تيار مواطنة أن هناك أقلية وأكثرية سياسية في الحقل السياسي، كما أن هناك أقلية وأكثرية (ديمغرافية قومية أو دينية أو طائفية) في الحقل الاجتماعي، ويرفض التجاهل المقصود أو غير المقصود للنوع الثاني بحجة عدم وجود إلا النوع الأول، وسوف نحتاج إلى دولة مواطنة جذرية وممارسة صادقة مترتبة عليها للوصول إلى ذلك وسوف نصل.
[3] – حركة جاسم علوان في حرستا، تموز 1963.
[4] – المقصود الجبهة السياسية التي تشكلت من الحركة الناصرية والاشتراكيين العرب (الحوراني) وحركة القوميين العرب (حبش) في مواجهة الدكتاتورية البعثية.
[5] – العمل المشترك بين النقابات المهنية والتجمع السوري الديمقراطي وقوى سياسية أخرى.
[6] – المذكرة التي قدمها إلى الحكومة السورية في كانون أول 1962 حتى قبل انقلاب آذار.