بيان من “تيار مواطنة” بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للثورة السورية

الذكرى السنوية الأولى للثورة السورية وحتمية الانتصار

يوشع بن نون وسياسة التحريم لن تكسر إصرار الشعب السوري ووحدته

مع دخول الثورة السورية عامها الثاني لا تبدو بشائر النصر قاب قوسين أو أدنى للتحقق, لكن ما يؤكده الجميع هو استحالة العودة إلى ما قبل 15 آذار 2011, ومن يعتبر خروج الثوار والجيش الحر من بابا عمر هو مقدمة انتظار للنظام يكون واهما, لأن تعقيدات الساحة السورية لن تسمح بهكذا نصر, ونحن نعتقد أن طرفي المعادلة قد دخلا فعلا مرحلة تبادل الإنهاك الذي قد يُظهر النظام في القراءة السريعة أنه المالك الأكبر للقوة العسكرية قياسا إلى سلمية المتظاهرين وقلة عدد وتسليح الجيش الحر المتواضع نسبيا, إلا أن هذه القراءة تغفل دينامية المشهد السوري المتحرك, وما تخبئه عقارب الساعة من مفاجأات.

فالنظام يدرك تماما أنه يواجه تمرا شعبيا يمثل أغلبية السكان, بدأ باعتقال 15 طفلاً في درعا وتحول إلى أكثر من 700 بؤرة تظاهر سلمي تغطي خارطة البلاد, وهو عاجز عن احتواء ذلك أو القضاء عليه, لذلك نراه يلجأ إلى ارتكاب مجازر وحشية في هذه المنطقة أو تلك, وعمليات إبادة تذكرنا بما يرد عن ملوك إسرائيل في العهد القديم, حيث لم يكتف “يوشع بن نون” بالقتل بل اتبع سياسة التحريم التي تمنع أخذ الغنائم والأسرى, وتقضي بقتلهم وإبادة كل مظاهر الحياة على الأرض من حيوان ونبات وإحراق المدن بمن فيها, آملا أن تردع هذه الجرائم بقية السكان وتجعلهم يستكينون لإرادته, غير أن الوقائع تظهر عكس ذلك, فكلما أمعن النظام الأسدي في وحشيته كلما زاد اضطرام الثورة وتأججها.

ويدرك الثوار أن ثمن إسقاط هذا النظام الآن سيكون فادحا, بعدما تجاوز عدد الشهداء أكثر من 8 آلاف شخص حسب تقديرات للأمم المتحدة, إضافة إلى ما يقارب ضعف هذا العدد من الفارين واللاجئين في تركيا و لبنان والأردن, دون أن تتوفر حتى تاريخه أية أرقام عن عدد المفقودين والذين ترجح أغلب التوقعات أن يكونوا في عداد ضحايا المجازر الجماعية التي ستكشف عنها الأيام القادمة, أو بين السجناء الذين لم تفصح السلطات الرسمية عنهم أو لم تقدمهم إلى أية محاكمة بعد, إذ تشير منظمة العفو الدولية “امنستي انترناشونال” إلى وجود الآلاف من السجناء ممن يقبعون في سجون النظام, والتي تمارس الأجهزة الأمنية أبشع أنواع التعذيب عليهم. لكن الأخطر من ذلك كله يتجلى في سعي النظام الحثيث لجر الصراع نحو التسلّح والعسكرة، والتجييش الطائفي الذي يمهد لحروب أهلية ما زال الشعب السوري ينأى بنفسه هنا رغم بعض ردّات الفعل على المجازر المرعبة التي تظهر هنا أو هناك,  مما يعني أن أي تأخير في إسقاط النظام الأسدي أو تأجيل له سيكبد الشعب السوري أثمانا أغلى بكثير من فاتورته الراهنة, وهو ما يزيد من إصرار الشعب على مواصلة ثورته باتجاه النصر الأكيد.

وإذا كان النظام  يعوّل على الدعم الإيراني غير المحدود والفيتو الروسي الصيني في حمايته دوليا, فإنه يدرك أن 137 دولة عربية وأجنبية في العالم أخرجته من دائرة الشرعية التي يمكن لأي نظام أن يراهن عليها, وبات حلفاؤه أقرب إلى حالة اليأس من سياساته, مما يجعل لحظة تغيير الموقف الدولي وشيكة الحدوث, لكن الأهم برأينا هو العامل الداخلي حيث تتوالي تصدعات المؤسسة العسكرية وينفض عن النظام يوميا قطاعات أوسع من الشعب السوري, حتى لو لم تجرؤ على التعبير عن ذاتها بشكل واضح, ولم تعد مقولة العصابات المسلحة والسلفية تنطلي على أحد حتى من المقربين إليه, إضافة إلى الأزمة الاقتصادية المتسارعة, والتي تحيل إمبراطورية الأسد إلى كيان يتداعى في كل أركانه, بانتظار لحظة الانهيار.

كل المجازر التي يرتكبها النظام, وكل التخريب الذي يبتدعه أيضا في النسيج الاجتماعي السوري, تؤكد لنا ضرورة مواصلة العمل مع كل مكونات هذا الشعب العظيم, ومن خلال ثورته المباركة, لإسقاط هذه الطغمة الحاكمة بكل رموزها ومكوناتها, لإقامة دولة ديمقراطية مدنية تعددية تقوم على أسس المواطنة في العدل والمساواة والتداول السلمي للسلطة بين كل السوريين. دولة ديمقراطية علمانية تساهم عبر دستور عصري في صنع غد أفضل للجميع.

لنعمل جميعا من أجل توحيد صفوف المعارضة السورية.

لنعمل معا من أجل دحر النظام والظفر بالحريات العامة والكرامة الإنسانية.

لنبني سوية دولة المواطنة العلمانية والديمقراطية.

15/ 3 2012 “تيار مواطنة” 

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة