نحو حركة ديمقراطية اجتماعية سورية- تيار مواطنة

هل التفكير في طبيعة النظام السياسي المقبل في سورية ما بعد الثورة، والعمل من أجل تحقيق “نظام سياسي محدد” هو أمر سابق لأوانه؟ بالتأكيد، وبشكل طبيعي، هناك أكثر من إجابة على هذا السؤال. لكننا، نحن مجموعة “مواطَنة”، نرى أن ذلك راهن وملّح. صحيح أن الانشغال الأكبر والأهم حالياً ينصب على مهام “هدم” النظام القديم وليس على مهام “إعادة” بناء النظام الجديد. لكنَّ الفاصل الزمني بين مهام مرحلة “الهدم” ومهام مرحلة “البناء” في الثورة السورية، كما في كل الثورات، لا يُرسم بخط مستقيم كما يُقطع قالب الجبن بالسكين. فمهام المرحلتين متداخلة زمنياً وعملياً، والكثير من حصاد ما بعد نجاح الثورة هو من بذار ما قبل الثورة وخلالها.

لا شك أن الديمقراطيين السوريين، ونحن منهم، يعرفون “النظام السياسي” الذي يطمحون إليه ويرغبون في تحقيقه، فهل هم قادرون على بناء “نظام ديمقراطي” بعد الثورة؟ لا أحد يستطيع تقديم إجابة مؤكَّدة وقطعية على هذا السؤال منذ الآن. فالديمقراطيون يدعون إلى “عقد اجتماعي” لا يستثني أحداً أو يقصيه أو يهمشه، وهذا يعني أن “العقد الاجتماعي” سيضم قوى اجتماعية متناقضة المصالح مختلفة الانتماءات، أي قوي متصارعة إيديولوجياً وسياسياً وبرنامجياً. و”النظام الديمقراطي” لا يتوهم إمكانية إلغاء هذه الصراعات أو وقفها إنما تنظيمها ووضع الأسس والمبادئ لنقلها من صراعات في الميدان بكل ما تحمله من إمكانات عنفية إلى صراعات في المؤسسات وضبط “لاعنفيتها” ضمن القنوات الدستورية والقانونية.

وإذا كانت القوى الديمقراطية في سورية تعرف ماذا تريد فهي لا تعرف كم سيكون حجمها وثقلها في أول “جمعية تأسيسية” وأول “مجلس نيابي” بعد الثورة، أي لا تعرف إن كانت ستستطيع فرض “دستورها” وبناء نظامها السياسي الديمقراطي. وهذا يقتضي من الديمقراطيين السوريين تجميع قواهم وتنظيم صفوفهم ليشكلوا أقلية وازنة، إن لم يستطيعوا أن يكونوا أكثرية في الجمعية التأسيسية وفي المجلس النيابي لاحقاً. وهذه المهمة الملقاة على عاتق الديمقراطيين السوريين هي مهمة راهنة وعاجلة إن لم تكن متأخرة، وهي متأخرة بالتأكيد، وكما يقال: أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي. فالآن وليس غداً على الديمقراطيين في سورية تنسيق جهودهم وتجميع قواهم وتنظيم صفوفهم في أوسع وأعرض ائتلاف ممكن.

المطلوب إذاً هو قيام ائتلاف/تكتل/تجمع عريض سياسياً ومرن تنظيمياً يضم تجمعات أحزاب وأحزاباً ونقابات ومجموعات وأشخاصاً مستقلين. وهذا الائتلاف لا يلغي ولا ينفي الهوية السياسية والبرنامجية لكل من ينضم إليه، ويُكتفى بالتوافق على نقاط/عناوين محددة وقليلة وعريضة وتُترك البرامج التفصيلية لخدمتها لكل طرف من أطراف الائتلاف. ويمكن التعبير عن هذه الفكرة بلغة أخرى بأن هدف هذا الائتلاف يتلخص بالتنسيق الانتخابي بين أطرافه بما يضمن الحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد في الجمعية التأسيسية/المجلس النيابي وكل الهيئات التمثيلية الأخرى أولاً، والتنسيق لتشكيل أكبر تكتل نيابي/ وفي الهيئات التمثيلية الأخرى.

من كل ما تقدم نقترح على الديمقراطيين السوريين كافة، وفي أي موقع كانوا المبادرة الآنية للعمل على بناء “حركة ديمقراطية ـ اجتماعية” تتحدد لنفسها الأهداف التالية: ديمقراطية، علمانية، اقتصاد رأسمالي متطور، عدالة اجتماعية. دون الدخول في البرامج التفصيلية، ودون الدخول في الخط السياسي والفكري لمكوناتها. وهذه النقاط العريضة لا تتعارض مع مصالح أوسع الشرائح والطبقات الاجتماعية من الشرائح “البرجوازية غير الريعية/المافياوية إلى الطبقة الوسطى وحتى العمال والمزارعين والفقراء والعاطلين عن العمل.

دمشق 22/8/2011                           تيار مواطنة

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة