حول الائتلاف بعد القاهرة ومراكش- 19-12-2012

حول الائتلاف بعد القاهرة ومراكش

 ما زال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ضائعاً بين بنيته الضعيفة وصورته العريضة. وهو، في اجتماعه الأخير، في التاسع من هذا الشهر، أثبت ذلك من جديد.

كان مقرراً أن يجتمع الائتلاف في مراكش قبل مؤتمر أصقاء سوريا بيوم واحد، لكن رئاسة الائتلاف استبقت الموعد، ووجهت دعو لأعضائه للاجتماع قبل ذلك بيومين في القاهرة، لاختيار بقية أعضاء الهيئة السياسية وإقرار ترشيحات الحكومة المؤقتة، وبحث آخر التطورات.

في ذلك الاجتماع لم يحدث شيء من هذا، وتم التصديق على تسمية جورج صبرا، رئيس المجلس الوطني السوري، نائباً ثالثاً للرئيس… فقط. ويروي بعض حضور الاجتماع كيف كان عائماً غائماً، يكتنفه الملل وتغييب النصاب والنقاشات الجانبية غير الهادفة.

فما الذي حدث؟ وكيف التقت الرغبة الأمريكية الطارئة بتأجيل مسألة الحكومة قليلاً، مع الرغبة الأخرى- العارمة- لدى بعض أعضاء المجلس الوطني بتعطيل الحكومة والهيئة وغيرهما؟!

هنا لابد من التأكيد على بعض النقاط التي كادت تصبح بديهية وواجبة الحدوث: أولها أن معيار الموقف من أي ظاهرة أو مسألة هو مقدار ما تخدم عملية تسريع سقوط النظام وانتصار الثورة، وثانيها كون طول مدة الثورة ولو ساهم في تعميقها وتجذيرها، إلا أنه قد ساهم أيضاً في تفسّخ حالة الانقسام الاجتماعي، وزاد من خطر الفوضى والصراع الأهلي؛ وثالثها أن درجة الخراب قد أصبحت عبئاً هائلاً على سوريا المستقبل…

لذلك، للثورة أن تبلغ مداها، وتبقى الرقم الرئيس في فرض مسارها ومآلها، ولكنها تحتاج أيضاً إلى حشد الدعم والتأييد الإقليمي والدولي لها. وقد استطاع انبثاق الائتلاف الوطني رغم ما لحق به من ندوب ممانعة تأسيسه، أن بفتح باباً عريضاً، ليس إلى تمثيل الشعب والثورة وحسب- وهو الأساس-، بل أيضاً إلى الاعتراف الدولي العريض به كممثل للشعب السوري يزيح النظام من الصورة أكثر فأكثر..

ورغم ذلك كله، وما يتيحه من آمال للشعب المعذّب بانتهاء عذابه ومن ثم انتصاره، لم يكن هنالك من الصدى في اجتماع القاهرة إلا ما أخذته الريح. وإذا كان للرغبة الأمريكية بتأجيل انتخاب واختيار ما يتعلق بالحكومة مكان ودور في تعويق ذلك، فليس هنالك شيء كان له أن يمنع اختيار باقي أعضاء الهيئة السياسية، إلا الكسل والتواني وانعدام المسؤولية عند البعض.. وما توفر عند البعض الآخر من عداء لتطوير دور الائتلاف، وهم منه وفيه.

وإذا كانت هنالك مبالغات تصل حدوداً تبعث على التساؤل والاستغراب عند القوى الإقليمية والدولية حين تطالب بتوفير ضمانات وبدائل تمنع الفوضى أو الاحتراب الداخلي عند سقوط النظام وتحدّ منهما، فنحن أيضاً نريد لبلدنا وشعبنا أن يجتازا المنعطف بأكبر مقدار من الأمان، وينبغي لنا أن نعمل على توفير كل مستلزمات ذلك. كما أننا ندرك أن من متطلبات سقوط النظام انتهاء وجوده الشرعي قبل المادي، وتحويل هذه الشرعية والوجود المادي القوي إلى البديل القادم، وهو هنا الائتلاف والحكومة المؤقتة. وكل ما يقوم به معارضون في تعويق ذلك يقدم مبررات تشبه تلك التي قُدِّمت بعد الحرب العالمية الأولى لتبرير حاجتنا إلى” الانتداب”.

تتوفر كل الشروط ليعمل الائتلاف كأداة ممتازة لتحقيق مصلحة الثورة والشعب، وظهر ذلك في حجم الاعترافات الدولية به وبداية مؤشرات الدعم بالمال والسلاح في مراكش، وخصوصاً في اتساع دائرة تمثيله على الأرض وفي الداخل، وآخر أخبار ذلك صدور البيان المشترك بين قيادته وهيئة أركان الجيش الحر، الذي تم فيه” التأكيد على هدف إسقاط النظام بكل رموزه وتفكيك أجهزته الأمنية، وتمكين الشعب السوري من اتخاذ قراره الحر والدفاع عن نفسه، عبر إسقاط النظام وتسريع عملية تشكيل حكومة مؤقتة رفعاً للمعاناة التي يعيشها شعبنا.”

لعل نتائج هذا التواني والعرقلة من قبل بعض أولئك المعارضين كانت ستكون كارثية- أكثر- لولا نجاحات الثوار على الأرض، وفقدان النظام لأوراقه واحدة تلو الأخرى. الأمر الذي يوفر للائتلاف أسباب حياة لا يوفّرها لنفسه. ولكن ذلك لن يمنع معرفة المقصرين وفضيحتهم في اللحظة المناسبة.

تيار مواطنة 19/12/2012

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة