حول مفهوم الهويّة الوطنية – تقرير لنزار بعريني
في ندوة حواريّة بتاريخ ١/٩/٢٠٢١ ، بعنوان ، مفهوم الهويّة الوطنية ، ومعايير الإنتماء اليها ، بالمشاركة مع ” مركز شام للدراسات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا ” ، اتت في محورين، بمشاركة السادة الأفاضل –مع حفظ الألقاب– حازم نهار ، شورش درويش ، عصام دمشقي ، و يحيى العريضي، نتعرّف على وجهات نظر نخبويّة متباينة حول مفهوم الدولة الوطنيّة، ومقوّمات قيامها ، وحول معضلة التدخّل الخارجي في الصراع السياسي على حاضر و مستقبل سوريا .
المحور الأوّل :
مهّد الأستاذ كومان ، بطرح تساؤلات جوهرية حول ماهيّة الهويّة الوطنية ، أحاطت بالموضوع من جميع جوانبه .
(ما هي الهويّة الوطنية؟
▪︎هل المقصود بالوطن تلك البقعة التي رسمت حدودها الجغرافية إرادات الدول الخارجية؟
▪︎هل” الهويّة الوطنيّة “هي نتاج قسري مفروض ، أم نتاج طوعي ، لإرادة الشعوب الحرّة ؟
▪︎هل تُفرض الهويّة الوطنيّة من خلال الأكثرية العديدة، القوميّة ،أو الدينيّة ، لمكوّن ما؟
▪︎هل يمكن أن يكون للدولة سمة هوية وطنية ، كقومية أو دينية ؟
▪︎ما هي المعايير التي من خلالها يمكن التمييز بين السوري الوطني ، الساعي لبناء بلده، أو الذي يعمل وفقا لأجندات خارجية ؟
١ – الدكتور يحيى العريضي .
في سياق مداخلته القصيرة ، المعبّرة عن هموم وطن ممزق ، وشعب” مفتت “، ونخب قاصرة ، وقوى خارجيّة متربّصة،ونظام مستبّد ، ميّز الدكتور العريضي بين طريقتين، لمقاربة مفهوم الهوية الوطنية :
مفهوم المقاربة العاطفية الإنسانية ،
والآخر ، سياسي، تاريخي .
أ- يقول الدكتور :
عندما يأتي إلى خاطري فكرة الهوية الوطنية ، نتذكّر السماء ، النجاحات ،الإنكسارات، الأم ،الأهل، المدرسة، التراب ، الارث، التاريخ، السلام…كلّ هذه المفاهيم للهويّة … ..
ب- عندما ندخل في مواضيع لها علاقة بالحقل السياسي ، المتعلّق بمصائر الشعوب ، ومصالح الدول الموضوعية ، هنا نتحدّث ، تاريخيّا، عن منطقة لم يكن لها عنوان !
فعلى مدى قرون ،كنّا مجموعات تابعة” للبيت العالي” ، ثمّ عُهد بنا إلى جهات ، عبر” عصبة الامم” ، ، قسّمت المنطقة على أسس قومية ، أو أثنيّة ، تفتقد لكل العناصر التي تشكّل الدولة ، الأمّة . لم تتشكّل الكيانات السياسية ” الجديدة”، على أسس ، أو تراعي القضايا التي تشكّل ” الدولة الوطنيّة” ، التي يمكن أن يشعر منها المرء أن له هوية وطنية، وانتماء لدولة !!
حتّى بعض الميزات الأساسية شكّلتها تلك التجربة التاريخية والتي ننتمي اليها، لم تكن عناصر جامعة ، بل منفّرة ، تفتقد إلى كلّ العناصر التي تشكّل ، أو تقارب، مفهوم الهوية الوطنية. هناك افتقاد لكل الأسس والعناصرالمشكلة للدولة الوطنيّة، ، خاصة التي تشكل الدولة ،الامّة، مما أدى إلى فقدان مقومات الهوية الوطنية .
ت-
الأسس التي يمكن أن تلملم ما تبقى من وطن ، على أسس حقيقية ،هي ديمقراطية ؛ فيها قانون، وتنمية ، هي الشيء( المشروع ) الوحيد الذي يمكن أن ينجو من خلاله هذا البلد.
ث- هناك مظلوميات، لها مواجع!
نحن بلد مبعثر، و جهة خارجية تتحكّم بالسلطة المركزية القائمة ، و تمنع عودة هذا البلدإلى الحياة .
هنا تكمن المسؤولية ،المترتّبة على عاتق النخبة المثقّفة، في أن تزرع عملية المعرفة، من اجل إنقاذ البلد .
٢- الإستاذ عصام دمشقي،
أ-جذور المشكلة تاريخي ، جسدتها أولويات القوى المسيطرة ، القوميّة ، الغير مهتمّة بمقومات الدولة الوطنيّة ، بدءا بالثورة العربية الكبرى ، والشريف حسين، مرورا بالإستعمار الفرنسي، وخلال حكم الأنظمة ” الوطنية “، التي ” لم تكن قادرة على إنشاء” دولة الامّة” .تفاقمت المشكلة مع حكم دولة البعث، الذي ألغى فكرة الوطن، لصالح مفهوم الدولة القومية .
ب- “مفهوم الدولة، الأمّة هو الأساس. لكنها قضيّة إشكالية، في تناقضها مع القومية، والدين ..”
،الدولة الأمة.
ليس سهلاً عمليا .في تداخل الانتماءات القومية والدينية!
….. لدينا
مشكلة هي في صراع الإنتماءات !
بسبب تعقيدات الحرب ،طلعت إشكالات جديدة بين الإنتماءات . تغعّلت، إشكالات جديدة بين الإنتماءات المتعددة .
كانت الإنتماءات مكبوتة بسبب الاستبداد ، لكن حتى الاستبداد قد يكون عنده مشروع بناء مؤسسات الدولة. عندنا لم يكن للاستبداد مشروع ..
ت- “حلّ الإشكالية هو بناء دولة على اساس الوطنية السورية ، لا تتعارض مع الإنتماءات القومية ، وغيرها” .
ث-
“نعيد بناء الدولة السورية على اساس دولة المواطنة .تكون فيها مؤسسات، وتداول السلطة ، وحريات ..”.
تفاؤل مشروط :
الوضع الدولي والإقليمي لا يسمح إلا أن تكون سوريا كيان لهوية جديدة .
الأساس الموضوعي موجود، الصراعات على الطائفية وصلت لطريق مسدود .
دوليا لا يوجد مشاريع لتقسيم سوريا .
انا متفائل ان نبني مفهوم الهوية على اساس دولة المواطنة ،
٣- الأستاذ شورش درويش :
اكّد الأستاذ شورش على أهمّية مقاربة القضيّة في إطار السياق التاريخي .
في الحديث عن ” مسألة الهوية الوطنية، يجب أن نقف قليلا على التاريخ” .
……مسألة الدولة الأمّة…..
▪︎ …. عندما وصل الاتحاديون، عملوا على قيام نموذج الدولة الأمّة في تركيا ، ترافق ذلك مع إشكالات ، ومصاعب ، …..فكرة نهوض قومي ، عربي كوردي.
▪︎ …..حاول الشريف حسين جعل الدولة السورية ١٩٢٣، أمة.
▪︎مع فرنسا، اتبعت سياسات “فرّق، تسد!!
▪︎ في مرحلة الانقلابات، غابت عنها مفهوم الدولة.
الافتراق الأول، كان في التشريع الإسلامي ، والدستور القومي ، الذي اعتبر
الدولة القطرية ، عربة في قطار الأمّة، القوميّة ، فلم يعترف بكيان سوريا.
▪︎مسألة الدولة الامّة ، جعل من الاثنيات تعاني .
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎
المحور الثاني ،
أوّلا،
في القسم الاوّل من هذا المحور ، السؤال الأساسي الذي دارت حوله مداخلات الضيوف الأكارم تمحور حول إمكانية أن يشكّل قيام ” الدولة الوطنية ” أداة، وطريقاً ،لإنقاذ سوريا .
هل ترى أن إنقاذ سوريا يكمن في الدولة الوطنية ؟
هل امتلاك مقومات مشروع وطني ، ديمقراطي يمكن أن ينقذ سوريا ؟
١- الدكتور يحيى العريضي.
الأسس التي يمكن أن تلملم ما تبقى من وطن ، على أسس حقيقية ،هي ديمقراطية ؛ فيها قانون، وتنمية ، هي الشيء( المشروع ) الوحيد الذي يمكن أن ينجو من خلاله هذا البلد.
٢– الأستاذ عصام دمشقي :
الأقليات القوميّة ، يتضمن حق تقرير المصير ، وحتى الانفصال ،كما تؤكّد قرارات الأمم المتحدة ، لكنّه مع قيام دولة وطنية ، وما تنجزه ، هل هو كاف لتلبية حقوق الأكراد؟
الفدرالية ،لا تتعارض مع وجود دولة وطنية ،
ولكنها تتعارض أيضا مع حق تقرير المصير .
اذا عملنا انتخابات وصراعات، ونجحت في الانتخابات قوى إسلامية، تريد دولة إسلامية.
حلّ هذه الصراعات يجب أن يكون ..
قانون الأحوال الشخصية، هل يقبلوا فيه ؟
صيرورة بناء دولة المواطنة ليست بسيطة.
٣-الأستاذ شورش درويش :
السعي إلى دولة المواطنة، لا يخلو من الإشكاليات ، وسوء الفهم لدى بعض النخب ! الجميع يراها على مقاسه، القومي العربي، أو الإسلامي ( العرب والمسلمين ).
يجب ان نوضّح :
لا نعني بدولة المواطنة وجود أكثرية قومية أو دينية تستأثر بالحكم .
تضمين حقوق الأقليات هو شرط لبناء هوية وطنية .
النموذج الأفضل هو الحديث عن فكرة الإندماج ، وليس التعايش !
” الاندماج ”
هو أن نتحدّث عن رابطة قانونية ، عقد إجتماعي ، يتنازل فيه الكل للكل ، من اجل بناء هوية وطنية . !
مسألة الهوية الوطنية هي في المحصلة رابطة قانونية.
للوصول إلى دولة، نتخلّص بها من الدولة السلطانية ، نحتاج إلى الحوارات ، يساعد مسألة البحث ، لمعرفة كيف أتنازل للآخر !
ثانيا ،
تمحورت مداخلات القسم الثاني حول سؤال الأستاذ كومان حسين :
” كيف تستطيع القوى ، أو الشخصيات الديمقراطية الوطنية الخطوَ نحو ايجاد جامع يستطيعون من خلاله العمل من اجل سوريا ، وتجاوز هذه النمطية اللا ديمقراطية السائدة؟
ما هي الخطوة الأولى؟ كيف نستطيع ،و بماذا نبدأ ؟
١- الدكتور يحيى العريضي:
ليست مسألة نخبة فقط، يبقى دورها محدودا.
الدول الكبرى ، القضية السورية بجوهرها ، والتدخلات الخارجيّة !
انا كبلد اريد ان انهض تحت سقف المواطنة .
ثمّة منظومة إستبدادية، قدّمت خدمات ، لايريدون الإستغناء عنها .
استعادة الثقة من بين يدينا.
٢- الأستاذ عصام دمشقي:
صيرورة بناء الدولة الوطنية معقّدة، ولكن لابد من أن نبدأ. في النهاية، ثمّة توازن مصالح ، داخلية وخارجية ، عبر محطّات ، وصراعات .
صعوبات ، عندما تبدأ الصيرورة.
لكن يجب أن نبدأ؟
كيف نبدأ ؟
لمّا يبدأ هذا التغيير ،بتوافق دولي، وظيفتها(النخب) أن تسعى إلى تلوين الهوية القادمة، بما ينسجم مع مفهوم المواطنة .
مالم تبدأ الحركة السياسية بالتغيير .
القوى السياسية الناضجة ، هي التي تفرض تغيير الموقف الدولي.
٣- الأستاذ شورش درويش .
كيفية التقاء النخب ، كسر احتكار التمثيل.
كسر احتكار التمويلات ،. صعوبة وجود بيئة مناسبة . الإعتراف بالآخر :
معارضة في شمال شرق سوريا ، لا تعترف بها المعارضات الأخرى.
ليس أمامنا، إلا العمل معا،
هناك تعتيم، كلّ مَنْ لا يمالىء مشروعا اقليميا، يُتّهم …. .
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎
ملاحظات و استنتاجات :
١- في طرح الدكتور يحيى العريضي.
اعتقد انّ ما ميّز طرح الدكتور يحيى العريضي، بالإضافة إلى توافقه مع طروحات الزملاء حول الأهمية الحاسمة لدور ” الدول الديمقراطيّة ” ، وإدراكه إلى أهمية بناء جسم نخبوي ،واعٍ ، ومثقّف ، ومنظّم ، هو التذكير بخطر تجاهل ، أو عدم إعطاء ” الخطر الخارجي ” ، الاهميّة التي يستحقها ، في جهد النخب التوعوي، الثقافي ، بما يؤكّد على ضرورة ربط الجانب الثقافي ، في نضال النخب الديمقراطية، بواقع سياسي ،سوري ، محدد، يتعلّق بطبيعة السلطة القائمة ، وعلاقاتها بقوى الخارج .
أوجز وجهة نظره بكلمات قليلة ، لكنّها كافية لتوضيح ما يريد :
“نحن بلد مبعثر، و جهة خارجية تتحكّم بالسلطة المركزية القائمة ، و تمنع عودةهذا البلدإلى الحياة”. ” سلطة ادّت خدمات لجميع القوى الخارجية، ولا يريدون لها التغيير “!
” هنا تكمن المسؤولية ،المترتّبة على عاتق النخبة المثقّفة، في أن تزرع عملية المعرفة، من اجل إنقاذ البلد “.
ثالثا،
٢-في طرح الأستاذ عصام دمشقي :
عند التدقيق في تفاصيل طرح الإستاذ عصام دمشقي، لا يجد القارىء ، والمستمع ، صعوبة في إكتشاف نقطتين أساسيتين:
١- بخلاف رؤية الدكتور يحيى العريضي ، لا يجد الأستاذ عصام مشكلة بطبيعة تحالفات النظام مع القوى الخارجيّة . بل يذهب في عدم رؤيته إلى حقيقة عدم وجود مصلحة لأي طرف خارجي ، إقليمي أو دولي ، بتغيير السلطة القائمة، أو حتّى دفعها على مسار التغيير الديمقراطي، بالتعويل على موقف خارجي داعم . يقول الأستاذ عصام :
” الوضع الدولي والإقليمي لا يسمح إلا أن تكون سوريا كيان لهوية جديدة ” .
” …دوليا لا يوجد مشاريع لتقسيم سوريا” .
بناءً على هذه الرؤية يعتقد بأن الدور الحقيقي للنخب يبدأ عندما يحدث توافق دولي على المرحلة الجديدة.
يبدو جليّا تناقض هذه الرؤية لأبسط حقائق الواقع الموضوعي السوري، التي تظهر تصارع ” الوضع الدولي والإقليمي ” لتقاسم سوريا ، وتوزيعها إلى مناطق نفوذ وحصص، كما في رفض الجميع إمكانية حدوث تغيير ديمقراطي سلمي للسلطة، عبر تهميش قرارات مجلس الأمن الدولي، خاصّة ، ٢٢٥٤ ، ودعم مسار آستنة ، سوتشي، اللجنة الدستورية !!
٢- في موضوع الندوة الرئيسي ، حول مقومات ” الهويّة الوطنية ” ، يعتقد أن قيام الدولة الوطنية لن يكون كافيا لحلّ جميع الإشكالات ، وتجاوز العقبات التي تواجه تشكيل هويّة وطنيّة . يعتقد الأستاذ عصام أن اهمّ الإشكالات التي تواجه قيام الدولة الوطنية هي تعارضها مع حق تقرير المصير للكرد السوريين، الذي تضمنه قرارات الأمم المتحدة.
يحدد الأستاذ عصام ثلاث انواع من العقبات التي تعترض سيرورة بناء الدولة الوطنية :
١- إذا كانت قرارات الأمم المتحدة تضمن
للأقليات القوميّة حق تقرير المصير، بما فيها الأنفصال، وتشكيل دولة مستقلّة ، فإن هذا الحق يتناقض مع مفهوم الدولة الوطنيّة ، وبالتالي فهي عاجزة عن تلبية حقوق الأكراد.
” الأقليات القوميّة ، يتضمن حق تقرير المصير ، وحتى الانفصال، لكنّه مع قيام دولة وطنية ، وما تقدّمه ،…
هل هذا كافي لتلبية حقوق الأكراد؟ ”
٢- الشكلّ الفدرالي للدولة الديمقراطية ، الذي يمكن أن تحققه الدولة الوطنية، يتعارض مع حق تقرير المصير!
٣- القانون المدني !
” اذا عملنا انتخابات وصراعات، ونجحت قوى إسلامية،…فهل يقبلوا
بقانون الأحوال الشخصية، الذي تحتاجه الدولة الوطنية ؟
٣- في طرح الأستاذ شورش درويش :
في موقفه من الدولة الوطنية ، يتفق الأستاذ شورش مع طرح الإستاذ عصام دمشقي، حول عجز الدولة الوطنية عن تلبية كامل حقوق الأقليات القومية، خاصّة ، في تقرير المصير، والانفصال .
خلاصة ما يقوله الإستاذ شورش :
تضمين حقوق الأقليات هو شرط لبناء هوية وطنية .
الدولة الوطنية العمومية ، لا تستطيع أن تلبّي حقوق الكرد في حقق تقرير المصير، كما اكّد عليه ،” لينين” .
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎
نعم ،…….ولكن……..
في خلاصة القول،
إيمانا بواقعيّة ” الخيار الديمقراطي “،أوّلا ؛ كأفضل مسار موضوعي ، ممكن، لبناء مؤسسات الدولة ” العموميّة “، من أجل تغيير الواقع الحالي،والحفاظ على مكوّنات الدولة السورية التي تشكّلت بعد حدوث الإستقلال السياسي ، بحدودها الجغرافية، ومكوّناتها الشعبيّة؛ و بأهميّة دور الكرد السوريين الحاسم في تشكيل رافعة تغيير وطنية ،سوريّة، ديمقراطية، ثانيا ؛ على طريق النضال التاريخي، المعقّد ، لخروج” سوريا” الموحّدة ( الوطن النهائي لجميع السوريين )، من نفق الاستبداد المظلم ، والسير على طريق تعافي جميع السوريين من جروح ” المظلوميات ” التاريخيّة التي جرّتها عليهم جميعاً صيرورة فشل ، أو تفشيل ، قيام دولة القانون الديمقراطية الوطنية الحديثة؛ وبحق جميع السوريين ، وأهليتهم ، لبناء أسس، ومقومات دولة العدالة والمساواة الحقيقيّة، ثالثا ، أود أن أعرض وجهة نظر ، من الطبيعي أن لاتروق لبعض نخب المعارضات السورية!
أعتقد شخصيّا ، أن الموافقة المشروطة التي عبّرت عنها طروحات الأستاذين عصام دمشقي، وشورش درويش ، تتقاطع مع رؤية مشتركة لمعظم القوى ” الديمقراطية الكرديّة ” التي تعترف نظريا بضرورة ، وأولويّة ، وواقعيّة ، مسار التغيير الديمقراطي، وبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الوطنية؛ كخيار تاريخي للخروج بسوريا مما أوصلها إليه الفشل التاريخي في بناء نظام ديمقراطي تعددي حقيقي؛ لكنّها تقف عند ” تقرير المصير” ، كشرط مسبق ، للموافقة على تبنيه ؛ لتعود عمليا إلى موقع القوى ” الإنفصالية” التي وجدت بحراك السوريين، وما نتج عنه من غياب سلطة الدولة ، أو تغييبها، فرصة من أجل بناء مقدمات ” تقرير المصير ” ، حتّى عبر الإعتماد على ” دعم ” قوى الخارج ، الإقليمية والدولية، المعادية لأهداف المشروع الديمقراطي لشعوب المنطقة، والشعب السوري، وفي مقدمتهم ” الكرد “، والساعي لتحويل السوريين إلى أدوات لتحقيق أهداف مشاريعه التوسّعيّة !
عندما نقول أن الحلّ في سوريا هو في إقامة الدولة الديمقراطية الوطنية، التي تقوم على أساس انتقال سياسي ، سلمي للسلطة، ودستور عادل ، يساوي بين السوريين بالحقوق ، والواجبات ، بغضّ النظر عن الإنتماءات السابقة على قيام الدولة السياسية ، الإثني، أو الديني أو القومي ، ألا يعني ذلك نظريّا ، وفي الممارسة ، الاعتراف بحقوق متساوية للجميع ؟ فأذا كان من حق الكرد ممارسة مبدأ تقرير المصير ( إنسجاما مع رأي “لينين “، ” المفصول عن سياقه التاريخي ” ، والغير مناسب للوضع السوري ، ولسياقه الراهن !)، وصولا إلى ” الإنفصال ” ، فمالذي يمنع هذا الحق عن بقيّة القوميات ، وماذا سيبقى من سوريا ، عندئذ ، التي يعترف الجميع بوحدتها ، وديمقراطيتها ؟
أليس في هذا الخيار كارثة حقيقية، على الكرد ، اوّلا ، وعلى عموم السوريين !! ( لنتذكّر ما لحق بالكرد من أضرار هذا النهج ، في إيران وتركيا والعراق !)
عندها ، يستطيع اتباع جميع القوميات الأخرى ” الإنفصال ” ألا يُصبح” النظام الديمقراطي” العتيد ؛ الذي نرى فيه طريقاً لبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الوطنية السورية الحديثة، ومقومات مشروع وطني ديمقراطي، حضاري، يضمن حياة حرّة ، كريمة لجميع السوريين؛ مجرّد مسرحية ” تراجيديّة “، لتفكيك سوريا، وجعلها جمهوريات موز ،وبيئة آمنة لتحقيق أهداف المشاريع الإقليمية ، في نسخة أكثر بؤساً من ” البيروسترويكا ” الغورباتشوفيّة ، سيئة السمعة!!
لنتساءل بصدق، وموضوعيّة :
في ظل اهداف المشاريع الإقليمية والدولية التي تتربص بسوريا تاريخيّا ، وراهنا ، هل تملك ” مسد ” اليوم فرصة لبناء مقومات ” حق تقرير المصير ” ؟
أليست فرصة بناء مقومات المشروع الديمقراطي، في سياق صيرورة قيام الدولة السورية الديمقراطية العادلة، هي أكبر بكثير عندما تصب نضالات جميع السوريين، وفي مقدمتها الكرد، في إطار بناء دولة القانون الديمقراطية الوطنية السورية؟
هل حقّا يضمن ” حق تقرير المصير ” الذي تضعه “القوى الديمقراطية” الكرديّة ، في رأس أولوياتها، تحقيق أهدافها من أجل رفع ” المظلوميّة ” التاريخية عن الكرد؟
وهل اقتصرت آثار المظلوميّة تلك على الكرد، أم طالت ، بدرجات متفاوتة ، جميع مكونات المجتمع السوري ، والتي تعود أسبابها الموضوعية إلى فشل تاريخي في بناء مؤسسات الدولة السياسية الوطنية الديمقراطية ،وليس لأسباب تتعلّق بظلم قوميات أخرى !؟
أليس هذا الإعتراف” المشروط” هو ” حقّ ،يُراد به باطل “؟!!
الديمقراطيّة ،والعدالة والمساواة والسلام، لجميع السوريين ، والحياة لسوريا الجديدة، الدولة الديمقراطية الوطنية الحديثة، العادلة !
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎
نزار بعريني .
ايلول ، ٢٠٢١ .