في نقد الفكر السياسي النخبوي المعارض – نزار البعريني
تَروج آراء بين عامّة السوريين، والنخب السياسيّة والثقافيّة السوريّة، على حد سواء ، وصلت إلى درجة البديهيات ، يرددها البعض دون تفكير ، ويأخذها آخرون بِلا تأمّل ، يتحدّث بعضها عن ” سنوات تمضي، والعالم يتفرّج على معاناة السوريين ، دون أن يحرّك ساكنا “، ويعزو” إنسداد افق الحل السياسي لوجود تناقض بين سياسات واشنطن وموسكو تجاه قضيّة الصراع المركزية ، الأنتقال السياسي”، ويؤكّد بعضها الآخر ” إنّ استمرار معاناة السوريين ومثابرة سلطة الطغمة في قضم المناطق واستعادة سيطرتها على جزء كبير من الجغرافيا السورية ، مع تراجع فرص انتصار ارادة التغيير بالمدى القريب” يعود ليس فقط إلى” تماسك موقف حلفاء السلطة المحليين والاقليميين والدوليين وانخراطهم الحاسم وراء خيار السلطة الأمني المتوحش منذ ٢٠١٢ وحتى اليوم ” بل ، علاوة على ذلك، إلى ” تردد وضعف موقف الحلف الغربي –لاسيما الأمريكي، الذي مازال الأقرب لقضيتنا، على الرغم من الخذلان النسبي الذي عانيناه منذ 2011 وحتى الآن“.(١).
يبدو لي أنّ اطروحات “ العالم المتفرّج “، و ” تناقض سياسات الولايات المتحدّة وروسيا “(٢) ” و “ تردد وضعف” الموقف الغربي (اوروبّا الديمقراطية )، “وخذلان” الولايات المتحدّة ” لقضايا السوريين العادلة ، وعدم اتخاذها لموقف حازم من الصراع ، كما فعل ” حلفاء النظام ” ، هي تعبيرات مختلفة عن وعي سياسيّ واحد ، نجحت في ترويج افكاره بين السوريين جهود دعاية أمريكية / روسية ، استهدفت ، طيلة سنوات العشر العجاف صناعة وعي سياسي مُضلل ، يُبعد السوريين عن حقائق الصراع ، يعمّق عوامل تمزيق وحدة الصف الوطني المعارض، ويزيد ضعف ثقلهم السياسي في موازينه ! (٣).
فموقف ” العالم“، او” المجتمع الدولي” ،” المتفرّج” هو في نهاية التحليل ،موقف الولايات المتحدّة الأمريكية وشركائها الأوربيين” “المتردد والضعيف” ، وهو ذاته، الذي” خذل” السوريين ، بعجزه عن حلّ التناقض مع الموقف الروسي، الحامي لسلطة النظام وقائد حروبها ، لصالح قضيّة السوريين المركزية ، انتقال سياسي وتحوّل ديمقراطي ، كما نادى بها القرار ٢٢٥٤ ، ويفسّر استمرار انسداد افق الحل السياسي !!
دعونا نتساءل :
ماذا يعني ، في التحليل العلمي ، الموضوعي ،وبلغة المصالح والسياسات الدوليّة ، القول ” ب“خذلان ” الولايات المتحدّة لقضيّة الشعب السوري ؟
إذا اخذنا بعين الإعتبار أنّ قضيّة السوريين المركزيّة ، التي خذلتها سياسات الولايات المتحدة ، هي مسألة الإنتقال السياسي ، اوّلا ، والتحوّل الديمقراطي ، ثانيا ، فإنّ” خذلان ” الولايات المتحدة في تقديم ما يكفي من الدعم لإنتصار اهداف ” قضيّة الشعب السوري ” ، بالمقارنة مع ما قدّم الروس لإنتصار ” قضيّة النظام ” ( الاحتفاظ بالسلطة ، وإعادة التأهيل)، يمكن تفسيره،موضوعيّا، في لغة المصالح والسياسات التي تعبّر عنها ، في احد الإحتمالات التالية :
أ– ليس للولايات المتحدّة مصلحة في دفع قضية الشعب السوري إلى مرحلة الانتصار التاريخي ، سواء على مستوى مرحلته الاولى ، على الأقل ، على الطريقة المصرية ، بحدوث انتقال سياسي ، او في إنجاز تحوّل ديمقراطي ؛ وقد تصرّف المسؤولون الأمريكان بما يخدم مصالح بلادهم !
ب– للولايات المتحدة الأمريكية مصلحة في إنتصار “قضيّة الشعب السوري” ، في تحقيق كلا الهدفين، الإنتقال السياسي والتحول الديمقراطي، او الأوّل ، على الاقل ، لكنّ ما حصل من ”ضعف” لم يكن بسبب توافقه مع سياسات الولايات المتّحدةالإستراتيجيّة ( وهي الدولة الديمقراطية العظمى، والدعم الاوّل للتحوّلات الديمقراطية في العالم !) ، بل بسبب سياسات خاصّة برجالات الإدارة أنفسهم ، اخطأت في تقدير أولويات مصالح الولايات المتحدّة، خلال حقبة الربيع العربي ، طيلة السنوات العشر الماضية؛ فسّرتها ، وبرّرتها ، ابواق” الدعاية الأمريكيّة” بحصول “تراخي استراتيجي” او “انسحاب أمريكي ” ، استغلّه “الروس” بالقفز إلى المنطقة، من البوابة السوريّة، وعلى طريقة ” القط والفأر “المعروفة!!
ت– ما حصل من “تقصير ” أمريكي سببه ظهور متغيّرات جديدة على مستوى النظام الرأسمالي العالمي ، ( الذي تشكّل بعد إنهيار ” المنظومة السوفياتية ” السياسية والعسكرية، و أدّى حينها، خلال تسعينات القرن الماضي ، وحتّى فترة غزو العراق والسيطرة العسكرية الكاملة للولايات المتّحدة على كامل منطقتنا )، ادّت إلى تراجع موقع الولايات المتحدّة إلى المرتبة الثانية ، أو ، تحوّل القطبية الواحدة الأمريكيّة ، إلى اثنتين ، أمام صعود ” روسي / صيني “، وبما يُعيد مناخات ” الحرب الباردة “وهو ما يفسّر” التناقض” الروسي/ الأمريكي تجاه قضيّة الشعب السوري !(٤).
إذا وضعنا ” ترّهات ” التفسير الأخير ، الذي روّجت له دعاية أمريكية روسية مشتركة، ( الانسحاب الأمريكي ، وحرب باردة جديدة، كما تؤّكد نظرية ” المقاومة ” التي تضع انظمتها ، في إطار تحالف عالمي ، تقوده روسيا والصين ، في مواجهة الولايات المتحدّة!!)، أعتقد أن نقطة الخلل البنيوي القاتلة في الوعي السياسي النخبوي المعارض ،الديمقراطي والإسلامي ، على حدّ سواء ، هي الإعتقاد بوجود مصلحة للولايات المتّحدة بانتصار قضيّة الشعب السوري، وأنّ ما حدث لم يكن سوى ” تقصير ” او “سوء تقدير” عند الساسة الأمريكان ، وانّه بالتالي ، ليس على ” النخب السياسيّة والثقافيّة السوريّة المعارضة ” سوى الأمل ، والانتظار ، بان يصحح الساسة الأمريكان مواقفهم ، ويعوا أن مصلحتهم هي في دعم قضيّة السوريين، عبر تنفيذ القرار ٢٢٥٤ ، وبناء ، عليه ، يستمر التعويل النخبوي على دعم امريكي ، خاصّة من خلال الضغط لتنفيذ” مسار جنيف للحل السياسي ” !
على قاعدة ذاك الخلل البنيوي في الوعي السياسي النخبوي المعارض ، وعلى أرضيّته “المثالية “، تنبت قناعات سياسية نخبوية، تقول ببداهة وجود ذاك التناقض بين سياسات واشنطن وموسكو تجاه قضايا الصراع الأساسيّة في سوريا؛ خاصة، حول مسألة “مصير سلطة ” النظام ورئيسها ؛ وبما يضع الولايات المتحدّة في خندق “أنصار” الحل السياسي الأممي” ، و مراحل ” الإنتقال السياسي“، والتحوّل الديمقراطي؛ طالما “تفاخر” روسيا بانحيازها لهدف عدم تغيير السلطة ”، ويستمرّ، هذا الوعي نفسه، باتهامها بالسعي، والإصرار على تفشيل هذا المسار العتيد ، بينما يرى في جهود الولايات المتحدّة، الضاغطة، على روسيا، بارقة امل بتوافق الدولتين ، بما يؤدّي إلى تطبيق القرار ٢٢٥٤، الذي يدعو إلى انتقال سياسي، وتحوّل ديمقراطي .
شخصيّا ، اعتقد بعدم موضوعية التحليل، وما يصل إليه من استنتاجات، ويطرحه من رؤية لطبيعة المرحلة الراهنة من الصراع، عندما يُبنى على فرضية وجود تناقض بين سياسات واشنطن وموسكو حول القضيّة الجوهرية في الصراع؛ مسألة الأنتقال السياسي، وإنّ سياسات الولايات المتحدّة، التي سمحت بانتصار الخيار العسكري الروسي، وتحقق اهداف حماية السلطة، ومنع تنفيذ ٢٢٥٤، وما سببته من “خذلان”، لم تكن تجسيدا لمصالح أستراتيجية، رسمت سياسات الولايات المتحدّة الإقليمية طيلة سنوات “الحرب الباردة” وحتى تاريخه !!
بخلاف ذلك ، أعتقد أنّ ما حصل لم يكن سوى النتيجة الطبيعية لتوافق مصالح الدولتين حول عدم حدوث تغيير سياسي، وسعيهما المشترك للحفاظ على السلطة القائمة، كما تبيّن جميع احداث السياق التاريخي للصراع، على الاقل الممتدّ منذ ربيع ٢٠١١ .
اعتقد ايضا أنّ هذه الرؤى، بجميع تمظهراتها، تتناقض مع مبادىء التحليل العلمي، وحقائق الصراع الموضوعية ،( التي تقول بقيادة الولايات المتحدّة، ودعمها المطلق لخيارات الروس والايرانيين منذ اللحظات الأولى لتفجّر الحراك الشعبي السلمي، لتعارض مصالحها مع قضيّة الشعب السوري، ومع مسارات التغيير السياسي، الديمقراطي)، هي احد اسباب تفتيت المعارضة ، سواء بين فصيليها الرئيسيين ،” الإسلامي” والديمقراطي “، او داخل صفوف “الخندق الديمقراطي“؛ لأنّ الجميع يبني وعيه السياسي، ورؤيته لمآلات الصراع، على أساس وجود تناقض رئيسي أمريكي / روسي ، سيؤّدي ، في مرحلة قادمة، إلى فرض حلّ أمريكي؛ ويتسابق للحصول على مكان ما، او دعم ما، على مائدة الحل السياسي الأمريكي الموعود، والذي لن يطول انتظاره ، عندما ” يصحح” الأمريكيون سياساتهم، وهو ما تعمل عليه قوى المعارضة، خاصّة، ” اللوبّيات الأمريكية / السورية” في “واشنطن” ؟!
هل يرتقي الوعي السياسي النخبوي المعارض، الديمقراطي، بشكل خاص، إلى مستوى الحقائق الموضوعية، وسياق الصراع التاريخي في المنطقة عموما، وعلى سوريا، خصوصا، التي تؤكّد عداء الولايات المتحدّة و“روسيا“، بالطبع، لقوى واهداف التحوّل السياسي، والتغيير الديمقراطي، وحمايتها لشتّى اشكال سلطات الاستبداد، بنموذجيها “السعودي” و” الناصري / البعثي “، بل ووصول علاقاتها التشاركية مع النظام الإيراني، التي بدأت قبل احتلال العراق والسيطرة المشتركة عليه، إلى حالة التحالف الإستراتيجي في مرحلة الصراع على سوريا، وما ترتّبه هذه الحقائق على صعيد الوعي السياسي، والممارسة، في نضال السوريين ونخبهم التاريخي؟
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎◇ ▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎ ◇ ▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎
(١)
جاء في ” بيان اندماج بين تيار مواطنة ومجموعة نواة وطن” ، في ٢٩/١٢/٢٠٢١ :
“١٥- ندرك أن استمرار معاناة السوريين ومثابرة سلطة الطغمة في قضم المناطق واستعادة سيطرتها على جزء كبير من الجغرافيا السورية مع تراجع فرص انتصار ارادة التغيير بالمدى القريب يعود -فضلا عن الأسباب التي جئنا على ذكرها- الى تماسك موقف حلفاء السلطة المحليين والاقليميين والدوليين وانخراطهم الحاسم وراء خيار السلطة الأمني المتوحش منذ ٢٠١٢ وحتى اليوم، مع تردد وضعف موقف الحلف الغربي –لاسيما الأمريكي، الذي مازال الأقرب لقضيتنا، على الرغم من الخذلان النسبي الذي عانيناه منذ 2011 وحتى الآن..”.
(٢)-
يعتقد صديقنا الأستاذ “رِزان شيخ موس” في مقاله ” التشاؤمي ” على صفحات موقع ” تيّار مواطنة ” ، بعنوان “اللوحة السورية القاتمة والمجتمع الدولي ” ، بتاريخ ٤ ك١ ،٢٠٢١ ، أنّ السبب الاساسي ،( إذا أضفنا لمسؤولية النظام وطبيعة سلطته ، وعدم إمكانية إصلاحها ، العامل الخارجي )، لعدم حصول ” تقدّم نحو إيجاد حل سياسي حاسم ينهي هذه المقتلة السورية “، هو وجود ” …فجوة كبيرة بين اللاعبين الرئيسيين الدوليين والإقليميين في سوريا لتنفيذ بنود القرار الدولي ٢٢٥٤ “ !
ببدو واضحا التأكيد في هذا المقتبس الموجز من تحليل الصديق على العلاقة الوثيقة بين عدم تنفيذ قرارات مجلس الأمن وتقدّم خطوات ” حل سياسي “، وبين صراعات” قطبيه” الرئيسيين، الولايات المتحدّة وروسيا ، وبما يترك انطباعا قويّا لدى القارئ بإمكانية خروجنا من الحالة الكارثية فقط عبر “توافق” سياسات الدولتين حول طبيعة الحل السياسي،” المؤجّل”؛ ولإنّ هذا التوافق غير وارد في المدى المنظور ، يدخل الصراع على سوريا في نفق مظلم ،و ونفهم أسباب” قتامة اللوحة السورية” !
تتقاطع هذه الفكرة مع ” أمل ” النخب المعارضة ، بأن يغيّر الأمريكان سياساتهم تجاه قضيّة الصراع المركزية ، ويفرضوا على الروس تنفيذ القرار٢٢٥٤، بما يحلّ مسالة التناقض لصالح تنفيذ القرار الدولي ، وما ينتج عنه ، ويرافقه ، من زول اسباب الكارثة ، إحلال السلام ، والإستقرار في بلادنا ، وعبر “مشاركة”النخب”؛ خاصة “المعارضة الديمقراطية ” ، التي تدعمها ” أمريكا ” !
(٣)-
هي “دعاية” امريكيّة/ روسيّة ، تتقاطع في اهدافها ، رغم تناقضها الظاهري ، شغّلت ماكينة تضليل اعلامية وسياسية ضخمة ، ساهم في التبويق لها قادة سياسيون ومثقّفون على مستوى الصف الاوّل ، محليّا وإقليميا وإمبرياليا ، سعت لإخفاء الحقائق ، وتضليل السوريين ، وتحفيز ارتهان النخب السياسيّة والثقافيّة السورية !
في سياق تحقيق اهداف الخيار العسكري ، تمظهرت الدعاية الأمريكيّة الروسية في شكلين رئيسين ، تكاملت فيهما الاهداف ، رغم التناقض الشكلي المخادع :
١- دعاية “نظرية المؤامرة الكونية” ، التي تروّج لها ابواق المحور الروسي، المقاوم، والنخب المرتبطة بها ، وتؤكّد على صراع القطبين الروسي / الإمريكي ، وتخفي طبيعة الصراع السياسي، كصراع ديمقراطي إصلاحي ، في مواجهة سلطات انظمة الإستبداد وشركائها ، ليصبح الإرهاب والحرب ضدّه، هي السبب الجوهري للصراع !!
٢- دعاية “الإنسحاب الإمريكي” ، ومحاربة الإرهاب ، التي تروّج لها نخب المعارضة ، و المقاومة ، على حد سواء ، لدوافع مختلفة؛ وتنظّر لحالة “تراخي استراتيجي“ امريكي في المنطقة ، لصالح “إنسحاب” شرقا ، لمواجهة “القطب الصيني” الصاعد ، وما نتج عنه من ” استغلال ” روسي لحالة ” الفراغ الاستراتيجي ” والقفز الى المنطقة، وتبلور اقطاب متصارعة ، وإلى آخر هذه الأسطوانة المشروخة ، التي تتجاهل الفرق بين الانسحابات الاستراتيجية والتكتيكية التي تجريها الدول ،من موقع السطوة ، ولأسباب مصالحها الخاصة ؛ وقوّة العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدّة وشركائها في مراكز النظام الرأسمالي، في الصين وروسيا وغيرهما، من موقع القيادة، التي تحوزه واشنطن في اعقاب نتائج حروب القرن العشرين، الاولى والثانية والباردة !!
(٤)-
وجود” تناقض رئيسي “، بين تحالف مواقف وسياسات واشنطن ، وشركائها الأوربيين ،( مناصر لأهداف وقوى وحراك الشعب السوري، ” الإرهابي”، الساعي ، عبر خطط المؤامرة الكونية، لفصل” النظام السوري” عن “المحور الأم “ ، ودفعة لتحسين سلوكه ، بما يجعله مؤهّلا للإلتحاق بالمحور لأمريكي، الإقليمي)، من جهة، وبين تحالف ” روسي / صيني / إيراني ، سوري” ، مقاوم ، لخطط ومشارع المحور الأمريكي ، من جهة ثانية ، هي الفكرة المركزية في دعاية “المؤامرة الكونية” التي تروّج لها ابواق محور المقاومة ، ليس فقط في موسكو وطهران ودمشق والضاحية الجنوبيّة ، ولا غرابة في هذا ، طالما انّ من مصلحة النظام السوري، وشركائه، اخفاء طبيعة المصالح والسياسات” التشاريكية ” مع الولايات المتحدّة، في مواجهة اهداف الشعب السوري!!
الغريب ،( بل ربّما ، الطبيعي ؛ في ظلّ واقع حال المعارضات السورية، الديمقراطية والإسلاميّة ، المرتهنة ، على صعيد سقف وعيها السياسي ، وممارساتها ، بمخرجات مشروع الحل السياسي ” الأممي” ، الأمريكي الروسي )، أنّ يتبنّى نفس الفكرة- فكرة وجود تناقض بين سياسات “واشنطن “و”موسكو” تجاه مصير سلطة النظام ، وبالتالي ، تنفيذ القرار ٢٢٥٤ ، وحدوث انتقال سياسي، ويحمّله مسؤولية فشل تنفيذ القرار٢٢٥٤ – جميع نخب المعارضة، السياسية والثقافية ، دون إدراك واقع تقاطعات هذا الوعي السياسي ” المعارض” مع افكار دعاية ” المحور الروسي” ونظريّة مؤامرته !!
هل ثمّة تفسير آخر لما جاء في بيان ” اندماج تيار مواطنة ومجموعة نواة وطن ” :
《 في هذه المرحلة، عند البحث عن حل سياسي فإن الموقف الأوربي والأمريكي هو الأقرب لمصالح شعبنا، وذلك ببساطة لأن الموقف يتمركز حول القرار الأممي (2254) في مواجهة جميع المشاريع الأخرى التي تهدف في الحقيقة إلى إجهاض هذا القرار، مثل المشروع السلطوي وحلفائه الدوليين والإقليميين.》
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎
نزار بعريني.
١/١/٢٠٢٢
الآراء الواردة بالمقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر عن رأي الموقع
mouwaten
نشر موقع تيار مواطنة مقالة للاستاذ نزار البعريني، حيث عودنا على نشر الرأي والرأي الآخر وتقبل النقد فيه، واشجع ذلك بدوري، علنا نستمع لبعض وللاختلاف الذي يبني ويراكم وعياً طالما نبحث عنه.
لكن اسمح لي استاذ نزار بالتعليق التالي:
تقوم فكرة انتقادك اعلاه على افتراض مسلَمة -لا اتفق معك بها- في تحليل السياسات والقدرات الامريكية، تتلخص -بحسب طرحك- الى مقولة (إن أمريكا كلية القدرة، وهي متلاعبة ومتآمرة علينا وتستخدم كل دول وحكومات المعمورة بيادق في خططها الخبيثة تلك)
أزعم وأقول : بالرغم من التفوق الامريكي الاقتصادي والعسكري على اقتصادات العالم منفردة، لكن للقدرة الامريكية حدود وللسياسات الامريكية أخطاءها وفشلها أيضاً في عديد من المحطات، لايتسع المجال لحصرها هنا.
إن التحليل المبني على ثنائية الأبيض والاسود والتفسير المؤمراتي للتاريخ لم تفلح يوماً في ادراك ومطابقة الواقع برغم سهولة تناولها وقدرتها على تخدير العقول الكسولة فتعطي راحة لمن يحملها ويتبناها وتعفي المرء من عناء البحث وادراك محركات التاريخ وأدواته، فالعالم وما يجري به -منطقياً- هو حصيلة إرادات وقدرات عديدة وليس نتيجة ارادة جهة واحدة تتحكم بمقدراته، وإنما صيرورة تفاعل وتشابك مروحة مصالح وتناقضات، واعتقد أنه آن الأوان ليأخذ السوريين خصوصاً وبلدان الجنوب عموماً حصتهم من خلال انتزاع دورهم واراداتهم، كما يحاول العديد من الأمم الفاعلة اليوم -ومنهم من نجح بذلك- علينا الدخول بالعصر لكن بالطبع ليس على طريقة ”الممانعة والمقاومة“ والعقلية ذات الاستثمارات الدينية والقومية البائسة، فلنخرج دون رجعة من بؤس المقولات التي كرسها الفكر الايديولوجي وطرحه عداوة الآخرين لنا، برغم حضور التنافس والتناقض وربما الاشتباك والحروب التي يؤججها المستبدون على طول الطريق بين الأمم والشعوب.
وسيم حسان