ملاحظات حول ندوة الدوحة في: ٤و٥ شباط /فبراير ٢٠٢٢ -مروان عبد الرزاق
-١
مع مرور أكثر من عقد من الزمان على انطلاقة الثورة السورية، ومئات الآلاف من الشهداء، والملايين المهجرين من بيوتهم الذين يسكنون الخيام ويصارعون الحر والبرد القارس، والمهجرين الذين عبروا “بحر الموت” إلى أوروبا بحثا عن المسكن، وخوفاً على أطفالهم من القتل من قبل مليشيات النظام، والملايين الذين رفضوا الخروج والذين يتعرضون للقتل اليومي، باحثين عن لقمة العيش. مع كل ذلك تنعقد الندوة “العلمية” في الدوحة في “٤و٥ شباط ٢٠٢٢” برئاسة “رياض حجاب” وذلك بهدف-كما يشير بيان اللجنة المنظمة- “تقييم الوضع” الذي وصلت سوريا إليه اليوم، ومحاولة إيجاد آليات تعمل على “تخفيف معاناة الشعب السوري”، فضلًا عن النهوض بأداء المعارضة، ومناقشة آليات “إخراج” عملية الانتقال السياسي من حالة الاحتباس التي تعانيه. “ومعالجة وضع البلاد بالتزامن مع جهود النظام وحلفاؤه لإعادة تعويم الرئيس الطاغية” واتخاذ القرارات الأممية بذللك. وأنه يمكن أن تنتج عن هذه الندوة “جملة من التوصيات” التي من الممكن أن تسهم في تقديم “رؤية شاملة” لعمل المعارضة السورية، بهدف “الخروج” من الأزمات السياسية والإنسانية والاقتصادية التي يعانيها السوريون. وقد كان من المقرر لانعقاد المؤتمر أو الندوة في ألمانيا، لكن قطر رفضت هذا القرار وعملت على انعقاده في الدوحة.
وكان الجمع كبيراً، حيث ضم مراكز للدراسات والأبحاث السياسية، عمران، وحرمون، وجسور، بالإضافة إلى ممثلين عن الائتلاف لقوى المعارضة مثل: رئيس الائتلاف، ولجنة التفاوض، واللجنة الدستورية، والحكومة المؤقتة، ومنصتي موسكو والقاهرة، وأيضاً “هيئة التنسيق الوطنية” ويمثلها” حسن عبد العظيم”، والعديد من المثقفين من المجلس الوطني، ومنظمات المجتمع المدني، ومستقلين، بحيث أصبح المجموع ثمانين عضواً تحدث أغلبهم في الندوة، كما قامت مراكز الأبحاث بشكل مسبق عن الندوة بوضع “التوصيات” التي خرجت بها الندوة، كما هو الحال في التجمعات الدولية، أو جامعة الدول العربية، حيث تكون الاتفاقات مسبقة عن الاجتماع!
-٢
لماذا هذه الندوة الآن؟ وماذا يريد حجاب منها؟ وهل هي ندوة سياسية، وسيصدر عنها مشروع
سياسي محدد للثورة؟ أم هي ندوة للثقافة والمثقفين حيث “يتبروظوا” في المنبر ويطلقون خطابات لم تعد لها معنى بالنسبة لملايين الجياع في الثوة؟
لا أحد يصرح بنوايا حجاب الحقيقية. لكن الملفت للنظر، أن قادة الائتلاف عندما أعلن عن الندوة بدؤوا يتخوفون من إصدار الندوة “لجسم سياسي جديد” سيكون عوضاً عن الائتلاف، وتلك ستكون الطامة الكبرى للائتلاف. وتم الاتصال بالخارجية التركية والمخابرات لتسوية الوضع، لإيقاف الورشة التي يجهز اليها حجاب. وقد “جرى الاجتماع في أنقرة بتاريخ “٢٨ كانون الأول ٢٠٢١”، حيث جمع وفداً من الائتلاف برئاسة المسلط، مع ممثل من وزارة الخارجية التركية، وممثل من جهاز المخابرات التركية”، وكانت النتيجة “عليكم الحضور إلى الورشة”، لأنه لا بديل عن الائتلاف، وهذا ما تم الاتفاق مع حجاب والقيادة في قطر. وخاصة وأن الندوة حصلت بعد لقاء حجاب بوزير الخارجية التركية “مولود جاويش أوغلو” في الدوحة مطلع كانون الأول/ديسمبر، حيث تمت مهاجمة حجاب بأنه ضد روسيا وسوشي والاستانة، وترؤس حجاب لجسم سياسي جديد بديلا عن الائتلاف وضد موسكو، سيلاقي دعما من أوروبا وأمريكا والسعودية، وهذا سيحدث تأزما في الحل السياسي السوري. وبالتالي يصبح تحرك حجاب في إطار رغبة إقليمية لإعادة ترتيب البيت الداخلي للمعارضة، كما تراه تركيا.
ولذلك جاءت تصريحات حجاب قبل الندوة “بإعادة الهيكلة” للائتلاف ومؤسساته، وهي واحدة من الأهداف، و “ان مشروع إعادة هيكلة المعارضة ليست حكرا على طرف فاعل أو مكان جغرافي معين، بل هو مرتبط بمسارات سورية لها رعاتها”، وهي تحتاج إلى منن يحولها إلى وقائع وأفعال”، “ومع أهمية المحافظة على مؤسسات المعارضة، التي يجب اعادة تشكيلها وترتبها من جديد لتقويتها وتوسيع تمثيلها”، وبالتالي الندوة هي جلسة نقاش وعصف ذهني، وكذلك مخرجات الجولة الثانية في إسطنبول لاحقا لن تتجاوز التوصيات التي ستقدم للائتلاف وهيئة التفاوض. حيث يجب المحافظة على مؤسسات المعارضة، وهي بحاجة إلى رعاة خارجيين عن الساحة السورية. وبالتالي تصريحات حجاب عامة لا قيمة لها، ولا تختلف عن تصريحات رؤساء الائتلاف. ولذلك الندوة برعاية تركية-قطرية، بحيث يجب المحافظة على الائتلاف ومؤسساته، وأن لا تقف الندوة في توصياتها ضد روسيا والاجرام الذي تفعله في سوريا.
-٣
إذن فقدت الندوة محتواها الحقيقي. أي إصدار مشروع سياسي وجسم سياسي جديد يسقط فيه الائتلاف وتمثيله للثورة. وقد دعا حجاب وغيره إلى أن الطاغية لن يكون رئيسا في المرحلة الانتقالية أو بعدها، دون أن يوضحوا في التوصيات كيف سيتم ذلك؟ وهنا الاعتماد على المجتمع الدولي كي يسقط الطاغية، وذلك تكرار لنفس الصيغة منذ أحد عشر عاماً، وهو غير متوفر على الاطلاق لأن هذه الدول لا ترغب بذلك، وتعمل مع روسيا من أجل إعادة إنتاج النظام.
لكن العديد من المثقفين دعوا في كلماتهم إلى تغيير الائتلاف باعتباره أصبح عبئاً على الثورة والمعارضة، ومنهم من قام بتفصيل ذلك عبر ارتباطه بالخارج، وهو لا يملك القرار الوطني للثورة، إنما يعمل بموجب رعاته في تركيا، وموسكو، والرياض، واحتكاره للموقف السياسي وعدم قبوله الرأي الأخر، ضمن المحاصصات الفئوية التي يمارسونها، واستفحال النزعات الخاصة والعصبوية والمال السياسي، والكتل الوهمية المشاركة في التمثيل”. وهم لا يمثلون الشعب السوري الذي ضحى بكل شيء، من أجل ثورته، وهو لا يعترف بهم لأنهم لم يقدموا شيئاً لهم، وأوهام لجنة التفاوض القابعة. بالسعودية تعتاش من أمرائها، وكذلك أوهام اللجنة الدستورية بحيثياتها الحقوقية والدستورية التي لم تناقش بنداً واحداً في الدستور الجديد، وتم اعتبارها “كارثة”، لأنها تسعى إلى التوافق مع النظام، وأيضاً سوتشي والاستانة التي كانت بديلا عن جنيف لصالح روسيا والنظام، وعبرها تمت سيطرة النظام على المناطق المحررة، وآخرها مدينة حلب والمعرة وسراقب، والكثير حول الائتلاف ومآسيه،الخ. كذلك تمت الدعوات إلى تشكيل جسم سياسي بديل عن الائتلاف وهناك من دعا إلى “دفن الائتلاف” لأنه ميت بنظر الشعب السوري. “ومن يخسر ثقة الشعب لن يلقى من الآخرين الاهتمام والتقدير”، “ومايلزمنا أن نضع الإصبع على الجرح، ولا نتشبث بالكراسي ونبدلها فيما بيننا”.
لكن يبدو أن كلمات المثقفين الداعين إلى دفن الائتلاف ذهبت في الهواء الطلق، ولم تقدم أية نتيجة، وكان هؤلاء عبارة عن ستارة لعودة الائتلاف من جديد، تحت راية “إعادة الهيكلة” للائتلاف ومؤسساته، وهو كلام مكرر من رؤساء الائتلاف أنفسهم، حيث كل رئيس جديد يأتي مبشراً بإعادة الهيكلة والقرار الوطني المستقل، ثم لا ينجز شيئاً، ويعود الائتلاف إلى المحاصصة الطائفية والاقليمية والفئوية والفساد، ويعودون إلى تبادل الأدوار من جديد
-٤
والتوصيات التي صدرت عن الندوة مكررة وهي موجودة عند القوى السياسية جميعها، ولم يتم الاتفاق عليها-كما ذكر في بدايتها- لأنها لم تصدر نتيجة لنقاش موضوعي بين المثقفين واختيارها، إنما تم فرضها على الجميع، وهي معدة مسبقا بواسطة مراكز الأبحاث. وبحسب تصريح للقاضي “حسين حمادة”، في ندوة “للكتلة الوطنية”، أنه تم الاعتراض من عشرة مثقفين حضروا الندوة على التوصيات، بوثيقة مكتوبة، لكن ذلك لم يغير شيئاً من النص المعد مسبقا، ومن ضمنها إعادة الهيكلة.
ولنلاحظ التوصيات كالتالي:
– تأسيس نظام ديمقراطي يقوم على المساواة وتداول السلطة والحريات العامة، وحقوق الانسان، وفصل السلطات.
– “وحدة الأراضي السورية وسيادة الدولة واستقلالها، ورفض دعوات التقسيم”، وهنا ما هو المقصود بدعوات التقسيم؟، علما بأنه لا يوجد أحد في سوريا يدعوا إلى تقسيم سوريا، حتى جماعة “قسد ومسد” وهي المتهمة بفيدراليتها المزعومة لا تدعوا إلى التقسيم والانفصال عن سوريا، إنما تزعم البقاء ضمن سوريا بفدرالية مع المركز دمشق. وهذه وجهة نظر قابلة للخطأ والتصويب.
– و”التمسك بالهوية السورية الوطنية الجامعة”! إذ من الواجب توضيح ماهي هذه الهوية الوطنية التي تجمع كل التعدديات السورية، حيث الخلاف قائم حول الهوية السورية منذ انطلاقة الثورة وحتى الآن. هل هي الوطنية العربية، أم العربية الكردية؟ أم السنية أم الشيعية؟ أم ماذا،،؟
– و”اعتماد نظام المركزية الإدارية لتحقيق التنمية الشاملة”، وهل هذا يختلف عن نظام الإدارة المحلية للنظام الصادر بدستور “٢٠١٢”، ونحن نعرف كم من المآسي حققها هذا النظام لارتباطه بالمركز وتوجيهاته.
– “إعادة هيكلة مؤسسات قوى الثورة والمعارضة،، والقرار الوطني المستقل،، وتعزيز العمل المؤسسي”. والمقصود هنا “ائتلاف قوى الثورة والمعارضة”. حيث طالب العديد من المثقفين بدفنه، لأنه غير قابل للإصلاح والهيكلة من جديد، وهو متمسك بالرعاية الإقليمية الدولية، وبحيث رفض “المسلط” رئيس الائتلاف وضع خطة زمنية لإعادة الهيكلة، لأنه سيبقى مثل غيره في الائتلاف الدائم “ابدأ”، ولن يقوم بإعادة الهيكلة اطلاقاً.
– “توظيف كافة الخبرات إلى جانب منظمات المجتمع المدني من أجل الانتقال السياسي، وتعزيز دور المرأة والشباب، في قوى الثورة والمعارضة. وايلاء الاهتمام الكافي لدور الثقافة والفكر، والعمل على خطاب وطنني جامع، ومحاربة خطاب الكراهية والتمييز، وتعزيز الحوار المجتمعي، بما يخدم القضية السورية. والتواصل بين مختلف قوى الثورة والمعارضة بهدف تبني خطة عمل شاملة، والافراج عنن المعتقلين. وتكثيف جهود التوعية لجرائم النظام، ومخاطر إعادة تعويمه، وأعادته للجامعة العربية. والتأكيد على حرية وكرامة الشعب للسوري والانتقال السياسي، واحترام كافة مكوناته الاثنية من عرب وكرد وتركمان وكلد وآشور، وضمان حقوقهم وخصوصيتها ضمن الإطار الوطني. وتوحيد الجهود لتحقيق الانتقال السياسي وفق القرارات الدولية؛٢١١٨و ٢٢٥٤؛ وتأسيس؛ هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، وعدم السماح للمسارات الجانبية في عرقلة تنفيذ القرارات، وذلك لعدم وجود “داعش” وحزب العمال الكردستاني، وتعاظم تقسيم البلاد، وزيادة مشرع التغلغل الإيراني ونبذ الارهاب والتطرف، ووصول المساعدات الانسانية، والعودة الآمنة للاجئين والنازحين. وتنمية مناطق سيطرة قوى الثورة والمعارضة، وتفعيل المؤسسات التنفيذية للحكومة الموقتة وتحذير النظام بجلب الأموال من اجل إعادة الاعمار، وضرورة ربط ذلك بالحل السياسي. وعقد المزيد من الندوات بين مختلف قوى الثورة والمعارضة. وتوجيه الشكر الى دولة قطر لرعايتها للندوة، ومواقفها المبدئية، وللدول التي تستضيف الملايين من شعبنا”. هذه هي التوصيات بالكامل.
هذه التوصيات عامة وموجودة في أية أجندة مثقف أو تنظيم سياسي لكن ينقصها بعض المسائل الهامة، مثل:
– الموقف ضد الاحتلالات المتعددة في سوريا إيران وروسيا الداعمين للنظام، وأمريكا الداعمة للإدارة الذاتية في شرقي الفرات، بحجة محاربة الإرهاب الداعشي، وتركيا في ادلب وغربي الفرات، التي هاجمت عفرين وهجرت الاكراد فيها، والمسيطرة على “الجيش الوطني” السوري، وتستخدمه لصالحها ضد الأكراد، وكمرتزقة في ليبيا، وتمنعه من التصدي للنظام. إذ كيف تقام الدولة الوطنية الديمقراطية بدون إخراج المحتلين. ويبدو أن التوصيات موضوعة برعاية تركية تمنع ذلك، وحتى لا تنزعج روسيا، حليفة تركيا، لم يتم ذكر للاحتلال الروسي.
– وكذللك لا يتم إقامة الدولة الديمقراطية الحديثة، بدون الانسجام الاجتماعي. حيث انقسم المجتمع السوري إلى طوائف متعددة “سنية، وعلوية، وشيعية، ودرزية”، ودينية “إسلام ومسيحية”، وقومية “عرب، واكراد، وآشور، وتركمان،الخ”. وملامح الصراع الطائفي والقومي واضحة للعيان في سوريا، منذ ٢٠١٣، والاكراد هم الأكثر عدداً، ويعملون منذ وقت طويل من أجل استرداد حقهم القومي. وهم شعب اصيل في سوريا، ولهم اللحق في تقرير مصيرهم، سواء بالحكم الذاتي للمناطق ذات الأغلبية الكردية أو غير ذلك وفق ما تقرره الدولة الديمقراطية المنشودة، وهم يسيطرون بالدعم الأمريكي على ربع المساحة في سوريا في الجزيرة العربية. وإن انكار الحق القومي للأكراد هنا مشتق من موقف المعارضة السورية بالعموم، ومنهم ايضاً الائتلاف، الذين عجزوا عن توحيد النضال العربي-الكردي في الثورة السورية.
– وايضاً لم يتم الحديث عن تمدد للإسلام السياسي السلفي الممثل بالإخوان المسلمين، والسلفية الجهادية الممثلة بجبهة “النصرة” والتي تسيطر على ادلب، وتقيم حكومة “الإنقاذ” التي تلاحق ارزاق البشر ومعيشتهم، والذين يدعون إلى دولة الخلافة، ويرفضون الديمقراطية ومشتقاتها، وعن دعم الأتراك لها ايضاً. وهذا مشتق من موقف الائتلاف و”حكومته المؤقتة” السيئة، إلى جانب حكومة “الإنقاذ” النصراوية، حيث أن أغلب تركيبة الائتلاف من ” الإخوان المسلمين”، وخاصة بعد خروج “الديمقراطيين” من الائتلاف. وهذا يعني أن التوصيات لا تحارب “الإرهاب” كما هم ممثل في “النصرة” ووغيرها من الفصائل العسكرية في “الجيش الوطني!”.
– وأيضاً لم تتم الإشارة إلى “الاستانة وسوتشي”، كبديل روسي عن جنيف، والذي وافق عليه الائتلاف والذي ساهم في إخراج المعارضة من المناطق التي سيطرت عليها، ومازالت مستمرة حتى الآن. وهي مستمرة بدعم الائتلاف في مسيرته في “هيئة التفاوض” و”اللجنة الدستورية”، واللذان لم يقدما شيئاً، ولن يقد أيضاً في المستقبل.
– ولم يتم دعوة العسكريين إلى الندوة، لأن الاجتماع للسياسيين، ولأن الوضع العسكري في سوريا أصبح محسوما، كل في موقعه الحالي. النظام مدعوما من إيران وروسيا، والاتحاد الديمقراطي الكردي مدعوما من أمريكا، “والجيش الوطني” السوري المدعوم من تركيا والذي حولته إلى أداة ضد الأكراد، وكمرتزق في ليبيا. وبموجب اتفاقيات “خفض التصعيد”، الروسية-التركية، التي تمنع الجيش الوطني من محاربة النظام، وكذلك الإدارة الذاتية. فالجميع في موقعه “لا منتصر، ولا مهزوم، ولا شرعي لوجودهم”. ولكن في سوريا هل يستطيع السياسيون أن يحققوا شيئاً بمفاوضاتهم مع النظام، بدون الدعم العسكري؟ بالتأكيد، لا لن يستطيعوا، والتاريخ الحالي وفي المستقبل سيكشف ذلك.
– ثم كيف سيتم الوصول إلى “هيئة حكم انتقالية” بصلاحيات كاملة؟ ووفق القرار الاممي”٢٢٥٤”، وخاصة أنه لا يتضمن رحيل الطاغية، كما دعا إلى ذلك حجاب في الندوة. وإلى ماذا يستند حجاب في دعوته هذه؟ فالمجتمع الدولي أعطى للروس الحق في حل “الأزمة السورية”، على حساب الشعب، والروس مع النظام قد يستجيبوا للقرار ٢٢٥٤ ويقوموا بترقيع الوزارة من بعض المعارضين، وهذا يعني بقاء الطاغية واستمرار الاستبداد. أو من الممكن أن يبقى الوضع على حاله ضمن التقسيم المذكور لمدة عقد جديد من الزمان أو أكثر، طالما الجميع من الدول الدولية والإقليمية ترغب بذلك، والجميع فاشل للنهاية.
– واذا لم تكن المراهنة على المجتمع الدولي كي ينجز التوصيات المذكورة، فمن الذي سينجزها؟ لاأحد، ويبقى كلام للمثقفين في الهواء الطلق. والعتب على المثقفين الثوريين الذين حضروا وعبروا عن الموقف الثوري للثورة السورية، الذين كانوا تكملة للعدد المطلوب، مثل تعيين، منذ زمن بعيد “برهان غليون” رئيسا للائتلاف، في جوقة لا تعرف للثورة معنى.
– ثم لماذا عنوان الندوة: سوريا إلى أين؟ ألم يكن العنوان: المعارضة إلى أين؟ هو الاصوب، بتعبير أحد الحاضرين، طالما الندوة قائمة بعد سنوات من التصحر السياسي الذي تفعله المعارضة، وهو الموضوع الرئيس للمثقفين الذين حضروا.
– والندوة كانت تحتمل دعوة رموز عربية ودولية لحضورها والتأثير فيها، وليس الاقتصار على مساعد وزير الخارجية الأمريكي الذي عبر عن موقفه ضد داعش، ومساندته الشفهية للقرار ٢٢٥٤ دون أن يقدم شيئا للسوريين.
وبالتالي التوصيات لم “تقيم الواقع الموضوعي للثورة السورية”، ولم تعمل على “انهاض واقع المعارضة” المشلولة، ولم “تخرج عملية الانتقال السياسي من الانحباس الذي تعانيه”، كما ذكر بيان اللجنة المنظمة، وكانت عنوانا لدردشة بين المثقفين السوريين.
الحوار المتمدن – 25 – فبراير/شباط – 2022
الآراء الواردة بالمقال تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة أن تعبر عن رأي الموقع