آذار والاعياد والمرأة السورية
يوم المرأة
لم تعتد المرأة السورية قبل الثورة الاحتفال بهذا اليوم، فقد سرقه نظام البعث، إذ تصادف مع يوم استلائه على السلطة، فجعله عيداً وطنياً اجبارياً وعطلة رسمية، كان الشعب السوري بالعام إما يحتفل مع البعث بيوم وصوله للسلطة، إما خوفاً، أو رياءً، أو يتهرب من ذلك. قلة كانوا يذكرون يوم المرأة ويحتفلون به، غالباً كانوا من النخبة أو من المعارضة السياسية.
قبل الثورة لم يكن هناك منظمات مجتمع مدني فاعلة، فقد سيطر البعث ونظام الأسد على النقابات، ومنها كان الاتحاد النسائي، ما عدا قلة قليلة تعمل بشكل فردي، أو عبر منظمات غير مرخصة كرابطة السوريات، لم يكن هناك نضال نسوي يذكر، والمناضلات كن يحاولن جاهدات استغلال بعض الهوامش للمطالبة بحقوق النساء، ومنها تعديل قانون الاحوال الشخصية، وخصوصاً فيما يخص حضانة الأطفال أو منح الجنسية.
بعد الثورة شكل السوريون/ات العديد من التشكيلات السياسية والمدنية التي تعبر عن آرائهم/ن، ومنها كانت المنظمات النسوية والنسائية، وعندها أصبح ليوم المرأة وجوداً أكبر في اجندتهم/ن الاحتفالية، وأصبح هذا اليوم يوماً للتأكيد على النضال من أجل حقوق المرأة السورية، سواء كانت داخل سوريا أو خارجها، وتحت سيطرة قوى الأمر الواقع المختلفة، حقوقها الآنية الآن كلاجئة أو معتقلة أو ناجية، وحقوقها المستقبلية في سوريا الجديدة، في دولة مواطنة كاملة بغض النظر عن الجنس والعرق والدين، حقوقها في دستور يعطيها مساواة كاملة في وأمام القانون، وحقها أيضاً من حمايتها من العنف القائم على الجندر، سواء كان عنف منزلي، أو كان عنفاً اضافياً تتعرض له كامرأة في زمن الحرب.
عيد الأم
اعتمد تاريخ ٢١ آذار عيداً للأم زمن الوحدة مع مصر، إذ كان قبلاً في أيار. تحتفل كل الدول بيوم خاص للأم، ويختلف تاريخه من بلد لآخر، ولكنهم أيضاً يحتفلون بيوم للأب. في سوريا وفي زمن الأسد الأب تم اعتماد عيد الأم كعطلة رسمية، ونال عيد الأم اهتماماً كبيراً في الاحتفال بعكس يوم المرأة العالمي.
يوم المرأة هو يوم للتأكيد على حقوق النساء ونضالهن من أجل حقوقهن، بينما يحتفي عيد الأم بدور واحد من أدوارها، ولذلك هو لا يحمل بعداً نضالياً أو مطلبياً.
إن دور الأم هو دور أساسي من أدوار المرأة، ولكنه ليس الدور الوحيد، وتضخيم الاحتفاء بهذا الدور وتقديسه ينمط المرأة، هذا التنميط يسعى للحد من أدوارها الأخرى، ويدفعها للاكتفاء بهذا الدور.
بينما تم الاحتفال في سوريا دوماً بعيد الأم، لم تعط للأم العاملة حقوقها، فلم توجد دور الحضانة الا في زمن متأخر من دولة البعث، وما زالت حتى الآن فترة الامومة التي يمنحها قانون العمل للمرأة غير كافية، مما يضطرها ترك طفلها صغيراً -وهو ما زال في سن الارضاع- والذهاب للعمل، أعطى القانون على سبيل المثال المرأة ساعة ارضاع حتى يبلغ طفلها العام، ولكنها قلما استطاعت الاستفادة منها، وذلك لبعد مكان العمل عن مكان تواجد طفلها. هذا إضافة للظلم الواقع عليها في قانون الأحوال الشخصية في حق الحضانة او الولاية لأطفالها في حالة الطلاق، وعدم قدرتها إعطاء الجنسية لأطفالها، إذا بينما يقدس عيد الام هذا الدور للمرأة، تمتنع القوانين من دعم حقها كأم.
عيد النيروز
يحتفل الكرد في كل العالم – ومعهم قوميات أخرى- بعيد النيروز، ومنهم الكرد السوريين، وهو بداية السنة في الكثير من الثقافات القديمة، ولكن له عند الكرد بعد نضالي، فهو يرتبط بالحداد كاوا ونضاله ضد الاقطاع.
طالما كانت الساحة الكردية السورية ساحة متحركة سياسياً، وانعكاس وتأثير التصحر السياسي أيام زمن الأسد الأب عليها كان أقل من الساحة السورية بالعام، وعليه أيضاً كانت المرأة الكردية السورية أكثر اهتماماً بالسياسة، ولكن لم ينعكس ذلك بشكل إيجابي على حقوقها، إذ ترتفع نسب “جرائم الشرف” لدى الكرد السوريين، وتعاني المرأة الكردية ما تعانيه السوريات الأخريات من هضم لحقوقهن، في الميراث أو قانون الأحوال الشخصية، أو التقاليد والعادات التي تزيد من اضطهادهن.
في مناطق الإدارة الذاتية الآن تم تعديل نسبي لقانون الأحوال الشخصية، وتم اعتماد الإدارة المشتركة لكل مراكز صنع القرار، ولكن ذلك مع ايجابيته لم يعكس حتى الآن تغيراً حقيقياً في دور المرأة، فما زالت حتى الآن “جرائم الشرف” موجودة، وما زالت لا تنال حقوقها وفق القوانين -رغم عدم كفايتها-، إذ تغلب العادات والتقاليد أحيانا على هذه القوانين، وما زال دور المرأة في الإدارة في كثير من الأحيان شكلياً وغير حقيقي.
تناضل النسويات في هذه المناطق الآن ضد تجنيد الطفلات وزجهن في الحرب، إذ على الرغم من الصورة المشرقة التي اعطتها المقاتلات الكرديات ضد إرهاب داعش، يقع في خلفية هذه الصورة تجنيد لمراهقات، وذلك امتهان لطفولتهن.
ذكرى انطلاق الثورة السورية
شاركت المرأة السورية في انطلاقة الثورة السورية في آذار ٢٠١١، فكانت بين المتظاهرين، وعملت بالإغاثة، وشكلت تنسيقياتها الخاصة، أو شاركت في قيادة تنسيقيات الثورة. ولكن ذلك لم ينعكس على مشاركتها السياسية، فأبعدت عن التشكيلات السياسية التي تشكلت بعد الثورة، وكان حضورها قليلاً عددياً، ولكن، حتى لو حضرت، واجهت مشكلة داخل هذه التشكيلات لإثبات دورها والقيام به، إذ طالما حاولوا استخدامها كزينة فقط، وطالما واجهت وناضلت ضد هذه الصورة النمطية التي تتعامل معها بشكل فوقي او تعليمي، ولا تعترف بقدراتها السياسية والمعرفية. ناضلت المرأة السورية لإثبات حضورها، وطالبت بتواجد أكبر عبر النضال من أجل الكوتا، ولكنها أيضا حاربت داخل هذه التشكيلات لوجود فاعل ومؤثر.
شكلت المرأة السورية العديد من التنظيمات والمنظمات الخاصة بها، مدنية وسياسية، وذلك لدعم نضالها من أجل تواجد أكبر ومشاركة فاعلة في صنع القرار، ومن أجل حقوقها في العام. إذ أصبح النضال النسوي أكثر وضوحاً وتأطيراً بعد ٢٠١١.
ما زال طريق المرأة السورية طويلاً لنيل حقوقها في الدستور، بمواطنة كاملة ومتساوية، ولمحاربة العادات والتقاليد التي تضطهدها، وللوصول الى تواجد بنسبة لا تقل عن ٣٠٪، مع مشاركة حقيقية وفاعلة في مراكز صنع القرار، ونحن في تيار مواطنة-نواة وطن ندعم هذا النضال وهذا الحق، ونسعى لتواجد نسائي أكبر في التيار، ونحيي بالمناسبة المرأة السورية أينما وجدت ونشد على يديها.
تيار مواطنة – نواة وطن
مكتب الاعلام – ٢١-٣-٢٠٢٢