‎⁨ملاحظات نقدية في طروحات ضيوف ندوة أمارجي حول صعود النزعات القوميّة والدينيّة

قد تكون صورة لـ ‏‏‎Nizar Fajer Baarini‎‏‏

كتب نزار بعريني

في إطار الجهد  المتواصل الذي يبذله الزملاء الأعزّاء في ” أمارجي – لجان الديمقراطية السورية ” ،  بما ينسجم مع ، ويعمل على تحقيق  المبادىء  الأساسية التي تقوم  عليها ، الساعية إلى تكوين أكبر إجماع   سياسي ممكن بين السوريين ،  في إطار العمل على إندماج القوى الوطنية الديمقراطية، إنجازا لهدف  تشكيل هيئة سياسية ، تساهم في بناء سوريا الجديدة ، ” الدولة الديمقراطية العلمانية البرلمانية ،اللامركزية ، متعددة القوميات والإثنيات والمذاهب ، السيادة فيها للشعب ، تضمن حريّة الإعتقاد ، وومارسة الشعائر الدينية وتصونها ، وتلتزم بالشرعة الدوليّة لحقوق الإنسان ” ، أفتتح  مساء يوم السبت ، ١٢/ ٦ ، الأستاذ المحامي ، “محمّد علي باشا ” الندوة الجديدة ، بعنوان   ” النزعات القوميّة والعرقيّةو الدينيّة ، ودورها في مستقبل سوريا “، بمشاركة باقة  من النخبة السياسية والثقافية السورية ، السادة  الأساتذة ، مع حفظ الألقاب ،عمر قدّور ، هوشنك أوسي، كومان حسين ، احمد الرمح ، و مهنّد القاطع ، وبالمتابعة الطيّبة لمجموعة  من أصدقاء ومعارف أمارجي.
استهّل الأستاذ محمّد الجلسة بالترحيب بضيوف الندوة والمتابعين لحواراتها ، وإعطاء نبذة تعريفيّة ب”
أمارجي  (١) ، وتقديم موجز  حول الآثار الخطيرة الناتجة عن ظهور ، وتصاعد مشاعر وممارسات النزعات التفتيتيّة في المجتمع السوري، التي اوصلت السوريين إلى مرحلة مؤسفة من الصراعات القوميّة والإثنيّة والطائفية ، تهدد في حال استمراها ، مقومات الحياة المشتركة لرعايا الدولة السورية الموحّدة .(٢).
أستميح الضيوف الكرام العذر بتقديم بعض الملاحظات النقدية  حول نهج الطرح   ، وما تضمنه من أفكار ، وقدّمه من وعي سياسي.

أوّلا ،
   في تقديري ،  لقد اغفلت جميع الأطروحات التي تناولت اسباب
النزعات التفتيتيّة للمجتمع السوري ، القوميّة أو  الطائفيّة أو الدينيّة او الإثنيّة ،(وما تكشّف ، ونتج عنها  من إيدولوجيات وتيارات وميليشيات ،  انفصالية قوميّة  وتقسيميّة طائفية ،   عقبات في طريق نضال السوريين التاريخي لتحقيق أهداف مشروع التغيير الديمقراطي،  وشكّلت في  مرحلة ثورات الربيع العربي اخطر أدوات “لثورة المضادة”)، البون الشاسع بين الوجود الفيزيائي ، التاريخي لمجموعات متنوّعة ، قوميّة ودينيّة  شكّلت في وحدتها حول هويّة  سوريّة  واحدة في  اعقاب مراحل الإستقلال السياسي، ما نطلق عليه ” الشعب السوري”، (وهي  ظروف وأسباب تاريخيّة ،سياسيّة ،  تتماثل ظروف حدوثها في سوريا مع ظروف واسباب التنوّع الذي عرفته جميع شعوب العالم)، وبين التجيير السياسي لهذا التنوّع، لتحقيق مكاسب سلطويّة ، على حساب مصاح المجموع الكلّي للشعب السوري
؛ وهو ما تجسّد في محاضرات الضيوف الكرام بالتركيز على السياق التاريخي لتشكّل ” المجموعات ” أكثر من التركيز على ” الإستثمار ” السياسي ، الذي خلق النزعات .

بمعنى  تنوّع الخارطة القومية والدينيّة لشعب ما، كالشعب السوري ،  يمكن أن يكون سلاح ذو حدّين ،
يعمل  حدّه الأول، في حالة ” التجيير السياسي ،  ك”سكين الجذّار” في جسد ” الضحيّة “،    على تمزيق الجسد الواحد ، وفصل اعضائه عن بعضها ، ليحوّله إلى جسم دامي ، مشلول ، عاجز عن النمو والتطوّر ، أقرب إلى حالة التعفّن البطيئء ؛
بينما يمثّل الحد الآخر،في ظل سلطة القانون الديمقراطية،  مبضع الجرّاح الشافي ، الساعي لإزالة العلل من الجسد ، ودفعه الى التعافي ، والسير على طريق التطوّر ، والنمو ، والإزدهار.

من هنا تُصبح المهمّة الأسمى للنخب المجتمعيّة ، السياسيّة والثقافية ؛  وتوافقا مع ما  تدّعيه على الصعد الإيدولوجيّة والطروحات النظريّة والسياسيّة ، بتمثيل مصالح الشعوب والأوطان ، والنضال من اجل قيادتها على مسار التطوّر الحضاري ، والرقيّ الإنساني؛  هو الكشف عن ظروف وأدوات الإستثمار السياسي في التنوّع التاريخي الغني للشعب السوري، بما يخلق وعي سياسي  موضوعي عند المجوعات المختلفة   لطبيعة تلك القوى  ، والأهداف السياسية  الساعية لتحقيقها  ، وبما يوحّد صفوف جميع السورين ، لمواجهتها ، وتفشيل اهدافها ، في سياق النضال لبناء مقومات مشروع وطني ديمقراطي حضاري، موحّد .

في إطار هذا الوعي الشامل لواجب النخب ، ودورها الحاسم في إخراج  السوريين من نفق  الصراعات والحروب المتعددة الأشكال والأدوات والوسائل على السلطة السياسية، المستمرّة  طيلة عقود ما بعد الإستقلال السياسي،  وبالتالي على دور  سوريا الإقليمي ، وموقعها الجيوسياسي ، يجب التركيز على ادوات وقوى الإستثمار السياسي  المدمّر في التنوّع السوري خلال مراحل سيطرة سلطات الأنظمة السياسية ” الوطنيّة “ ، حيث حاولت شخصيات وأحزاب  سياسيّة وعسكرية سوريّة؛  في إطار سعيها  للقفز على السلطة وتأبيد هيمنتها عليها ؛  الإستفادة من وسائل القوى الأجنبية ؛  العثمانيّة ” الإستبداديّة ” العتيقة ، أو الأوربيّة ” الديمقراطيّة ” الحديثة والمعاصرة ، وتطويرها ، بما يمكّنها  من تحقيق أهداف سيطرتها المحليّة، ويلبّي مصالح شركائها الخارجيين ، الساعية لديمومة ، وتعزيز وسائل وأدوات نهبها للمنطقة ، المستمرة بأشكال وادوات متجددة ، منذ  بدايات الغزو الأمبريالي الأوروبّي للإقليم، في آواسط القرن التاسع عشر  .

ضمن هذا الرؤية ، لا أنصح بالعودة بعيدا إلى سراديب التاريخ ، ومنعرجاته . يكفينا أن نقرأ بطريقة موضوعيّة ، حياديّة ،ادوات ووسائل سلطات الأنظمة الديكتاتورية ، التي قفزت  إلى السلطة، عبر مؤسسة الجيش، ومن بوابة الإنقلابات العسكريّة  ،  وفي تجيير خبيث لمشاعر وطموحات السوريين  السياسيّة ، في التحرر الوطني والتقدّم الإجتماعي    ، وتنوّع واقعهم الإجتماعي ، القومي والديني ، وبما يتوافق مع اهداف المشاريع الإقليمية والعالمية ، المتصارعة تاريخيا للسيطرة على المنطقة، بشكل عام ، وسوريا ، بشكل خاص.
بناءا عليه ، تقتضي ضرورات خلق وعي سياسي ديمقراطي ،  موضوعي سوريّ ، البحث في وسائل وادوات سلطات البعث المتتالية لإحكام قبضتها الأمنية والسياسية على الشعب السوري، خاصّة خلال السنوات العشر الأخيرة،  وما نتج عنها من ” مظلوميات ” كان جميع السوريين ضحاياها، بدرجات متفاوتة، صنعها حاجات  سلطات الإستبداد لتفتيت السوريين ؛وليس أي عامل آخر ، قومي أو ديني ، او مناطقي .
في هذا الصدد ، من المؤسف أن تختلف النخب السياسية والثقافية السورية حول ” حصص ونسب ” المجموعات السوريّة المختلفة من تلك المظالم ؛  وأشكال القهر والنهب التي تعرّض لها الجميع ،دون استثناء ، ولم تستثني حتّى  قوى وأشخاص  داخل السلطة والنظام ،ليعم الضرر  على الجميع، وأن يميل البعض إلى تحميل شركائهم في الظلم ، المسؤوليّة !!
يجب على الجميع أن يدرك أن الجميع ضحايا ، وأن الخلاص يفرض رؤية هذه الحقيقة ، وتحويلها إلى وعي سياسي ، يوحّد السوريين جميعا في النضال على طريق تحقيق أهداف المشروع الديمقراطي للشعب السوري ؛ وليس تجييرها لتحقيق اهداف سياسيّة  ” خاصّة ” ، على طريقة ونهج سلطات أنظمة الاستبداد، وعرابيها الإقليميين والدوليين !!

اعتقد جازما أنّ المرحلة الأكثر خطورة ، التي ينبغي وضع احداثها تحت مجهر النخب ، هي مرحلة السنوات العشر الأخيرة، بدأ من اللحظات الأولى   لحراك السوريين السلمي ، المطلبي ،  الذي تفجّر في أواسط آذار ٢٠١١ ، وحتّى هذه اللحظة السياسية.
للعلم ، اوّد أن الفت انتباه السادة المثقُفين  إلى حقيقية نجاح  السوريون في بدايات الحراك السلمي، وبما تضمّنته  المظاهرات من تنوّع  قومي وطائفي في المشاركين ، ووحدة  في الأهداف ، اهداف التغيير الديمقراطي لعموم السوريين،  في لحظة ثوريّة عظيمة ، وحّدت قلوب ومشاعر واهداف الجميع ، إلى نجاحهم في كنس أثار وأساليب التفتيت التي استخدمها النظام طيلة عقود سيطرته الخمس الماضية السابقة لربيع ٢٠١١ ، وفي الصعود على مسرح النضال السياسي الديمقراطي الوطني، كقوّة واحد  ، موحّدة ؛ وهو ما شكّل اهمّ أسباب الرعب التي عاشته السلطة ، وشراكاؤها الإقليميين والدوليين، ودفعتهم لتوحيد الجهد من أجل إعادة المارد السوريّ إلى قمقم الإستبداد ، عبر تبنّي ، والسير على طريق الخيار العسكري الطائفي ؛ وما نتج عنه ، وأدّى إليه من ظهور ” النزعات القوميّة” الانفصاليّة ”  والدينيّة ، الطائفيّة  ، وتجسيداتها الميليشياوية ، العسكرية .
يجب على الوعي السياسي والثقافي النخبوي الديمقراطي السوري  أن يركز الجهد على جانب محدد ؛ هو ”
الخيار العسكري الطائفي “، وادواته ، ووسائله ،   الذي نجح في دفع الحراك السلمي للشعب السوري على مسارات العنف الطائفي ، والتفتيت الديني والجغرافي والقومي ، وخلق ادوات ” الثورة المضادة للتغيير الديمقراطي ” ، السوريّة والمستوردة ؛ شتّى أشكال ورايات الميليشيات والفصائل الطائفية والقوميّة !
يجب على جميع المؤمنين  بطريق التغيير السياسي الديمقراطي، كبداية لصيرورة خلاص “السوريين ” ، التركيز على معرفة :
أوّلا ،
قوى الخيار العسكري” ، التي شكّلت ” قوى الثورة المضادة ” ، في أطرافها السوريّة ،  ( سلطة النظام ، بالدرجة الأولى )، والإقليميّة ، (أصحاب المشاريع التاريخيّة للسيطرة على سوريا؛ التركي والإسرائيلي والإيراني والسعودي) ، والدوليّة ، الإمبرياليّة ، الأمريكيّة والروسيّة ،  التي توحّدت ، رغم تعارض ، وتناقض اهداف مشاريعها الخاصة، حول هدف إستراتيجي .
ثانيا ، الهدف الإستراتيجي لقوى الخيار العسكري.
لقد وحّد هدف ” قطع طريق انتقال ديمقراطي سلمي للسلطة السياسية ” ، جعل الحراك الشعبي السلمي للسورين في ربيع ٢٠١١، من تحقيقه إمكانيّة موضوعيّة ، وهدف راهن ، جميع أطراف قوى” الثورة المضادة “.
ثالثا ،
ادوات قوى الثورة المضادة لتحقيق هدفها.
طبيعة الهدف ، فرضت ادوات ووسائل تحقيقه.
طالما أنّ وحدة السوريين هي اداة تحقيق التغيير الديمقراطي المنشود ، فكان ينبغي العمل على تفتيتها. من هنا اكتسبت  ادوات إنعاش النزعات التفتينية داخل المجتمع السوري مشروعيتها ، ومبرراتها.
هنا بالضبط ما ينبغي العمل على قراءته .
للقضيّة جانبين ، مترابطين جدليّا ، يمكن أن نعبّر عنهما بالتساؤل :
١-  ما هي اساليب وادوات قوى الثورة المضادة لإنعاش ، وفرض سيطرة النزعات القوميّة والطائفية؟
٢-  ماهي القوى السوريّة ، القوميّة والطائفيّة ، التي وجدت في هذا المسار ، “فرصتها التاريخيّة ” ، لتحقيق اهداف نخبها ، الخاصّة ؟
يستسهل الجميع فضح الدور الذي مارسه” الإسلام السياسي ” ، الأخواني والجهادي ” في هذا الإطار ، ويتجاهل أدوار قوى أخرى ، ” يساريّة ”  ، لعبت أدورا مكمّلة ، لاتقلّ اهميّة ، صبّت  جميعها في مجرى إنجاح اهداف الخيار العسكري، وهزيمة اهداف التغيير الديمقراطي للشعب السوري، وما دفعه من أثمان على طريق تحقيقها !!

ثانيا ،

في التفاصيل :
١- جاء في محاضرة الأستاذ”
عمر قدّور“.
بخصوص ما أسميه ، صعود الجماعات السوريّة ،
كانت الثورة في إحدى جوانبها فرصة لصعود هذه الجماعات .. ؛ سواء  كنّا نتحدّث عن الطوائف ، أو الجانب العرقي  “.
أعتقد بوقوع  تفكير الأستاذ في مغالطة  ، عندما خلط بين ” النزعات ” و ” الجماعات “ !
فالذي صَعَدَ في اعقاب الحراك الشعبي السلمي ليس الجماعات السورية ، المتأطّرة في طوائف محددة ، بل هي تلك الميليشيات الطائفية المسلحة ، التي شكّلت ادوات الخيار العسكري الطائفي في مواجهة استحقاقات ديمقراطية، الذي تبنّاه النظام ، ودعمه تحالف واسع ، لقوى إقليمية ودولية، وجدت فيه افضل السبل لقطع طريق انتقال ديمقراطي سلمي للسلطة السياسية.
لقد حدث  صعود تلك الميليشيات ضررا فادحا ، أخلاقيّا وماديّا  بجميع الطوائف، وخاصّة ” السنيّة ” والعلويّة ” ، واعطى مببرا للقيام بتغيير ديمغرافي خطير ، يشكّل اخطر عوامل تدمير مقوّمات الدولة السورية.  عندما بدأ النظام الايراني بتشكيل ميليشيات ” الدفاع الوطني ” مثلا ، داخل الطائفة العلوية، لم يكن يسعى لرفع ” الطائفة ” بل كان يجيير الفقراء من ابنائها لتحقيق اهدافه الخاصّة . وهكذا فعلت السعودية ، وقطر وتركيا .
نلاحظ هنا غياب كامل لوعي خيارات ، وادوات النظام ، وشركاؤه في ” الخيار العسكري الطائفي ”   وما خلقه من ادوات ( ميليشيات طائفية ، “سنيّة ” و ” شيعيّة ” و”قوميّة”  أيضا)،  دمّرت الطوائف ، وفشّلت مؤسسات الدولة السورية .
” لنقل فراغ القوّة ، اعطى الفرصة لمختلف الجماعات
للصعود ، منها ، على ارضيّة مظلومية تاريخية ” .
اكثر من مغالطة :
ما بدى ” فراغ ” في القوّة ، لم يكن في الحقيقة كذلك !
فلم يحدث فراغ لقوّة النظام ، بل حدث ” إنسحاب ” تكتيكي ” من مناطق محددة ، لتحقيق اهداف تتعلّق بأنجاح خطوات ” الخيار العسكري “.
مثلا ، إنسحاب قوات النظام من بعض المدن ،  والإبقاء على بعض القوات ، في ” جذر أمنية ” ، أو ” “اجهزة متخفيّة ” ،  كالانسحاب من ” الرقّة ” ودير الزور  وإدلب.  الانسحاب من الرقة ، كان في إطار خطط وصول داعش ، وكذلك في إدلب ” والنصرة “!
لنفس الأهداف ، انسحبت قوات النظام من بعض المناطق الحدودية مع تركيا والعراق ؛ وهو ما سهّل ، ورفع مسؤولية النظام ، عن تدفّق” الإرهابيين ” ، الذين ارسلهم شركاؤه.
صعود الجماعات .نحن نرى مثلا اليوم ،الإدارة الذاتية الكردية  ، نرى قضايا الصراعات الطائفيّة بين السنّة والعلويين “.

فليسمح لي الأستاذ عمر بالتساؤل :
هل يمثّل  ما أصبح  عليه  وجود” الإدارة الذاتية ” اليوم ، وقوّتها العسكرية في ” قسد “، وما حصلت عليه من دعم  بالمال والسلاح والحماية الأمريكيّة ، صعودا للإكراد السوريين ، ومن اجل رفع المظلوميّة ” الإستبداديّة ” التي عانوا منها في ظلّ سلطة البعث العربي الاشتراكي؟
وهل تمثّل الصراعات” الطائفية  بين السنّة والعلوين”  صعودا  للطائفتين ” الكريمتين “؟
اليست  جميع  ” ميليشيات ” الأمر الواقع ، السنيّة والعلوية والكردية  من نتاج ” الخيار العسكري الطائفي” ، وتقوم بأدوار وظيفيّة لصالح ” قوى الثورة المضادة “؟
▪︎
لن تكون هناك حلول لمسائل الجماعات في المنطقة ، ضمن إطار الدولة الوطنية بالمعنى الكلاسيكي ،ولا حتّى بالمعنى الذي طرحته الثورة السورية. نحن ، من اجل حلول مستدامة في المنطقة ككل ،بحاجة لدول بسيادات اقل ، بمفهوم مختلف عن الوطنية ، بحدود ، لنقل ، مفتوحة تقريبا .المثال الأقرب الذي يتبادر إلى ذهني وأراه  صالحا للمنطقة ، هو الإتحاد الأوروبي، والحدود المفتوحة  بين دول الاتحاد طيلة عقود ، وتطوّر مفهوم أوروبا . اعتقد أنّ هناك اوجه شبه عديدة بين منطقة ” شرق المتوسط ” تحديدا ، وأوروبا !”
في خصوص طرح الأستاذ لقضيّة ” الحلول المستدامة “، ثمّة عدم وضوح ، إلّا في الإشارة إلى النموذج الأوروبيّ، وثمّة تجاهل  لطبيعة النظام السياسي  الذي جعل من الحالة الأوروبيّة ” نموذجا  ” جديرا  بالتقليد .

لماذا لم يؤكّد الأستاذ على الشرط اللازم والضروري لانتقال  دول المنطقة، وشعوبها( المجموعات )،  ،  إلى مسارات ”  الحدود المفتوحة “، المرتبط بقيام أنظمة ديمقراطية ، على الصعيد الوطني ، أوّلا ، وكشرط أساسي ولازم ، ثمّ على الصعيد الإقليمي . لماذا يتجنّب هذا الطرح الواضح ، ويستخدم عبارات غامضة ، ” دول بسيادات مفتوحة ” ؟
يقول الأستاذ ”
لن تكون هناك حلول لمسائل الجماعات في المنطقة ، ضمن إطار الدولة الوطنية بالمعنى الكلاسيكي ،ولا حتّى بالمعنى الذي طرحته الثورة السورية” .لانعرف بالضبط ما هو شكل نظام الحكم الذي يقصده بالمعنى الكلاسيكي ، ولا حتّى ” المعنى الذي طرحته الثورة السورية “!
لماذا كلّ هذا الغموض ؟ لم تعرف المنطقة خيارات لأشكال النظم سوى ” الديكتاتوريّة ” وقدّمت تجارب الشعوب اشكال مختلفة من النظم الديمقراطية . فإيهما تعتقد انّه مناسبا ؟
هل كانت لتصل اوروبا إلى حالة ” السيادات المنقوصة ” ، لولا نجاح كلّ شعب اوّلا ببناء مؤسسات الدولة الديمقراطية ، على الصعيد الوطني؟  الّا يُعطي النضال من اجل بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الوطنية الاوّلية لشعوب ، ودول المنطقة ، قبل التفكير بحلول إقليميّة ؟  ألا تعتقد بقدرة الدولة الديمقراطية الوطنية على حلّ مشاكل الجماعات التي تقع في إطار سيادتها الوطنيّة ؟
في نفس الإطار ، إذا كنّا نتفق مع الأستاذ على وجود ” اوجه شبه عديدة بين منطقة ” شرق المتوسط ” تحديدا ، وأوروبا !” ، لماذا تجنّب عدم الإشارة  إلى الاختلاف الجوهري في عوامل السياق التاريخي ؟
ألا يشكّل الموقف الأمريكي ، الداعم هناك ، في ظروف الحرب الباردة، لقيام انظمة ديمقراطيّة أوروبيّة ، والممانع  هنا ، في منطقتنا ، كامل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لقيام ” انظمة ديمقراطية على الطراز الأوروبّي “، والرافض لقيام “نظام ديمقراطي “في  سوريا ، حتّى على الطريقة “العراقية واللبنانية ” المدمّرة ؛  التي تسمح بحدود مفتوحة ، فقط في حال الحاجة لعبور ” داعش ” وأخواتها ، وأبناء عمومتها ، لسحق تتطلعات شعوب المنطقة الديمقراطيّة ؟
٢-
في أفكار الأستاذ ” هوشنك أوسي ” المحترم.
جاء في محاضرة الأستاذ :

هذه النزعات موجودة في سوريا منذ تشكيل الدولة .
واذا عدنا الى بدايات الإنتداب ، والتقسيمات التي كانت موجودة ، وتعامل الإنتداب  الفرنسي ،مع التنوّع الموجود ، يشر إلى أنّ هناك تقسيمات في هذا الخصوص. حتى على مستوى مقاومة الإحتلال،
والانتداب ، على المستوى المناطقي والفئوي ،والجهوي ، سواء في منطقة الساحل او الجنوب ،في جبل الدروز ، أو حتّى في الشمال ،وثورة هنانو. كلّ هذه التفاصيل تُشير إلى انّه هناك شيء من الهويات ، او النزاعات ، او البرامج القوميّة ، حتّى في حدّها الأدنى ، ضمن الجماعات الأهليّة في سوريا. سمحوا لي أن اضيف إلى ذلك أنّه فترة الستينات ، كان هناك تعبير متداول ، هو انّه من يُدير سوريا هم ” عدس”، يعني الجماعات ، أو الأقليات ذات الخلفيّة الطائفية . تلك كانت في فترة الستينات ، على زمن البعث ، حتّى قبل البعث ،  منذ انقلاب عبد الكريم النحلاوي  على حكومة الوحدة، وفيما بعد .”

حديث الأستاذ عمر عن” صعود الجماعات ” أثار اعتراض زميله “الأستاذ هوشنك ” حول ” التحديد الزمني ” وربطه للصعود بالفرص التي أتاحتها ” الثورة ” ليذهب بعيدا في سرد تفاصيل  ليست مهمّة من أجل توضيح الأسباب الحقيقية التي أيقظت  ” النزعات

التفتيتيّة ” خلال سنوات الحرب،  في سياق دفع حراك السوريين السلمي على طريق العنف الطائفي، وتجيير الطوائف والقوميات والإدان لتحقيق هذا الهدف  ، بل من أجل أن يبرهن ، ويؤكّد على  أنّ ”
“..
مشكلة سوريا ، وموضوع الأقليات ، القوميّة والدينية والطائفية ، والمناطقية هي مسألة لايمكن حصرها في ما بعد ٢٠١١، وتداعيات الثورة السورية”،

في إطار إقتراح الحلول ، تقتضي الدقّة الموضوعيّة الإشارة تأكيد الأستاذ على أنّه فقط ” في ظل الديمقراطية ، يمكن إدارة المشاكل ، واعتراف الكل بالكل ، وفي الجانب الوطني ، تقاسم الإدارة ،في هذا الوطن الذي يجمع الكلّ ، جميع الهويات ، والمكونات ، على الأساس الدستوري” ؛ وهي بالتالي  : الحل”  .
لكنّ هذا لم يمنعه من التشكيك :
” متى يمكن تحقيق هذا الحل؟
حوامل  هذا الحل ، القوى الطليعية ، على  مستوى النخب ،والمفكّرين والتيّارات السياسيّة ، متى بإمكانهم إنجاز هذا المشروع . كيف يمكن الانتقال من اطار الحل الإفتراضي ، الى إطار الحل العملي لتحقيق هذا المشروع؟ السقف الزمني مفتوح ، ولا نعلم متى تتحقق اهداف المشروع، لكي ننقذ سوريا .
ما ننظر إليه على انّه كنز سوريا الحضاري في التنوّع ، يشكّل وقود  النزاعات والصراعات على السلطة في سوريا.”
يتايع الأستاذ ، مشيرا إلى فكرة تستحق إدراكها ، خاصّة من قبل ” الكرد ” :
“..
الحل ضمن القبول الوطني ، والإحتضان الوطني ، لهذه الهويّات التي تشكّل الهويّة السورية الجامعة ينبغي الجميع أن يتنازل للجميع . يعني حتّى ولو كان هناك حق من حقوق الأكراد المنصوص عنه دوليّا ، ووفق شرعة حقوق الإنسان، والقوانين ،والأنظمة المرعية في الدول . فيما يتعلّق بالواقع الوطني ، والحلول الوطنيّة الجامعة ، ينبغي
على الأكراد ان يتنازلوا عن هذا الحق ، لترجيح الكفّة الوطنية . كذلك بالنسبة للعرب ،والسريان ، ولكلّ مكونات الوطن السوري”.
ثمّ يضيف الأستاذ :
انا اميل الى الحلول ” الجامعة “، الحلول التي تحاول نزع الفتيل من ما يمكن أن يهدد الوحدة الوطنية، ويزيد الصدوع الشروخ بين مكوّنات الشعب السوري، القوميّة منها والدينيّة ، الطائفيّة، والعرقيّة“.

٣-
الكاتب والسياسي السوري ، والباحث في الفكر
الاسلامي ، الأستاذ ” أحمد الرمح “:

حدد الأستاذ أحمد عنوانين رئيسيين لمداخلاته : أسباب المشكلة ، ووسائل الحل.
في بحثه عن اسباب الخلل ، دخل  الأستاذ في بحث تاريخي ، محاولا أثبات وجهة نظره التي تعتبر أنّ مشكلتنا تكمن في عدم إدراكنا أننا نعيش “ الآن ، في عصر العولمة، … عصر ” دولة المواطنة ” ، وعدم
،   امتلاكنا لوعي “صيرورة ، وسيرورة  تشكّل الدولة”؛    وهو ما ”
أدّى إلى حدوث هذه النّزْعَات القومية والدينيّة والعرقيّة” 

الوعي الخاطىء ، أو القاصر ، هو سبب ” حدوث هذه النزعات القوميّة والدينيّة والعرقيّة ” !!
كم أنتَ عادلا في حكمك ، أستاذ أحمد !!
و كم
أنت جبّارا ، أيّها الوعي ؟
ولتنعم ضمائر  وقلوب ” المجرمين ” بالراحة الأبديّة !    الذين جيّروا  حالة وجود” الجماعات ” التاريخيّة ، ومشاعر المؤمنين ، وافكارهم ، وطموحات الشعوب القوميّة ، واستثمروا في الحثالة من المنحطّين وشذاذ الأفاق داخل ” المجموعات “لتشكيل  ميليشيات طائفية مسلّحة ، تقاتل دفاعا عن مصالحهم ؛ فقد وجدوا مَن يحكم عليهم بالبراءة ، ويجرّم ” الفكر ” الغبي ، الذي لم يدرك ” سيرورة وصيرورة تشكّل الدولة الوطنية ” ، فأنتج كلّ هذه ” النزعات ” المدمّرة ؟
كم تُسعد هذه الأحكام اطراف  ” قوى الخيار العسكري الطائفي ” الذين ارتكبوا جريمة ” القرن ” في تحويل حراك سلمي ، شعبي، إلى دماء ، ودمار ؛  كلّف السوريين مئات ألوف الضحايا ، واعاد حواضر سوريّة إلى مرحلة ” ما قبل التاريخ “، وشرّد الملاين ، واوصل سوريا إلى الحالة الراهنة !!
٢-

في ما يتعلّق بالحل ، اوّد أن اعترف بأننا في حيرة من أمرنا ! فما طرحه الأستاذ من ” خطوات في الحل ” منطقية ، ومناسبة تماما لخلق أنسان جديد ، يعي حقوقه ، وواجباته ، في حال طرحها ، والسعي لتنفيذها،  في ظل سلطة نظام ديمقراطي، يتوفّر فيها البيئة السياسيّة، التنفيذيّة  والتشريعيّة  ، لسنّ قوانين ناظمة لتلك الخطوات ، وتنفيذها .
لكنّ ، عوضا عن الإشارة إلى هذه المرحلة، والتأكيد على الأهميّة الحاسمة لوجودها ، اكّد الأستاذ انّه يضع ” مرحلة التربية ” في موقع الأهميّة ، والاولويّة ، واعتبرها مقدمة للوصول إلى ” تغيير سياسي “!!
يبدو ثمّة تساوق بين مقدمات ونتائج  النهج الذي يفكّر به الأستاذ أحمد  !
وطاما أنّه يعتقد أنّ جوهر مشاكلنا هو “الوعي” الخاطىء الذي أنتج ” مشروعات أيدولوجيّة” ، شكّلت  ،” عقبة أمام دولة المواطنة ”    ، فمن المنطقي  أنّ يستنتج بأن الحلّ يبدأ ب”التربيّة. سواء كانت التربية المدرسيّة ،او البيتيّة او الحزبيّة” ؛ وهي حلول” استراتيجيّة ” !
امّا طريق أشكال  النضال السياسي ، لفرض حدوث  انتقال   للسلطة السياسية، يفتح ابواب بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الوطنية، على اساس دستور عادل ، فليس هو الحل ، لأننا
“نخطأ اذا اعتقدنا انّ الحل ينتهي بوجود دستور حضاري ” !
اذا كان الحل لاينتهي بوضع دستور ، وهذا استنتاج صحيح ، فكيف لايلحظ الأستاذ انّه لايبدأ إلّا بدستور وطني ، يلحظ مشاكلنا ؟!
يُضيف الأستاذ ، شارحا تفاصيل خططه الاستراتيجية ؟
يجب أن يسبق هذا الدستور عمل ، يحتاج إلى عقد من الزمن على الأقل .حتّى نؤسس مجتمع سوري على اسس سليمة” .
اعتقد أنّ المنطق الذي يطرحه  ألأستاذ يقول بضرورة ، واولويّة ، تأسيس
” مجتمع سوري على أسس سليمة ” قبل التفكير بقيام تغيير سياسي ، ووضع دستور ، أليس كذلك ؟
“١- في التربية ، نحتاج الى تدريس مادة التربية الإنسانية والتربية الأخلاقيّة ،لطلاب مرحلتي الابتدائية والإعداديّة. والتوقّف عن تدريس مادة التربية الإسلامية بمناهجها القديمة. بما يؤسس لنظرة انسانية في العلاقات بين السوريين ، وليس لنظرة دينية. خلال عقد ، نؤسس جيل على اسس سليمة .اطالب بتدريس كتاب ” طبائع الاستبداد ” لعبد الرحمن الكواكبي. “

كم هو جميل هذا الأقتراح ، لو اننا نناقش وسائل خلق إنسان واع ،  أمام ” مجلس شعب ” منتخب ديمقراطيا ، على اساس دستور ” علماني ” ، يملك سلطة تشريع حقيقية ؟!
هل تستطيع يا أستاذ أن تصل إلى ” مجلس الشعب ” الحالي ، حتّى لو حصلت على ثقة الملايين من السورين ، وأن تقدّم اقتراحاتك هذه ، وتطلب سنّ قوانين لتنفيذها ؟!
لا اعرف كيف يتجاهل الأستاذ اولويّة ، وأسبقيّة التغيير السياسي الديمقراطي، كشرط لابّد من توفّره لخلق بيئة سياسية مناسبة ، تسمح بتنفيذ اقتراحات الأستاذ ؟  اذا كان فتح ” كُشك ” لبيع طوابع ، على رصيف ، يحتاج إلى متاهة من  ال”موافقات الأمنيّة” فكيف يتوقّع أن تسمح سلطات انظمة غير ديمقراطية ، بتوفير بيئة تربويّة مناسبة لنشوء وترعرع وعي تربوي ، يفضح نهجها في السيطرة والحكم ؟ كيف تسمح ب “تأسيس منظمات المجتمع المدني في عمقها الإنساني، لتعمل على ردم الهوّة بين السوريين المختلفين” ؟
كيف تسمح بتدريس ” طبائع الاستبداد “؟
ألا   يناقض الأستاذ نفسه ، عندما يتساءل:
” اتحدّى أن تسمح سلطة عربيّة بتدريس كتاب “طبائع الاستبداد “؟ اليس من البديهي أن لا تسمح ؟! اذا كنتَ تعرف ذلك ، فما هو مبرر تقديم  طروحات، تحصر الحل بمستويات التربية والتعليم ، ومنظمات المجتمع المدني ، قبل حدوث أنتقال سياسي، وقيام سلطة ” ديمقراطية ” ؟!
يتحدّث الأستاذ عن الحاجة ل  ” سنّ قوانين رادعة ، تعاقب كلّ من يتلفّظ او يقوم بسلوك ضدّ الآخر على اساسي عرقي ،او عنصري او طائفي” ، بما يدعنا نتساءل عن طبيعة السلطة السياسية التي تشرّع هكذا قوانين ؟
كنّا نستطيع تفهّم اهميّة ما طرحته لخلق” إنسان جديد”  ، في ظل دولة ” جديدة ” ؛  أمّا أن تتجاهل المقدمات السياسيّة الضرورية لبدأ خطوات الإصلاح التربوي ، فهو ما يجعل من إمكانيّة تحقيقها إستحالة ،كما اعتقد !
ما يضيفه الأستاذ ، جمييل ، ورائع ، لو….

الاهمّ دعم المنظمات النسويّة  التي تهتم بوعي المرأة. هي الخلية الاولى التي تستطيع ان تنشئ مجتمعا سليما .اعادة تأهيل المرأة ، وزيادة وعيها.
حملات إعلامية على مواقع التواصل ، من قبل النخب المثقفين والمفكرين ، اصافة الى اجراء ندوات حوارية”.
٤
–  الأستاذ ” مهنّد القاطع ” ، كاتب وباحث.

قدّم الأستاذ شرح مفصّل ، تاريخي ” فيما يخصّ خارطة الأطروحات القوميّة والعرقيّة والدينيّة ” مميّزا  ” ٣ مراحل مرّت بها سوريا الحديثة:
١-مرحلة الإحتلال الفرنسي ، مرحلة تشكّل سوريا بخارطتها الحديثة.
١- مرحلة ما بعد الاستقلال ، مرحلة المدّ القومي.
٣- مرحلة الثورة السوريّة.”
يبدو واضحا إدراك الأستاذ مهنّد لخطورة التجيير السياسي للأفكار والمشاعر الدينيّة والقوميّة  ، وتحويلها إلى ” نزعات سياسيّة ” ، في إشارته إلى تركيز السلطات الفرنسيّة في المرحلة الأولى على
تغذية الهويّة الفرعيّة ،  الطائفيّة ،تغذية النزعة الطائفيّة في المجتمع السوري” ، وإلى تبنّي 
“الديكتاتوريات العسكرية ، القمعية ، الإستبداديّة ” ،في المرحة الثانية ”  الشعارات القوميّة ، التي تعبّر عن هموم الشعب ،التي لامست مشاعر الشعب”،
كما بالغوا باستثمار مشاعر الجماهير القوميّة ، للقفز على السلطة ، وكمّ الأفواه ،بذريعة ضرورات التحرير”  .
في قراءته  لظروف ” الثورة السورية “، يشير الأستاذ مهنّد بابتعاد خطاب الثورة ” عن تبنّي الطرح القومي”  العربي  ، وإلى ”  تصاعدا تدريجيّا بنبرة الخطاب الديني في صفوف الثورة ،وقد ارتبط بمفهوم المظلوميات ، والشعور باستهداف مناطق العرب السنّة حصرا” ، “فتشكّلت كتائب وميليشيات وفصائل ، تحمل طابع ديني ؛ وهذا التصاعد حمل معه مخاوف لباقي أطياف المجتمع”  . كما يلاحظ
تصاعد وتيرة الخطاب القومي عن الأحزاب الأخرى ،بدرجة أولى عند الكرد ، وأقلّ عند التركمان والسريان والأشوريين. بمعنّى أنّه ، النزعة القوميّة الكردية ، رغم انّها قديمة ، وكانت موجودة منذ ٥٧ ، وكان نضالها أغلبه ، من الناحية السياسيّة ، إقليمي ، ثمّ تحوّل إلى محلّي ، لكنّها تصاعدت خطابات الأحزاب الكردية بعض الثورة لتتحوّل من كرديّة سورية ، إلى كردستانيّة ، إذا جاز لي التعبير” .
” في الإحاطة بجواب المحور الثاني:
ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الأطروحات القوميّة والدينيّة في رسم مستقبل سوريا؟
بشكل مختصر ، لايمكن للإطروحات القوميّة ، بمفهومها العرقي ، والدينيّة ، بشكلها الحالي  ،لعب أي دور إيجابي في رسم مستقبل إيجابي لسوريا .
قد يجد اصحاب تلك الطروحات انفسهم وقد خسروا الفرصة للمساهمة في ايجاد حل وطني ، حقيقي .
الأطروحات القوميّة اليومية ، بما تحمله من مشاريع ، ومطالب احاديّة .
نرتكب مغالطة كبيرة بتناولنا للطرح القومي في سياق مناقض للطرح الوطني .
الدولة الوطنية لاتلغي هويّات وثقافات ولغات السوريين . ما نحتاجه هو أقرب إلى المقاربة الأوروبية ، وفصل الدين عن الدولة ، بقرار شعبي” .
▪︎ “هل حقّا  يعود سبب تبنّي الخطاب الديني ، وتصاعد خطابه في صفوف الثورة ، إلى إرتباطه بمفهوم المظلوميات ” ؟ اذا كان الحال كذلك ، فلماذ لم يظهر في مراحل الحراك السلمي ، الذي استمرّ طيلة أشهر ، حين تميّز الخطابي بحالة وطنيّة سوريّة ، جامعة ؟!
لماذا يتجاهل الأستاذ أنّ تصاعد الخطاب الديني ، تناسب طردا مع زيادة العنف المسلّح ضدّ المتظاهرين السلميين ، ونشطاء الثورة ، وأنّ ” تشكيل الميليشيات الطائفية المسلحة ” لم يكن ليحدث بسبب ” المظلوميات ” او حتّى “الشعور باستهداف مناطق العرب السنّة حصرا” ، بل تطلّب ضخ اعداد كبيرة من ” الإرهابين ” من داخل سوريا ، وخارجها ، ومئات الملايين من الدولارات ، وتفشيل مسار الحل السياسي العربي “، وهي خطوات احتاج تنفيذها إلى جهود مشتركة ، محليّة وإقليميّة ودوليّة، ولم تقتصر فقط على سلطة النظام وشركاؤه  ؟
▪︎ إذا كان يدرك الأستاذ ، وهو على حقّ ، انّه
” لايمكن للإطروحات القوميّة ، بمفهومها العرقي ، والدينيّة ، بشكلها الحالي  ،لعب أي دور إيجابي في رسم مستقبل إيجابي لسوريا” ، وأننا ،”  نرتكب مغالطة كبيرة بتناولنا للطرح القومي في سياق مناقض للطرح الوطني” ، ويلاحظ كيف  ”
تصاعدت خطابات الأحزاب الكردية بعض الثورة لتتحوّل من كرديّة سورية ، إلى كردستانيّة”  ،
فلماءا لم يلاحظ حدوث كلّ ذلك ليس كرّد فعل شعبي ،  كردي ،  على ” المظلوميات ” التاريخيّة ، بل نتيجة لجهود كبيرة من قبل إطراف عديدة من ” قوى ” الخيار العسكري الطائفي ” ، محليّا وإقليميا وأمريكيّا ، لوضع الأجندة القوميّة لبعض القوى القومية الإقليميّة والمحليّة الكردية في مواجهة الأجندة الديمقراطية لعموم السوريين، بما يساعد على تفتيت الجهد السوري الوطني الديمقراطي، وتشكيل” ميليشيات” كردية ، تشكّل ، على غرار الميليشيات الطائفية ” العربيّة ” أذرع قوى الثورة المضادة!!
٥- الأستاذ كومان حسين.
اختتم الأستاذ عرضه التاريخي ، بإيجاز لوجهة نظره حول دور النخب في صناعة  سوريا المستقبل.
“من وجهة نظري ، حتّى لا نغوص كثيرا في هذه القضايا، علينا أن نسعى كنخب ، كسياسيين ، كمثقفين ، إلى محاولة إيجاد خطاب ، وإطار ، يعمل على تعزيز ، وإعادة الثقة بين المكونات السوريّة ، على مشروع وطني جامع لكلّ السوريين؛ بغضّ النظر عن أي هويّة أخرى. الدولة الوطنيّة ، لاتحمل هويّات فرعية. الكل على قدم المساواة أمام القانون . لا رأي لأكثرية أو أقليّة عدديدة على الأخرى. الكلّ منساوون . الكلّ يحق لهم ما يحق لغيرهم ، بغضّ النظر عن ايّة هويّة أخرى”.
ثالثا ،

نصوص محاضرات  الأساتذة الضيوف .

(١).الأستاذ عمر قدّور.
بخصوص ما أسميه ، صعود الجماعات السوريّة 
كانت الثورة في إحدى جوانبها فرصة لصعود هذه الجماعات . لمّا ارتخت قبضة نظام الإستبداد عن البلاد جرّاء الثورة ،جرّاء المطالبة بحقوق السوريين ،
صعدت الجماعات السوريّة ؛ سواءا كنّا نتحدّث عن الطوائف ، أو الجانب العرقي.  هنا حدثت عملية مضادّة للثورة ، بطبيعتها ،
كثورة للحريّة ، هي ايضا ثورة افراد ، وحقوق ٥رديّة ، في المقام الأوّل، وفي المقام الثاني ، هي ثورة من اجل حقوق الجماعات .
في عالمنا المعاصرة ، هناك حصانة للحقوق الفرديّة ، اوّلا ، وكن ثمّ حقوق الجماعات ، والحق في تكوين جماعات. بمعنى انّ الجماعات لاتأخذ كجماعات بدائية ، موروثة ، سواء  كانت عرقية او مذهبيّة ، وإنما ايضا ، الحق في تكوين جماعات مذهبية ، فليكن ، هناك جماعات ، نزعات مذهبية حديثة ، حتّ هذا الحق ، في الدولة الديمقراطية المعاصرة ، حقّ.
صعدت الجماعات التقليدية ، على حساب ثورة الأفراد ،لنفترض انّ الثورة التي انطلقت في العام ٢٠١١ كانت ثورة افراد ، لانّها نادت بالقيم الديمقراطية والحريّة ،والمواطنة ، ولم تناد بقيم طائفية، او مذهبية.
لكن ، ولنكن صريحين ، وواقعيين :
ضعف الكتلة الثوريّة في سوريا ، اعطى فرصة للجماعات من جهة ، التي استقوت بسلوك النظام ، وتغذّت منه .
لنقل فراغ القوّة ، اعطى الفرصة لمختلف الجماعات
للصعود ، منها ، على ارضيّة مظلومية تاريخية خاصّة .
اذن ، فراغ القوّة ،  نتيجة لضعف النظام ، وضعف القوى الثوريّة،  اعطى الفرصة لصعود الجماعات ، ووجود المظلوميات ، ومتخيّل كلّ جماعة عن مظلومياتها ، في اجزاءها الواقعيّة او المتخيّلة ، مما ادّى واقعيا إلى إنتهاء ثورة الأفراد ،بحكم عدّة عوامل ، منها الحرب ، منها الخارج ، الذي اصبحت له اليد الطولى  ،في تقرير مصير سوريا ، وأيضا صعود الجماعات .نحن نرى مثلا اليوم ،الإدارة الذاتية الكردية  ، نرى قضابا الصراعات الطائفيّة بين السنّة والعلويين ،
لدينا ايضا صعود مكبوت ، وعير ظاهر لجماعات  إثنيّة  اخرى ،التركمان والاشوريين ، لهم مطالب بأحقيّة ما في الجزيرة السورية .
إذن ما حدث في سوريا ، صعدت الجماعات الأهلية التقليدية ،على حساب ثورة الأفراد .لنفترض انها ثورة افراد ،لان الثورة التي انطلقت ب ٢٠١١نادت بقيم الحرية ، وقيم المواطنة ، لم تنادي بقيم طائفية ؛ او عرقية او مذهبية.
الحل اليوم ، في غياب الأفراد ؛ غياب الثورة ،من المؤسف انها  سيكون بين هذه الجماعات ، من خلال تلك الجماعات ، وقوى الخارج ، التي باتت تمتلك أوراقها سوريا،وتمتلك تأثيرها على هذه الجماعات، ايضا !
امّا الحل الذي نرجوه ونتمناه . قناعتي ، الحل جزئيا ، بالعودة إلى  حقوق الافراد ،  بنا هي متقدّمة على حقوق الجماعات.  بمعنى، من حق اي كردي أن يكون كرديّا ، وأن  لا يكون بالمعنى  السياسي ، ومن  حق اي عربي أن يكون عربيا ، وان لايكون ، بالمعنى السياسي ، ومن حقّ كلّ  سنيّ ان لايكون سنيّا لا بالمعنى الإيماني  ولا بالمعنى السياسي .  كما من حق كلّ علوي أن لايكون علويا بالمعنى السياسي أو المذهبي .حقوق الدخول في جماعة ، او الخروج منها ، او تشكيل جماعة جديدة. هذه حقوق فردية ينبغي ان يعاد الإعتبار اليها .
المسألة الأخرى ، وهي تخصّ مستقبلنا جميعا ،وللإقليم . لن تكون هناك حلول لمسائل الجماعات في المنطقة ، ضمن إطار الدولة الوطنية بالمعنى الكلاسيكي ،ولا حتّى بالمعنى الذي طرحته الثورة السورية. نحن ، من اجل حلول مستدامة في المنطقة ككل ،بحاجة لدول بسيادات اقل ، بمفهوم مختلف عن الوطنية ، بحدود ، لنقل ، مفتوحة تقريبا .المثال الأقرب الذي يتبادر إلى ذهني وآراه صالحا للمنطقة ، هو الإتحاد الأوروبي، والحدود المفتوحة  بين دول الاتحاد طيلة عقود ، وتطوّر مفهوم أوروبا . اعتقد أنّ هناك اوجه شبه عديدة بين منطقة ” شرق المتوسط ” تحديدا ، وأوروبا !
وأظن أن هذا هو الحل الذي يضمن في النهاية تواصل الجماعات فيما بينها ، وعدم طغيان جماعة على أخرى ، بأسم الدولة الوطنية او القومية . حرية الحركة، وسيولة الحدود بين هذه الدول المنقوصة السيادة ، غير الوطنية ، بالمعنى التقليدي ، الكلاسيكي. هذا اظّنه الحل لسوريا ولبنان والعراق ، وتركيا أيضا ، اذا شئنا الحديث عن كتلة ، متجاورة ، ولها نفس المشاكل ، تقريبا .لا اعتقد انّه سيكون هناك حلّ لدولة منفردة ، على هذا الصعيد. الحل بالمنطقة بالنسبة للجماعات، والافراد ، ربّما يكون حلّلا جماعيا على طريقة الاتحاد الأوروبي!

(٢).الأستاذ هوشنك أوسي : كاتب وصحفي سوري ، من الدرباسيّة .
شكرا لأمارجي لإتاحة الفرصة لتناول هذا الموضوع الحيوي . ” العنوان بحدّ ذاته ،” صعود النزعات القوميّة والعرقية في سوريا”  ، يوحي وكأنّ هذه النزعات لم تكن موجودة قبل ٢٠١١!!
لكن اسمحوا لي أن اختلف مع ما تفضّل به صديقي العزيز ، الأستاذ عُمر فيما يتعلّق بتحديد إحداثيّة زمانية لما يتعلق بصعود هذه النزعات وإحالة الموضوع إلى أنّ  الثورة السوريّة ،  افسحت المجال أم صعود هذه الجماعات.
هذه النزعات موجودة في سوريا منذ تشكيل الدولة .
واذا عدنا الى بدايات الإنتداب ، والتقسيمات التي كانت موجودة ، وتعامل الإنتداب  الفرنسي ،مع التنوّع الموجود ، يُشر إلى أنّ هناك تقسيمات في هذا الخصوص. حتى على مستوى مقاومة الإحتلال،
والانتداب ، على المستوى المناطقي والفئوي ،والجهوي ، سواء في منطقة الساحل او الجنوب ،في جبل الدروز ، أو حتّى في الشمال ،وثورة هنانو. كلّ هذه التفاصيل تُشير إلى انّه هناك شيء من الهويات ، او النزاعات ، او البرامج القوميّة ، حتّى في حدّها الأدنى ، ضمن الجماعات  الأهليّة في سوريا اسمحوا لي أن اضيف إلى ذلك أنّه فترة الستينات ، كان هناك تعبير متداول ، هو انّه من يُدير سوريا هم ” عدس”، يعني الجماعات ، أو الأقليات ذات الخلفيّة الطائفية . تلك كامت في فترة الستينات ، على زمن البعث ، حتّى قبل البعث ،  منذ انقلاب عبد الكريم النحلاوي  على حكومة الوحدة، وفيما بعد .
هذا أيضا مؤشّر على التوزّع ، او النزوع الطائفي ، الأقلوّي في السلطة الحاكمة ، وقتذاك ، والموضوع استمر.
ثانيا ، النقطة التي أوريد أن أستند إليها ، المواضيع والملفات والقضايا القوميّة كانت موجودة ،لايمكن أن نحدد نقطة الإنطلاق ب ٢٠١١ ، هي ولادة الأحزاب القوميّة. الحزب القومي الكردي، الذي كان صاحب أجندة قوميّة ، إقليميّة ومحليّة ، تأسس في ٥٧ ، في فترة العهد الوطني ، الفترة الزمنية الافضل وطنيّا . حتّى المنظّمة الأشوريّة ، السريانيّة ، تأسست في نفس العام. هذا يعني أنّ الأجندات القومية اتت لاحقا ، في عهد البعث. عموما ، اصحاب المشاريع القوميّة ، البعثية والكرديّة .
الموضوع الأضيق فيما يخصّ تأسيس الجماعات على شكل ديني ، استطيع أن اقول انّ ” السنّة ” وفي تأسيس جماعة الإخوان المسلمين، هم الأسبق في هذا الخصوص . تمدد العلويون داخل حزب البعث ، وسيطرتهم عليه في فترة الستينات، يشير إلى تغلغل الجانب الطائفي فيما يتعلّق بالسلطة ، بجميع جوانبها.
إذن ، مشكلة سوريا ، وموضوع الأقليات ، القوميّة والدينية والطائفية ، والمناطقية هي مسألة لايمكن حصرها في ما بعد ٢٠١١، وتداعيات الثورة السورية.
من جهة ثانية ، فيما يتعلّق بالحلول ، في ظل الديمقراطية ، يمكن إدارة المشاكل ، وإعتراف الكل بالكل ، وفي الجانب الوطني ، تقاسم الإدارة ،في هذا الوطن الذي يجمع الكلّ ، جميع الهويات ، والمكونات ، على الأساس الدستوري . هذا هو الحل .
متى يمكن تحقيق هذا الحل؟
حوامل  هذا الحل ، القوى الطليعية ، على  مستوى النخب ،والمفكّرين والتيّارات السياسيّة ، متى بإمكانهم إنجاز هذا المشروع . كيف يمكن الانتقال من اطار الحل الإفتراضي ، الى إطار الحل العملي لتحقيق هذا المشروع؟ السقف الزمني مفتوح ، ولا نعلم متى تتحقق اهداف المشروع، لكي ننقذ سوريا .
ما ننظر إليه على انّه كنز سوريا الحضاري في التنوّع ، يشكّل وقود  النزاعات والصراعات على السلطة في سوريا.
انا أميل الى ما طرحه الأستاذ عمر فيما يتعلق بهذا الحل للمشاكل في سوريا. يمكن تطبيقه في تركيا ، ولبنان والعراق. كلّ البلدان التي فيها تنوّع قومي. هذا الحلّ المفترض ، أو المأمول ، أو المرجو ، يصلح لأن يكون حلّا في سياق معيّن.
حتّى فيما يتعلّق ، بقضايا المظلومية ،

نعم هناك مظلوميّة على مستوى الديني ، سنيّة ومسيحية ،فيما يتعلق بالمخاطر ، على مستوى الطمأنينة  . نعم،هذا موجود  ، عند الجميع ، وعلى المستوى الكردي. جرى الحديث عن المتخيّل ، المبالغ به ، على مستوى المظلوميات ، هذا ايضا صحيح.
لكنّ الحل ضمن القبول الوطني ، والإحتضان الوطني ، لهذه الهويّات التي تشكّل الهويّة السورية الجامعة ينبغي الجميع أن يتنازل للجميع . يعني حتّى ولو كان هناك حق من حقوق الأكراد المنصوص عنه دوليّا ، ووفق شرعة حقوق الإنسان، والقوانين ،والأنظمة المرعية في الدول . فيما يتعلّق بالواقع الوطني ، والحلول الوطنيّة الجامعة ، ينبغي
على الأكراد ان يتنازلوا عن هذا الحق ، لترجيح الكفّة الوطنية . كذلك بالنسبة للعرب ،والسريان ، ولكلّ مكونات الوطن السوري.
انا اميل الى الحلول ” الجامعة “، الحلول التي تحاول نزع الفتيل من ما يمكن أن يهدد الوحدة الوطنية، ويزيد الصدوع الشروخ بين مكوّنات الشعب السوري ، القوميّة منها والدينيّة ، الطائفيّة، والعرقيّة .

(٣).
الكاتب والسياسي السوري ، والباحث في الفكر
الاسلامي ، الأستاذ ” أحمد الرمح “:
مداخلتي رح تكون على فقرتين . الأولى :
أين الخلل ، والثانية ، مالعمل ؟
أوّلا ، في الفقرة الأولى ، اوّد الإشارة الى وجود مجموعة من الافكار أحبّ أن اكررها ، لنشر افكار
أؤمن بها .
١لدينا مشكلة في وعي تشكّل الدولة.
بمعنى الدولة المتشكّلة الآن تختلف عن الدولة التي كانت موجودة قبل ٢٠/٢٥  سنة الماضية . بمعنى آخر، في علم الاجتماع السياسي مرت الدولة خلال تشكّلها في خمس مراحل :
أمرحلة الممالك الصغيرة .
ب-مرحلة الإمبراطوريات.
ت- جاءات مع الحرب العالمية الأولى،وانتهت بنهاية الحرب العالمية الثانية هي مرحلة تشكّل الدولة القوميّة.
ث- مرحلة الدولة الوطنيّة .
نحن الآن ، في عصر العولمة، نعيش في ما بعد ،  في ظل النظام العالمي الجديد ، نحن نعيش عصر ” دولة المواطنة “!
عدم الوعي في صيررورة ، وسيرورة  تشكّل الدولة،أدّى إلى حدوث هذه النّزْعَات القومية والدينيّة والعرقيّة.
الحقيقة يجب ان نعترف ، ونكون شجعان في اعترافنا ، أنّ ” بشار الأسد ” ليس وحده  هو  المشكلة . هو جزء من المشاكل  .  ربّما هو شمّاعة مشاكل. ، لكن لدينا مشاكل  كمجتمع سوري.  أنا لا أؤمن  بنظرية المؤامرة الخارجية. انا أؤمن بما هو ذاتي.  لدينا خلل ذاتي كبير. والخلل الذاتي الكبير نتيجة عدم الوعي بسيرورة وصيرورة تشكّل الدولة ، اصبح لدينا الكثير من المشروعات الإيدولوجيّة ، عقبة أمام دولة المواطنة .وهذه المشروعات ، إضافة إلى أمر أساسي نعاني منه جميعا يتعلّق في التربيّة. سواء كانت التربية المدرسيّة ،او البيتيّة او الحزبيّة .
نحن نعاني من خواء إنساني . نحن جميعا لا نرى القيمة الحقيقية للإنسان .
سواء التي وجدت في القرآن.
القضيّة ، المفهوم الإنساني يجب أن نضعه على الطاولة ، أوّلا .الخواء الإنساني الءي يعاني منه ١٥ مكوّن.
بالنسبة لما يطرح من مظلوميّة.
كلّ المكونات السورية ، قبل وجود النظام الحالي ، وبعده ، لها مظلوميات واضحه. ارى انّ جميع المكوّنات لها مظلوميات لايمكن انكارها ، رغم اختلافها نسبتها من مكوّن الى آخر.
عندما نحكي عن دولة المواطنة ، هذا يعني تجاوز مفهوم الدولة الوطنية والقومية.
هناك الكثير من المكونات او التيارات او الأحزاب ، مازالوا يعيشيون حلم الدولة الوطنية او القوميّة .
هذا لم يعد صالحا في عصر دولة المواطنة.
مفهوم دولة المواطنة في معناه العميق لايلغي الإنتماء القومي او الديني او الطائفي ،ولكنّه يجب أن ينفي التفضيل على أساسهم ، حتى نحقق الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية  للجميع ، الثلاثيّة المقدّسة . اخطر شيىء أفرزته الثورة من خلال مؤسساتها الرسميّة هو مفهوم المحاصصة. يعتقد البعض ، كمكوّن كبير أو صغير .
في موضوع الحلول :
حلول استراتيجية ،
نخطأ اذا اعتقدنا انّ الحل ينتهي بوجود دستور حضاري ، يلحظ كلّ مشاكلنا .هذا ليس حلّا.
يجب أن يسبق هذا الدستور عمل ، يحتاج إلى عقد من الزمن على الأقل .حتّى نؤسس مجتمع سوري على اسس سليمة.
١- في التربية ، نحتاج الى تدريس مادة التربية الإنسانية والتربية الأخلاقيّة ،لطلاب مرحلتي الإبتدائية والإعداديّة. والتوقّف عن تدريس مادة التربية الإسلامية بمناهجها القديمة. بما يؤسس لنظرة انسانية في العلاقات بين السوريين ، وليس لنظرة دينية. خلال عقد ، نؤسس جيل على اسس سليمة .اطالب بتدريس كتاب ” طبائع الاستبداد ” لعبد الرحمن الكواكبي.
نحتاج الى العمل بجديّة  من اجل تأسيس منظمات المجتمع المدني في عمقها الإنساني، لتعمل على ردم الهوّة بين السوريين المختلفين.
امر آخر ، حينما نتكلّم عن الدستور والقانون الذي ينبثق عنه ،يجب سنّ قوانين رادعة ، تعاقب كلّ من يتلفّظ او يقوم بسلوك ضدّ الآخر على اساسي عرقي ،او عنصري او طائفي.
الاهمّ دعم المنظمات النسويّة التي تهتم بوعي المرأة. هي الخلية الاولى التي تستطيع ان تنشئ مجتمعا سليما .اعادة تأهيل المرأة ، وزيادة وعيها.
حملات إعلامية على مواقع التواصل ، من قلل النخب والمثقفين والمفكرين ، اصافة الى اجراء ندوات حوارية.
حل حقيقي لحفظ ثقافة كلّ مكوّن وتاريخه، بما لايؤثّر سلبا على السلم الأهلي ، ومستقبل الوطن، ووحدة أراضيه.
لدينا عقبة دينيّة يجب أن نعترف بها، تمظهرت بسلوكيات الاسلام السياسي، الأخواني والسلفي ،وماذا فعل بالثورة ، وبجميع المكونات.
دعم مشروع التنوير على اسس مؤسساتيّة ،وهو المشروع الوحيد القادر على تخليصنا من المشكلات الدينية .
(٤).الاستاذ مهنّد القاطع ، كاتب وباحث ،
عندما نتحدّث عن خارطة الإطروحات القومية والعرقية والدينيّة في سوريا ، فأننا نتناول مسائل غير ثابتة ، متغيّرة ولاتخضع لأحكام ثابتة وقطعيّة. إذا ما اخذنا بعين الإعتبار عامل الزمن .
بمعنى الطروحات القومية في اوروبا في القرن ١٩ تختلف عنها في القرن ٢٠ ، وخاصة الإطروحات ما بين الحربين ، التي كانت إطروحات قوميّة بمفهوم عرقي . يعني وصلت في إلى حدّ النزعة الشوفينيّة ، الدمويّة ، كما حدث في إلمانيا. وهي تختلف جذريا عن اطروحات الدول الاوربية الحديثة ، التي ما تزال تتناول الطرح القومي بمعنى مطابق للطرح الوطني. بمعنى انّه عندما يتحدّث هن حقوق قوميّة كبلد مثل المانيا ‘، فهو يتناول حقوق وطنية ، في النهاية.
في سوريا ، وكافة بلدان  وشعوب ” التركة العثمانيّة”،
الترك الأرمن الكرد العرب ، بدأنا منذ نهاية القرن ١٩ بالتأثّر بالأفكار الاوروبية في مسائل الوعي القومي، والشعور بهويتنا الخاصّة، واختلفت  درجات انتشار هذا الوعي بين شعوب الدولة العثمانيّة ،بدرجات متفاوتة ، لعوامل عديدة، كالسلطة ومستوى الثقافة ، والعامل الخارجي، كما حدث في المسألة الأرمنيّة .
بالعودة إلى الحالة السوريّة ، فيما يخصّ خارطة الأطروحات القوميّة والعرقيّة والدينيّة ،
اسمحوا لي بتمييز ٣ مراحل مرّت بها سوريا الحديثة:
١-مرحلة الإحتلال الفرنسي ، مرحلة تشكّل سوريا بخارطتها الحديثة.
١- مرحلة ما بعد الاستقلال ، مرحلة المدّ القومي.
٣- مرحلة الثورة السوريّة.
في المرحلة ١ ، ركّزت فرنسا على تغذية الهويّة الفرعيّة ،  الطائفيّة ،تغذية النزعة الطائفيّة في المجتمع السوري.
في مرحلة الانتداب الفرنسي ، النزعات القوميّة كانت غير موجودة. تبنّى الفرنسيون تغذية المحاصاصات الطائفية ، بشكل خاص.
الوعي القومي العربي بدأ يتبلور مع نهاية المرحلة العثمانية ، على شكل جمعيات، وتعزز   بإعلان ” المملكة العربية السورية “،لكنّه بدأ في مرحلة الانتداب الفرنسي يتفاعل في الحواضر والمدن الكبرى ، كدمشق وحلب وحمص
في المرحلة الثانية ، تصاعد الخطاب القومي،وكانت حركات التحرر من الاستعمار تشجّع على تبنّي الوعي القومي. شهدت تلك المرحلة ، نشاط جميع التيّارات في المجتمع ، منها القوميّة ، ومنها اليساريّة ،بدرجة أقلّ، وبديات النشاط السياسي الديني ، المتمثّل بالأخوان المسلمين حينئذ .
هذه الحقبة تخللها صعود ديكتاتوريا عسكرية ، قمعية ، إستبداديّة ، تبّنت الشعارات القوميّة ، التي تعبّر عن هموم الشعب ،التي لامست مشاعر الشعب ، كحال جميع التيّارات القوميّة إلى يومنا هذا !بالغوا باستثمار مشاعر الجماهير القوميّة ، للقفز على السلطة ، وكمّ الأفواه ،بذريعة ضرورات التحرير . النتيجة كانت الإساءة للفكرة القوميّة بحدّ ذاتها ، وعدم ايصالها الى حالة التطابق مع المفهوم الوطني .هنا ظهرت بعض أشكال المظلوميات .
المرحلة الثالثة ، بعد الثورة السوريّة ، وهذا مهمّ جدّا الثورة السورية لم تكن وليدة اللحظة . بل بفعل تراكم حالات قمع ، وظلم ، على الشعب بأكمله ، وبكلّ أطيافه . والمظلوميّة كانت لكلّ أطياف الشعب السوري، وبدرجات متفاوتة . لكنّ الخطاب ما بعد الثورة السورية كان أبعد ما يكون عن تبنّي الطرح القومي. يعني ما شهدنا فئات من المعارضة تتبنّى طرح قومي ، او ظهور احزاب قوميّة جديدة .اراد الناس بناء دولة وطنية حديثة . الشعب السوري.
لاحظنا تصاعدا تدريجيّا بنبرة الخطاب الديني في صفوف الثورة ،وقد ارتبط بمفهوم المظلوميات، والشعور باستهداف مناطق العرب السنّة حصرا ،
فتشكّلت كتائب وميليشيات وفصائل ، تحمل طابع ديني ؛ وهذا التصاعد حمل معه مخاوف لباقي أطياف المجتمع .
الملاحظ أنّه مع ضعف الطرح القومي العربي ما بعد الثورة ،يمكن ملاحظة تصاعد وتيرة الخطاب القومي عن الأحزاب الأخرى ،بدرجة أولى عند الكرد ، وأقلّ عند التركمان والسريان والأشوريين. بمعنّى أنّه ، النزعة القوميّة الكردية ، رغم انّها قديمة ، وكانت موجودة منذ ٥٧ ، وكان نضالها أغلبه ، من الناحية السياسيّة ، أقليمي ، ثمّ تحوّل إلى محلّي ، لكنّها تصاعدت خطابات الأحزاب الكردية بعض الثورة لتتحوّل من كرديّة سورية ، إلى كردستانيّة ، إذا جاز لي التعبير.
في الإحاطة بجواب المحور الثاني:
ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الأطروحات القوميّة والدينيّة في رسم مستقبل سوريا؟
بشكل مختصر ، لايمكن للإطروحات القوميّة ، بمفهومها العرقي ، والدينيّة ، بشكلها الحالي  ،لعب أي دور إيجابي في رسم مستقبل إيجابي لسوريا .
قد يجد اصحاب تلك الطروحات انفسهم وقد خسروا الفرصة للمساهمة في ايجاد حل وطني ، حقيقي .
الأطروحات القوميّة اليومية ، بما تحمله من مشاريع ، ومطالب احاديّة .
نرتكب مغالطة كبيرة بتناولنا للطرح القومي في سياق مناقض للطرح الوطني .
الدولة الوطنية لاتلغي هويّات وثقافات ولغات السوريين . ما نحتاجه هو أقرب إلى المقاربة الأوروبية ، وفصل الدين عن الدولة ، بقرار شعبي.
(٥).الأستاذ والكاتب السوري، كومان حسين:
الموضوع شائك . حتّى نكون منصفين في التشخيص ، ونجد الحلول المناسبة لسوريا الجديدة ؛ القادمة ، يجب أن نعود قليلا إلى التاريخ ،ونستفهم السياقات التاريخيّة التي أدّت إلى نشوء هذه الدول في المنطقة . كلّنا يعلم انّ الدولة كلّها كانت واقعة تحت سيطرة الأمبراطوريّة العثمانيّة ،وكان شكل الحكم اقرب الى الوضع الفدرالي الحالي. لم يركّزوا على الكثير من الخصوصيات التي تعني الشعوب ؛ والمكوّنات الموجودة داخل الإمبراطورية .فقط كان يركّزون فقط على موضوع الجباية والجزية ،والتجنيد الإجباري ، للدفاع عن السلطنة في الحروب الخارجيّة .
سايكس بيكو ، على أنقاض الإمبراطوريّة العثمانيّة ، شكّلت الدولة الموجودة على الساحة .

بعد الإستقلال ، وفترات الإنقلابات العسكرية ، وعند استلام حزب البعث ، ١٩٦٣. وهنا أحمّل حزب البعث مآلات الوضع السوري ،وليس النظام أو مؤسسة الرئاسة ، أو حافظ الأسد لوحده لايتحمّل مسؤولية هذه المآلات .
بموجب المادة الثامنة من الدستور السوري ، التي ألغيت في دستور ٢٠١٢، الذي كان يحكم البلاد ، يعني يحكم الدولة والشعب ، ولا يفسح أي مجال لتداول السلطة .مارس ، يعني ، للإشارة فقط ، سنة ٦٢ ، الإحصاء الذي جرى بحق محافظة الحسكة ، خاصّة بحق الكرد السوريين، كان ، وتمّ من قبل الرئيس ناظم القدسي ، الذي كان من حزب الشعب ، ولم يكن
من حزب البعث ، حتّى لا نحمّل حزب البعث تلك المسألة ،هذا التوجّه أدّى إلى حالة من الإنغلاق،
كان الشعار الذي يُرفع ، ممنوع التكلّم بغير اللغة العربيّة ، رغم أن السريان كانت لهم مدارسهم ، التركمان ، لم يكونوا يشكّلوا حالة قوميّة ، ولم يكن لهم  أي حراك سياسي ، قومي قبل الثورة .حتّى الشراكس كانت لهم جمعياتهم ، يتداولون بلغاتهم .
كانت المسألة محصورة فقط بالكرد .
هذا الإقصاء المتعمّد ، الممنهج ، حتما سيخلق ردّات ، وقد فُرضت عليه حالة الإنغلاق . والأمن تغلغل . حافظ الأسد حوّل سوريا إلى دولة أمنية .بسط نفوذ الأمن على الجميع. الإستبداد ، من وجهة نظري ، لا هويّة له. فقط هويّته ، مَن يواليه ، فهو معه ، ومَن ينتقده ، فهو ضدّه . هذه الحالة ، خلقت هذه الأوضاع.
الثورة السورية ، الجميع شارك فيها. كلّ مَن كان يناهض هذه المسائل ، شارك فيها. وحاول الانعتاق ، للتحرر ، وتثبيت حقوقه. وحتى اسماء الجمع الكرديّة كانت إشارات ، ودلالات . هؤلاء الثوار أرادوا سوريا جديدة ، لكلّ السوريين ، بعيدا عن الإستبداد.
لكن ، المنطق الذي هيمن ، خاصّة من قبل تيّار الإسلام السياسي، على المعارضة السورية، حوّلها إلى حصان لصالح أجندات خارجية، وضدّ حتّى الوطنيّة السورية .بدليل ما يجري الآن. هم تذرّعوا  بممارسات الإدارة الذاتية في مناطق عفرين ،قدّموا لنا الأفظع !
إذا كانت هذه إدارة مستبدّة ، ومارست كلّ المسائل هذه ، لماذا لم يقدّموا هم احسن ، لحتى الناس تستطيع ان تقول أن هذه المعارضة تتمكّن من تلبية حقوق الجميع على قدم المساواة في دولة عصرية حديثة، تلبّي الحقوق ، والناس يذهبون بإتجاه تقديم الواجب الوطني تجاه هذه الدولة. لكن هم كرّسوا
كلّ هذه المسائل .
من وجهة نظري ، حتّى لا نغوص كثيرا في هذه القضايا، علينا أن نسعى كنخب ، كسياسيين ، كمثقفين ، إلى محاولة إيجاد خطاب ، وإطار ، يعمل على تعزيز ، وإعادة الثقة بين المكونات السوريّة ، على مشروع وطني جامع لكلّ السوريين؛ بغضّ النظر عن أي هويّة أخرى. الدولة الوطنيّة ، لاتحمل هويّات فرعية. الكل على قدم المساواة أمام القانون . لا رأي لأكثرية أو أقليّة عدديدة على الأخرى. الكلّ منساوون . الكلّ يحق لهم ما يحق لغيرهم ، بغضّ النظر عن ايّة هويّة أخرى.

٢٠-حزيران -٢٠٢١

الآراء الواردة بالمقال تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة أن تعبر عن رأي الموقع

▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎

(١).
هي لجان ديمقراطية تهدف لقيام كيان سياسي ديمقراطي واسع ، يحتاجه السوريون من أجل إستعادة قرارهم ، وتوحيد بلادهم ؛بناء ديمقراطي لامركزي ، يحقق للجميع طموحاتهم ، ويكون على مستوى التضحيات الهائلة ، على طريق الحريّة والمساواة ، والكرامة ، والعدالة الاجتماعية، وفصل الدين عن الدولة ، والمساهمة في بناء مستقبل افضل للسوريين؛  كلّ السوريين ، أيّ يكن عرقهم  وجنسهم. تعمل أمارجي بكلّ طاقاتها لتحقيق هذه الأهداف النبيلة .
(٢) –
مما ورد في تقديم الأستاذ ، في هذا الصدد
” ا
لنزعة القوميّة والعرقيّة والدينيّة“، هي ” اربع كلمات فقط تختزل تاريخا كاملا من الأهوال والمصائب ،التي لازلنا نقف أمامها بذهول ، وتحمل في طياتها قرونا من الإستبداد والإضطهاد والقتل والتدمير .
اربع كلمات فقط زرعت كلّ تلك القسوة في قلب الإنسان ليقتل أخاه الإنسان ، وشريكه في الإنسانية ، بسببها ، دون أن يرفّ له جفن !
اربع كلمات فقط بيّنت لنا كيف استطاعت المجتمعات الغربية ان تتجاوزها بعد جهدا جهيد ، وبعد مئات الألوف من القتلى ، وبعد دوّامة عنفا لم يستطيعوا إيقاف حركتها إلّا في صلح ” ويستفاليا ” عندما قالوا لها كفى ، وبدؤا في بناء دولهم العلمانية ، التي لامكان لتلك المفردات الأربعة في قاموسها.
اربع كلمات فقط لايزال شرقنا يرزح تحت وطأتها ، ويعاني من أثارها ، ويجد صعوبة بارزة في تجاوزها.
فما زال يدفع أثمانها الباهظة في لبنان وسوريا، وليبيا وأفغانستان وغيرها حتّى تاريخه !
فهل يستطيع السوريون بعد تلك الدماء التي أُريقت أن يقولوا لها ” كفى”؟
هل يستطيعون التوقّف والتأمّل ، والعمل على وضع حجر الأساس لدولة وطنية ، تحترم الهويّات الفرعية ،وتحارب النزعات المتطرّفة ؟
وهل سيكون لنخب هذا البلد بمختلف مكوّناتها الدور الأكبر ، للوقوف في وجهها ، ومحاربتها ،وصولا إلى دولة وطنية ، يُحترم فيها الجميع ؟
وهل سيلحق السوريون بركب شعوب افغانستان والبنان ، أم راوندا ، وجنوب أفريقيا ؟
هذا ما نأمله ، وما سنعمل عليه .
وهنا لابدّ لنا أن نتساءل عن دور النخب الوطنية في ذلك ،وهل يمكنا بالفعل الوصول إلى ما نطمح إليه؟.

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة