مجزرة التضامن فضيحة جديدة للاستبداد الأسدي
وقد شهدت القضية عدة مقاربات أو مقارنات غير موفقة برأينا منها مثلاً التذكير بجرائم داعش أو الفصائل الأخرى، وهي جرائم تستحق بدورها الملاحقة والإحالة على محاكم عادلة، حتى لو كان ضحاياها أقل عدداً من ضحايا مجازر النظام، لكن الخطورة في الجرائم التي يرتكبها النظام، بواسطة أدواته المتنوعة، كونها صادرة عن نظام سياسي معترف به عالمياً، وليس عن ميليشيات لا تمثل كياناً حقوقياً شرعياً، وبعضها مصنف على أنه إرهابي.
ولأن معظم المجرمين من طائفة محددة والضحايا من طائفة أخرى فمن جديد تطل أيضاً القضية الطائفية كمرجع في نقاشات السوريين عبر وسائل التواصل، إن الإقرار باعتبار الطائفية أحد المرتكزات التي تؤمن للنظام عصبية هامة لتماسكه لا يجب أن يدفع لاعتبار الطائفة العلوية كتلة صلبة وراء النظام وتحميلها مسؤولية المجازر، لأنها ليست كذلك فعلاً، وليس فقط لوجود عناصر من الطوائف الأخرى استخدمها النظام في عمليات القمع والإبادة الجماعية التي يقوم بها، إن تسعير الخطاب الطائفي، المرفوض أصلاً، واعتماده من جديد كأساس في مواجهة النظام لن يخدم أبداً السعي لاستعادة ولملمة سورية المبعثرة لتعود وطناً لكل السوريين على أساس مبدأ المواطنة المتساوية، وبالعكس فإن ترويج الخطاب الطائفي يخدم النظام من جهة وأصحاب المشاريع المتطرفة من جهة أخرى.
من خلال الفيديو المسرب تم حتى الآن التعرف على بعض الضحايا وهم من الفلسطينيين السوريين، ومن المعروف أن المجزرة جرت في حي “التضامن” في دمشق وهذا الحي ملاصق لمخيم اليرموك الفلسطيني، ورغم أن معظم القيادات الفلسطينية انحازت للنظام السوري منذ بدء الثورة السورية، فقد دفع الفلسطينيون من سكان المخيم ثمناً باهظاً في الصراع مع النظام، ومن المؤسف أن بعض السوريين لا يقدرون هذه الحقيقة قدرها، أو يستخدمون أحياناً بعض عبارات الشماتة أو التشفي غير المتناسبة مع عمق وخصوصية العلاقة السورية الفلسطينية تاريخياً.
أخيراً، ورغم أن هذه المجزرة لم تحظ بالاهتمام السياسي الكافي عالمياً، فلابد من الاستفادة من كل مجالات العمل السياسية والحقوقية لإبقاء النظام في موقع المعزول والمحاصر وغير القابل لإعادة التأهيل، ولتحقيق ذلك فإننا بحاجة أولاً إلى تبني الخطاب الذي يقر بسورية المستقبل دولة المواطنة الديموقراطية التي تقر بالحقوق الأساسية لمواطنيها كأفراد وبالحقوق الجماعية لمكوناتها القومية والثقافية، ثم علينا العمل من أجل إقامة جبهة ديموقراطية عريضة تناضل من أجل تحقيق الإنتقال السياسي في سورية.
2 ايار 2022
تيار مواطنة-نواة وطن
مكتب الاعلام