حول الميثاق الوطني السوري – مرون عبد الرزاق

مقالات 0 admin

بعد جهود استمرت أكثر من عام، أنجز السوريون المقيمون في أمريكا مؤتمرهم التأسيسي الأول حول سوريا والثورة السورية المجيدة، والتي رفع الشباب فيها شعار: إسقاط النظام الاستبدادي، وإقامة دولة الحرية والكرامة للشعب السوري.

وقد أصدر المؤتمرون بعض المخرجات العملية ويتصدرها: “اسقاط الديكتاتورية ودولة الاستبداد في سوريا وإقامة مجتمع سوري على أساس الحرية والكرامة والمساواة والعدالة”، وأيضا الدعوة الى إقامة “مؤتمر عام للسوريين” يقوم على الكفاءة والنزاهة والشفافية والاستقلالية.

 وايضاً أصدروا “الميثاق الوطني السوري”، وهو موجه الى الشعب السوري عموما، ويتضمن عشر نقاط هامة: تبدأ بأن سوريا وطن لكل السوريين، والسوريات بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والعرقية والقومية، وعلى أساس حيادية الدولة تجاه كل المكونات والجماعات والافراد، واستقلالية الدولة عن الدين مع ضمان الحريات الدينية واستقلالية مؤسساتها، وكل الأشخاص المولودون لاب او لام سوري يتمتعون بالجنسية السورية وبحقوق المواطنة، وسوريا دولة ديمقراطية، وتقوم على أساس سيادة القانون ومبدأ المواطنة المتساوية، وحرية الاعتقاد والتعبير والاجتماع والتظاهر والاضراب سلمياً، وضمان حرية تشكيل المنظمات الاهلية والمدنية والسياسية، وأن الدستور سيقرر فصل السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية.

والميثاق بطبيعته وبنيته النظرية ثوري حول مستقبل سوريا، ويتوافق مع أهداف الثورة. وهو يعبر عن وجهة نظر وطنية علمانية بعيدة عن العصبية الطائفية والدينية والعشائرية والقومية، ونحو إقامة دولة ديمقراطية علمانية تقوم بالانتخاب الحر، وتستبعد الإسلام السياسي من الحكم، والمنظمات الدينية عموما، أي دولة حيادية تجاه الافراد ومكونات المجتمع. أي أنها دولة لما بعد سقوط النظام الاستبدادي، أي دولة المستقبل، رغم أن إسقاط النظام الدكتاتوري هو أحد أهدافها الرئيسة، كما ورد في المخرجات.

وحتى لا يبقى الميثاق كلام نظري للمثقفين لا يقدم ولا يؤخر شيء في الثورة، وحتى يتحول الى مشروع سياسي حقيقي، يجب ان يرافقه الواقعية السياسية الثورية إضافة للنظرية السياسية، التي تتضمن رؤية ثورية للواقع الذي يعيشه الشعب. وهذه الواقعية تجيب على الأسئلة الملحة للثورة بشكل ثوري، واختيار المسارات الثورية للثورة بكافة اشكالها، التي تتوج بإسقاط الاستبداد. وحتى يبحث عن حامل اجتماعي سياسي في صفوف الشعب الذي يتوجه إليه، بحيث يمكن للمسار السياسي قابلا للتحقق على الأرض. اذ لا يكفي طرح شعارات نظرية، بدون آليات وأدوات عمل تجاه الشعارات وإمكانية تحقيقه.

-١-

وقد سبق وكتب مثل الميثاق الكثير من المواثيق، منذ عدة سنوات. وكانت المواثيق تدعو الى “مؤتمر وطني عام” يمثل الشعب والثورة السورية ويعبر عن صوت الثورة الذي اختفى مع الفصائل الإسلامية التي سيطرت على الأرض، والائتلاف الذي لا يمثل الا مصالحه الشخصية لأفراد لا علاقة لهم بالثورة. حيث الائتلاف فقد مشروعيته ونظم نفسه كسلطة امر واقع، هو وحكومته المؤقتة، ولجان المفاوضات والدستورية وغير ذلك. لكن كل المحاولات نحو المؤتمر الوطني باءت بالفشل، ولم تنجح اية محاولة نحو تجميع السوريين في إطار سياسي موحد.

 ويمكن أن نذكر أحد الأسباب الهامة وراء ذلك الفشل،

 وهو اولاً، البنية الحزبوية الضيقة التي تسود في كل الأحزاب أو التجمعات السياسية الديمقراطية، وكذلك اغلب الأفراد، حيث كل تنظيم يعتبر نفسه مالك الثورة والوطنية الكاملة، وإن ادعى غير ذلك، حيث كل تنظيم مرتبط بشخص او أكثر مسيطر وبطريقة “ديمقراطية كاذبة”، على التنظيم وسياسته وسلوكه العام. وبالتالي يبدؤون البحث في الفواصل والنقط، حتى يتم تفشيل أي حوار وطني جامع. 

ثم ثانياً، من ناحية ثانية، لا أحد يمكن ان يأتي الى أحد آخر، طالما لم يشترك معه منذ البداية في وضع المشروع. وهذه تعبر عن النزعة الشخصانية سيئة الصيت للأفراد المتحاورين، والأحزاب أيضا، فصاحب أي مشروع عندما يدعو الآخرين، كأنما يدعوهم لحفل، او جلسة نقاش عام، تنتهي مع انتهاء النقاش. مع امنياتي ان لا يجد الميثاق الوطني نفس المصير الذي لاقته المواثيق الماضية؟

-٢-

وأيضا، شعار “اسقاط النظام” الذي يرفعه الكبير والصغير، وهو بحاجة الى آليات عمل اذ كيف ينظر أصحاب الميثاق لمسألة إسقاط النظام، لأن إسقاط النظام هو المقدمة للوثيقة. ونحن نعرف ان إسقاط للجنة التفاوض، واللجنة الدستورية، وقرار مجلس الامن “٢٢٥٤” قد تم لأنه لا توجد أليات وأدوات عمل لتنفيذه واجبار النظام التزحزح عن استبداديته.

 فهل إسقاط الاستبداد يتم بالتظاهر السلمي ضد المستبدين، كما حصل في الثورة، والتي راح ضحيتها الآلاف، والتي لم تسقط الاستبداد. او كما يمكن ان يحصل مع الانفجار القادم بحثا عن الخبز في الداخل برعاية النظام، او رعاية تركيا من جهة، وقسد من جهة اخرى، فهل أصحاب الميثاق سلميين، من أصحاب اللاعنف، وهذا غير واضح في الميثاق.

 أم أن الإسقاط سيتم بالكفاح المسلح كما حصل في سوريا، والذي أنتج سلطات امر واقع سلفية وقاعدية مستبدة ليست أفضل من استبداد النظام. وكل البشر المهاجرين في المخيمات وغيرها لم يشاهدوا سوى القتل والتدمير، والاعتقال والتعذيب، ويتمنون رفضهم للكفاح المسلح، ولأمراء الحرب الانتهازيين.

ام هل تراهنون على أمريكا والغرب لإسقاط النظام على الطريقة العراقية التي لم تندمل جراحها حتى الآن بفعل الغزو الأمريكي.  ثم إن أمريكا لم تفكر بإسقاط النظام على الإطلاق منذ بدء الثورة وحتى الآن، والعقوبات الصادرة بحق النظام لأتقدم ولا تؤخر في اسقاطه.

 ام ربما بالكفاح المسلح وحرب العصابات الثوري الذي يؤسس لحركة ثورية تعبر عن حرية الشعب وكرامته، ويقيم حركة شعبية ثورية حقيقية على الارض وبحيث تعمل على إسقاط المستبدين.

 فمن يرفع شعار إسقاط النظام الاستبدادي وهو. شعار ثوري، وهو بحاجة لواقعية ثورية تعمل على تنفيذه، ووالا رفع الشعار يصبح لا معنى له، ويصبح كلام للمثقفين المختبئين بين الأوراق.

-٣- 

الدولة حيادية تجاه الافراد والمجموعات. والاكراد مجموعة قومية تبحث عن قوميتها ولغتها وثقافتها التي قمعتها الدول الأربع الموزعين فيها. وهم شعب اصيل في الأرض، ولهم حق تقرير المصير. ولا يكفي القول بأن الدستور القادم سيمنحهم حقوقهم، وخاصة هم يملكون قوة سياسية ومسلحة تسيطر على ربع سوريا. وفي أي تقرير سياسي يجب وضع حقوقهم القومية التاريخية، وخاصة بعد التفتت القومي بعد الثورة بين الاكراد والعرب، والتفتت الطائفي بين العلويين والسنة، مساهمة في احتواء هذا التفتت والعمل على أزالته يجب وضع الحقوق القومية لكل الشعوب في سوريا، وهذا. ما أهمله الميثاق.

وهناك بعض المتفرقات الهامة. مثل، ضمان “حرية تشكيل. الأحزاب المدنية والأهلية والسياسية”. وذلك مطلوب بدون ضوابط مثلا، بمنع الأحزاب الطائفية، والكتل الأهلية القاعدية المدمرة للمجتمع. فكيف يكون السماح بكل ذلك والدولة حيادية بعيدة عن الاديان وتشريعاتهم، والعصبيات واعرافهم.

والنقطة الهامة التي أبرزها الميثاق هي” منح الجنسية السورية وحق المواطنة الكاملة لأبناء الام السورية” حتى لو تزوجت بأجنبي. وهذه تعبر عن مشكلة مئات الأمهات الذين ففقدوا الجنسية السورية لأبنائهم وهذا نابع من حق الطفولة في الرعاية الاسرية والاجتماعية والدولية. رغم الانتقادات الذكورية التي وجهت لهذا البند بأننا سنمنح الجنسية لأولاد الدواعش والإيرانيين الذين تزوجوا بالنساء السوريات خلال الحرب الدائرة ثم غادروا او قتلوا. فننحن حين نرعى الأطفال وهو حق أنساني عام، لا يعني باننا نرعى الدواعش او الإيرانيين

مع كل الامنيات في تحقيق المؤتمر الوطني العام لسوريا الثورة والكرامة.

مروان عبد الرزاق… ١٩-١٠-٢٠٢٢

الآراء الواردة بالمقال تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة أن تعبر عن رأي الموقع

 

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة