بيان حول استهداف المدنيين السوريين

أصداء عملية الهجوم على الكلية العسكرية في حمص لا تزال تتفاعل ولا يزال من المبكر الوصول لاستنتاجات حاسمة حول الجهة المسؤولة وظروف التنفيذ، فالالتباسات كثيرة وتنوع القوى المسيطرة في سورية كبير ومصالحها متعارضة أحياناً وأحياناً متناقضة، كما أن السهولة النسبية في الحصول على الطائرات المسيرة واستخدامها، الذي انتشر مؤخراً في الصراعات العسكرية في العالم كله، يضيف غموضاً ومفاجآت في تحليل تلك الصراعات.

 

ما يهمنا أن نؤكده هنا أن وجود الصراع العسكري لا يعني التحلل من الالتزامات الأخلاقية التي ارتقى إليها الوضع الإنساني وثبتها في اتفاقيات دولية، وهي تبقى مرجعاً رغم ما تتعرض له من خروقات مستمرة. وفي حين تتم إدانة بعض القوى أو الفصائل المتطرفة باعتبارها إرهابية ولا تلتزم بتلك الاتفاقيات فإن الخطر الأكبر في مثل هذه الخروقات يأتي من دول تمتلك إمكانيات عسكرية وأمنية كبيرة وتمارس تجاوزاتها إما بشكل علني ومباشر أو بكذب وإنكار، كما جرى ويجري في الكثير من وقائع الصراع في سورية خاصة من قبل النظام وحلفائه في العشرية الأخيرة.

 

وإذا استبعدنا التحليل التآمري، الرائج كثيراً، بسبب بعض التفاصيل المرتبطة بالهجوم على الكلية العسكرية غرب حمص، يمكن القول أن الكلية هي هدف عسكري طبيعي، وهي خرجت وتخرج آلاف الضباط من الذين لا يحملون عقيدة عسكرية وطنية بمعنى أنهم سيحمون أبناء بلدهم، بل يحملون عقيدة الدفاع عن النظام السياسي، وإذا كان الذين نفذوا العملية يحملون نفس العقيدة العسكرية للنظام او ما يشبهها، فمن الطبيعي أن يستهدفوا حفل تخرج يشارك به مدنيون، وفي غير ذلك فإن مجرد وجود المدنيين يجب أن يكون عائقاً أمام تنفيذ هذا الهجوم.

 

من جهة ثانية فإن النظام لا يزال يتجاهل ما يجري في السويداء، على أهميته، ويسارع إلى إعلان الحداد الوطني في تأكيد جديد للمحدودية “الوطنية” التي تضيق لتشمل فقط من يؤيده، في حين أن النظام أنكر مسؤوليته عن الهجوم الكيميائي على الغوطة عام 2012 لكنه لم يفكر في إعلان الحداد العام على أرواح الضحايا الذين لا يستحقون ” الحداد الوطني” لأنهم في مناطق المعارضة أو الانتفاضة في ذلك الوقت.

 

الرد العسكري للنظام كعادته يركز على معاقبة ما يعتبرها البيئة الحاضنة في سياق مواجهته للذين حملهم مسؤولية الهجوم، فهو وروسيا، بحجة مكافحة الإرهاب، يقصفان المدن الواقعة خارج سيطرته في إدلب وريف حلب، وها هي الأحياء السكنية وسط إدلب تتعرض للقصف حيث يسقط مدنيون وبينهم أطفال وكذلك الأسواق والمدن الأخرى مثل ترمانين والدانا.

 

والمعالجة نفسها تنطبق على القصف التركي في مناطق شمال وشرق سورية حيث يجب تجنب مناطق سكن المدنيين والأسواق والمنشآت المدنية.

 

إننا نؤكد في ” تيار مواطنة” أن استهداف المدنيين من أي جهة كانت هو عمل جبان وإجرامي ومرفوض بكل القيم الإنسانية والدينية والأخلاقية ومدان من قبل المجتمع الدولي والمحلي على السواء، وما يحصل الآن من قصف للمدنيين في مدينة ادلب وريف حلب هو قمة الإجرام بحق الإنسانية بحجة مكافحة الإرهاب، الإرهاب له عناوين واضحة، ولمن يود محاربته العنوان واضح أيضاً بعيداً عن المدنيين.

 

نحن ندرك درجة التعقيد في الوضع السوري، لكننا نعتقد أن حالة الشلل والاستنقاع التي نشهدها في بلدنا تستمر بسبب الفيتو الروسي والتدخل الإيراني الصفيق، وعلى الرغم من كل تلك التعقيدات، نحن نرى أن المجتمع الدولي بمقدوره تحقيق بعض التقدم باتجاه تطبيق القرار الأممي 2254 والبدء بعملية سياسية تستحق اسمها توقف المجازر وتجعل السوريين أكثر اطمئنانًا لمستقبلهم.

تيار مواطنة

مكتب الإعلام 7 تشرين أول/ أكتوبر 2023

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة