في نقد نقد الذات ورداً على غسان المفلح
في 6 يناير، 2024 كتب الاستاذ غسان المفلح في مقالة بالعربي القديم بعنوان محاولة قتل رياض الترك قبل موته وبعده وخلص فيها الى مايلي وأقتبس من مقاله:
(أزعم أن النقد الذاتي الذي قام به ابن العم، وحاول الدكتور برهان غليون الكتابة عن نفس التوجه في كتابه “عطب الذات” تعبيراً عن تقاطع توجهات بين ابن العم (رياض الترك) والصديق برهان غليون. هذا الكتاب الذي يعزل العامل الذاتي في سورية عن أية مؤثرات أو عوامل خارجية إقليمية ودولية. هذا بالضبط أيضا ما فعله ابن العم في نقده الذاتي.
ليس جماعة الاخوان ولا كل المعارضة السياسية السورية او حتى العسكرية، سبباً في هزيمة الثورة السورية إن جاز التعبير، بل ما جرى لهذه المعارضة نتيجة لسبب واحد هو قرار أمريكي برضا إسرائيلي وفرنسي وبريطاني وبعض الدول الإقليمية إيران وبعض دول الخليج.) ————انتهى الاقتباس—
يستند الصديق غسان المفلح حين يغالط “الترك” و“غليون” بقوله (بل ما جرى كان نتيجة لسبب واحد هو قرار أمريكي ) مستنداً الى منطق خلاصته ”أن أمريكا هي الشيطان الأكبر القادر على كل شيئ، ولا حول لنا ولا قوة .. ولا راد لقراراتها المبرمة“
وهنا موضوع نقدي المتواضع.
ففي نظرة سريعة لما لدى أمريكا من قدرات وسيطرة عالمية وتفوق وتحكم بميادين عديدة ليس أولها الاقتصاد والاتصالات والانتاج والعسكرة والاعلام و…الخ، قد أتفهم تفوق الولايات المتحدة، ولكن ان نجعلها كلية القدرة والمتحكمة بكل شاردة وواردة على هذه الارض وربما أكثر (كمسألة إدارة ثورة السورية وتفشيلها)، فهذا خطأ ولايحتاج لكثير من الامثلة لدحضه.
أقول: إن أمريكا متفوقة ولكن لسطوتها وقدرتها حدود ولامكاناتها سقف، وقد ترتكب الاخطاء وربما الحماقات التي قد تنعكس عليها أيضاً بالسوء، فضلا أن سياسات أمريكا ليست صبّة صماء بل هناك العديد من الادارات ومراكز القوى والقرار واللوبيات والابحاث والسياسيات، وهذا يتغير ولو تغييراً نسبياً مع تعاقب الادارات والرؤساء واختلافهم الفردي والحزبي بين جمهوري وديمقراطي والعديد من العوامل والمتغيرات الأخرى“
أقر المتابعون عديد حماقات ارتكبها الامريكي في سبعينيات القرن المنصرم، كحماقة فيتنام وفشل فيها فشلاً ذريعاً وتراجع عنها، وارتكب حماقة أفغانستان وفشل وتراجع عنها منذ أشهر، وبين هاتين الحماقتين ارتكب جريمة غزو العراق وفشل فيه ويكاد ينسحب منه، فالامريكي مرشح للفشل كما هو مرشح للنجاح في تحقيق أهدافه بأي منطقة بالعالم ”الامريكي“ في هذه الحقبة من التاريخ. وعليها ليست أمريكا بكلية القدرة وليست الآمر الناهي في كل التفاصيل ويصعب علي الموافقة وهضم تلك المقولة وهنا لست أجادل صديقي غسان فحسب بل لا اتفق مع فريق كبير من السوريين مثله راحوا يستسهلون تفسير التاريخ بسقطاته ونجاحاته تفسيراً مؤامراتياً وليس عبر التحليل القائم على الوقائع ودراسة الامكانات والممكنات سيما حين يعتقدون بأن ”السبب الأوحد“ لفشل الثورة السورية هو القرار الامريكي ومعه الغرب واسرائيل، وهم أنفسهم الذين كانوا يطالبون ذلك العالم الحر بالأمس القريب واليوم للتدخل من أجل وقف المذبحة السورية أو وقف حرب الابادة الاسرائيلية في غزة اليوم.
ليست أمريكا بكلية القدرة وليست المنطقة كغيرها في العالم مستباحة فقط لقرارات الأمريكي، بل معظم أسباب فشل الثورة السورية كامن في السوريين أنفسهم شعوباً ومنظمات وسلطات و كشف الربيع العربي عورات بالغة لدى الشعوب العربية، وأظهر انفعالها وجهلها في الحقل السياسي، وفشلها في تدبير شؤونها الداخلية وتأخرها في إرساء أعمدة الديمقراطية، فضلًا عن عدم إدراكها –على الأغلب– لمعنى الوحدة الوطنية والمصلحة العامة، والسير في طريق التنمية من أجل حفظ الحضارة والمحافظة على الهوية. وهذا ليس جلداً للذات بل محاولة لفهم ماجرى بعقل بارد وعين مجردة ومتواضعة.
وسيم حسان 7-1-2024
رابط مقالة العربي القديم
https://alarabialqadeem.com/mohqatrya?fbclid=IwAR2q_G9cFEW9-6Wd1mHCygd2gvpiN8LygqLNqf2SOr4b3wCbW_qup1CoRLc