في يوم حزين عند السوريين تستدعي الذاكرة فيه شهيد الثورة السورية الأول “محمود الجوابرة” شيعت السويداء قبل يومين “جواد الباروكي” شهيداً أول للحراك السلمي المستمر منذ نصف عام في محافظة السويداء، وهو الخمسيني المواظب على التواجد في ساحة الكرامة، حيث فارق الحياة إثر إطلاق النار الغزير فوق رؤوس المتظاهرين المحتشدين أمام صالة ١٧ نيسان في سابقة يمكن أن تعتبر في حال استمرارها كنهج مؤشراً خطيراً على بداية مرحلة جديدة في تعامل النظام وأجهزته مع المتظاهرين السلميين في السويداء، وهم الذين استمروا في مطالبتهم بالتغيير السلمي الديموقراطي من خلال الانتقال السياسي وفق القرارات الدولية وخاصة القرار 2254، وصولاً إلى سورية دولة المواطنة وبالإصرار على الهوية الوطنية السورية وإنهاء الاستبداد وتعاون جميع السوريين لبناء سورية الديموقراطية والانتهاء من تشتت مناطق الأمر الواقع نحو سورية الموحدة فعلياً.
حدث استشهاد الباروكي برصاصاتها بعد محاولات حثيثة قامت بها السلطة/الطغمة وأجهزتها الأمنية والحزبية لبث الخلاف والفرقة بين النشطاء، وكذلك عبر إثارة الإشاعات والاساءات المتعلقة بالتمويل، الذي إن حصل فهو محدود ومحصور بمساعدات من أبناء السويداء في المغتربات، كما تستمر السلطة في محاولة تنشيط دور الفرق الحزبية البعثية والزعامات المصنعة محلياً وبعض رجال الدين في مواجهة انتفاضة الجبل المجيدة، رغم أن غالبية البعثيين في المحافظة راحوا إلى النأي بأنفسهم عن تلك المحاولات البائسة.
إن التعامل مع الوضع التالي لهذا الحادث المحزن يتمتع بأهمية حاسمة حتى يستمر الحراك ويتجنب كل ما يسبب تراجعه، وذلك أولاً من خلال الإصرار على سلمية الحراك وعدم الانجرار للعنف، وثانياً من خلال نبذ الخلافات والتركيز على التوافقات من خلال قيام خلية أزمة تتشكل من الناشطين للحفاظ على زخم الانتفاضة، وأخيراً بالعمل الإعلامي المكثف لمواجهة أساليب النظام في مواجهة الحراك، والاستمرار في طرح مطالب الناس المعيشية وفضح الفساد في مؤسسات الدولة كما جرى في مؤسسة المياه وغيرها، وكذلك كما يجري بالعمل على تحرير النقابات من السيطرة الأمنية والحزبية.
أخيراً، وضمن نظرة مستقبلية للحراك، لابد أن يسعى جميع المهتمين في السويداء وجميع المناطق السورية على التلاقي والتفاعل مع الإمكانات السياسية والشعبية على مستوى الجغرافية السورية كلها، وتشكل بعض المظاهرات والبيانات الصادرة في درعا وفي الشمال، ومنها توصيات لقاء “دركوش” الأخير، الداعمة للحراك والمستنكرة لمقتل الشهيد “الباروكي” مؤشراً طيباً على هذا الصعيد.

الخلود لذكرى الشهيد “جواد الباروكي” والتعازي الحارة لعائلته ومحبيه والشفاء العاجل للجرحى والمصابين على امتداد الأراضي السورية.

المكتب التنفيذي لتيار مواطنة