لماذا سمحت أمريكا لإيران بالتمدد – مقالة رأي

كتب المواطن عبد المجيد شريف

أعتقد ان الأجوبة التي تقدم غالباً على هذا السؤال غير مقنعة من قبيل تسعير الصراع السني الشيغي أو لتبتز بها دول الخليج أو بسبب العلاقة التاريخية الحميمة بين الفرس والصهاينة ….. وغيرها كثير ولكن أظن أننا يجب أن نفهم أن هذه الاذرع نشأت كل منها في ظرف مختلف ولحاجة إيرانية وان الولايات المتحدة تعاملت معها وفق مبدئها البراغماتي المعروف. ولنبحث في كل واحد منها على حدة:

حزب الله وإسرائيل:سكتت أمريكا عن نشوء حزب الله وتقويته كمكافأة للنظام وحليفه الإيراني على اخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان وكبديل يمكن قبوله شعبياً لجبهة المقاومة الوطنية والفلسطينية بقيادة وليد جنبلاط التي أنشئت بعد خروج المقاومة الفلسطينية وسمح للحزب بالتسلح والقيام ببضع اعمال عسكرية استعراضية كي يكتسب شعبية وللضغط على إسرائيل شارون التي بدأت تخرج عن طاعة الامريكان

ان أمريكا تحتاج إسرائيل في المنطقة كعصا غليظة في يدها اما ان لا تكون في يدها فهذا ما لا يمكن ان تقبله  اذ انها اهم لها من علاقاتها بكل دول الخليج فإسرائيل جيش قوي ومخابرات متطورة لها اذرع في كل دول العالم مخابرات غير انظمتنا التي تتجسس على شعوبها فقط وتكنولوجيا متطورة يمكن ان تقدم خدماتها لمن تشاء واذكر ان شارون قال في مقابلة صحفية آنذاك: لماذا تضغط الولايات المتحدة علينا لتنفيذ طلباتها انها اكثر حاجة الينا من حاجتنا اليها وذلك رداً على طلب الامريكان من شارون عدم دخول بيروت

لم ترفع أمريكا فيتو واحد ضد قرارات مجلس الامن التي كانت تتخذ بعد كل معركة بين إسرائيل وحزب الله ونذكر ان ايهود باراك الذي كان لديه 13 نائباً في البرلمان قبل الانتخابات الإسرائيلية 2000 فاز في هذه الانتخابات بأكثرية نتيجة برنامجه الانتخابي المتضمن تنفيذ القرار 1701 والانسحاب الكامل من لبنان فقد ادرك الإسرائيليون ان قوتهم في الدعم الأمريكي لهم وهكذا افشل الامريكان سياسة شارون الذي كان الإسرائيليون يلقبونه الملك داوود تعظيماً له و (مات طقيق )

الحشد الشعبي العراقي: لقد اقتنع الامريكان منذ زمن طويل ان احتلالهم العراق أولا ثم حلهم للجيش العراقي ثانياً كانا خطأين فادحين أتاحا توحد السنة والشيعة ضدها كقضية وطنية وسيطرة ايران على هذا التحالف ودعمها للقاعدة كمقاومة وللسياسيين الشيعة وميليشياتهم كأنصار وراحت أمريكا تدفع الخسائر الكبيرة من أموالها وارواح جنودها فقررت الانسحاب من العراق باي ثمن وتركته لإيران مجبرة ولم تسلمه تآمراً بالطبع، ونذكر كم حاول نوري المالكي حليف ايران الأول ثني الامريكان عن الانسحاب وحين فشل استغل أول فرصة واتته وهي احتجاجات الموصل واتاح لداعش التمدد بترك المال والسلاح لها عمداً وتم الانسحاب وترك طلاب الضباط العراقيين في سبايكر للمذبحة وذلك لتحريض الشيعة ولجر أمريكا للعودة، وكلنا يعرف حساسية الغرب عموماً ضد التنظيمات الجهادية العابرة للحدود ومع ذلك لم تعد أمريكا الا بشروطها ومنها استقالة نوري المالكي وحل الحشد الشعبي الذي كان يتشكل لمحاربة داعش فور الانتهاء منها (من داعش ) ولم تسمح بتشكله فقط بل امدته بالسلاح والرواتب حتى تم طرد داعش من العراق ولما امتنع عن تنفيذ الاتفاق ولم يحل صنفته ارهاباً وأصبح عدواً لها.

ايران والنظام:

العلاقة حميمة بينهما منذ ايام حافظ الأسد ولم تكن موجهة ضد الامريكان بل ساعدتاها في احتلال العراق وحين قامت الثورة السورية عام 2011 عملت ايران على دعم بقاء النظام في حين حذرت الولايات المتحدة قيادات الثورة من العسكرة على لسان روبرت فورد سفيرها في سوريا آنذاك, ذلك لان تجربة ليبيا كانت محبطة فالعسكرة في مجتمعاتنا تعني السقوط بيد الجهاديين وهذا ما لا يمكن ان تتقبله فتلخصت سياسة الولايات المتحدة تجاه الملف السوري بالعمل على عدم انتصار احد الطرفين والحل التفاوضي الذي يأتي بنظام ديموقراطي وليس اوتوقراطي، وليس كما يقول البعض لإطالة الازمة من اجل تدمير سوريا، وبناء عليه صدر قرار من مجلس الامن بعدم توريد السلاح الى سوريا واجبرت الولايات المتحدة العراق على تفتيش الطائرات الإيرانية القادمة الى سوريا ولكن حين توافد السلاح والمجاهدين من كل حدب وصوب غضت الطرف عن التسليح الإيراني بغية احداث التوازن ولكن التوازن لم يحدث وتهدد النظام بالسقوط، لقد اطال الجهاد العالمي بعمر النظام وليس الأمريكان وما زال الامر كذلك فما لم يتم التوافق على حل ديموقراطي وبتر هذا الذراع، حل لا يكون باحلال الفصائل المتأسلمة الظلامية مكان الاستبداد الاسدي فهي ذراع أخرى أسوء منه.

الحوثيون: هم جزء من الشعب اليمني كان موجوداً وما زال ولا يمكن تصنيف الحرب القائمة في اليمن الا حرباً أهلية والامريكان لا مصلحة لهم في نصرة طرف في حرب أهلية ضد طرف وقد تحالف الحوثيون مع ايران ولكنه في البدء لم يكن مشكلة للغرب ولكن بعد التدخل السعودي في اليمن وقصف الحوثيين لحقول النفط بدأت المشكلة بالظهور وصنف ترامب الحوثيين كمنظمة إرهابية ثم عاد بايدن وشطب التصنيف ويقول كي لا ينعكس ذلك سلباً على الشعب اليمني ولكن بعد اعمال القرصنة التي يقوم بها الآن الحوثي، أعيد الى قائمة الارهاب وقبل العمليات الحوثية الأخيرة لم تكن هناك ضرورة لبتر هذا الذراع.

حماس: تشكلت حركة التحرير الإسلامية حماس عام 1987 كجناح مسلح لجماعة الاخوان المسلمين الفلسطينية ولم تبرز كقوة ذات شأن الا بعد عملية ابعادهم من قبل إسرائيل الى الحدود اللبنانية عام 1992 (مرج الزهور) وقد تضامنت الشعوب العربية معهم والرأي العام العالمي أيضاً واضطرت إسرائيل لاعادتهم وحتى ذلك الحين لم تكن حماس و(الجهاد الإسلامي معها) تبدوان كذراعين لإيران.

عقدت محادثات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير عام 1991 وكانت رداً وتوازياً مع مؤتمر مدريد بين سوريا والأردن من جهة وإسرائيل من جهة أخرى حيث تم استبعاد منظمة التحرير منه وتم التوصل الى مسودة اتفاق وتم توقيعه في واشنطن عام 1993 ورفضت حماس والجهاد ومنظمات أخرى الاتفاق وكذلك اليمين الإسرائيلي وتعاونت الجهتين على تعطيله وهنا التقت حماس مع ايران على هدف واحد هو تعطيل حل القضية الفلسطينية واستثمارها من قبل ايران للسيطرة على المنطقة واستطراداً فان اتفاق أوسلو كان ينص على وقف الاعمال العدائية بين الطرفين ولكن الجهتين فشلتا في تحقيق ذلك فمن جهة لم يقتنع معظم الشعب الفلسطيني بما حصل عليه من اتفاق أوسلو والتف حول المنظمات الرافضة له واستمرت العمليات العسكرية ضد إسرائيل رغماً عن منظمة التحرير ومن حهة أخرى وافق أغلبية النواب في إسرائيل على الاتفاق أملاً في تحقيق الامن والاستقرار ولما لم يتحقق ذلك التف معظم الإسرائيليون حول الأحزاب المتشددة الرافضة للاتفاق وفاز اليمين في الانتخابات كما فازت حماس في الأراضي الفلسطينية، وهنا كان التخادم بين المتطرفين.

وهكذا نستطيع القول ان ايران لم تنشئ اذرعاً لها في المنطقة باستثناء حزب الله اللبناني انما هي قوىً كانت موجودة ووجدت مصلحة لها بالدعم الإيراني فتمددت هي وتمددت ايران بواسطتها أما اليوم وبعد الاحداث الكبرى الثلاث: عملية طوفان الأقصى وتعطيل الحوثيين الملاحة في البحر الأحمر وقتل وجرح الجنود الأمريكيين في الأردن فانا اعتقد ان ايران واذرعها امام أحد خيارين أما أن تتخلى ايران عن هذه الاذرع وتنكفئ الى حدودها او تعرض نفسها لخطر كبير ولا اظن انها تغامر بنظامها، ولنترك القادمات من الايام لتؤكد هذا الاستنتاج أو تنفيه.

عبد المجيد شريف – شباط 2024

الاراء الواردة بالمقال تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع

Loading

الكاتب wassim hassan

wassim hassan

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة