مقال رأي: هل حقاً سقط الأسد…؟
هل حقاً سقط الأسد..؟
الكاتب: أكرم حسين
في خضم التحولات العميقة التي شهدها العالم العربي بعد موجات الربيع التي اجتاحته ، وسقوط النظام الاسدي في دمشق ، أصبح سؤال “هل حقاً سقط الأسد ؟” يتردد ، ليس فقط في سياق النظام السوري ، بل أيضاً في سياق الأنظمة السياسية والاجتماعية التي تسكن عقولنا وسلوكياتنا. الأسد الحقيقي، في هذا السياق، ليس فقط ذلك الرمز الذي يسيطر على النظام السياسي، بل هو الدكتاتور الصغير الذي يسكن في داخل كل فرد، خاصة في الشخصيات المتنفذة ضمن القوى السياسية الكردية.
ففي المشهد الكردي السوري، نجد أنفسنا أمام قادة وسياسيين تجاوزتهم المرحلة . شخصيات انتهت صلاحيتها وأصبحت غير قادرة على مواكبة التغيرات المتسارعة على المستويين المحلي والعالمي. هؤلاء القادة باتوا يشكلون عبئاً على القضية الكردية بدلاً من أن يكونوا دافعا ًومحركاً لها. فهم لا زالوا يعيشون في قوقعة من الجمود الفكري والسياسي ، رافضين أي تغيير، ومتمسكين بمواقعهم ، وكأنها إرثٌ شخصي لا يمكن التنازل عنه.
إن العقلية التي تحكم بعض القوى السياسية الكردية اليوم تفتقر إلى المنطق الذي يتطلبه العصر. فهم خارج إطار التاريخ الذي يفرض التغيير والتجديد. هذه القيادات لا تدرك أن الزمن لا ينتظر أحداً ، وأن التاريخ لا يرحم أولئك الذين يقفون ضد حتمية التغيير، ولن يكون مصيرهم الا السقوط ..!
ما تحتاجه القوى السياسية الكردية اليوم هو ثورة داخلية ضد هذه “الديناصورات” السياسية. لأن استمرار هؤلاء الاشخاص في مواقعهم لا يخدم المصلحة العامة ، بل يعرقلها. ينبغي على الجيل الجديد، والكفاءات الصاعدة، أن ترفض هذا الواقع وان تطالب بإفساح المجال أمامها لتولي المسؤولية والقيادة .
لا يمكن أن يستمر الاعتماد على قيادات فقدت الرؤية والبوصلة . فالتغيير ليس خياراً بل ضرورة، وإذا لم يقم هؤلاء القادة بالتنحي طواعية، فيجب إسقاطهم عبر رفض وجودهم ، ومنع استمرارهم في احتكار القرار السياسي.
إن مستقبل القضية الكردية في سوريا يتطلب وجوهاً جديدة تمتلك الكفاءة والقدرة على التعامل مع تحديات المرحلة ، وهناك طاقات وإمكانات هائلة في الجيل الشاب، لكن هذه الطاقات مكبّلة بسبب احتكار القيادات القديمة للسلطة.
فتح المجال أمام الكفاءات الجديدة ليس ضرورة سياسية فقط ، بل هو أيضاً واجب أخلاقي تجاه الأجيال القادمة.
السؤال إذا ً ليس فقط في “هل سقط الأسد؟”، بل “هل نحن مستعدون لإسقاط الأسد الداخلي فينا ؟”.
إن الثورة الحقيقية تبدأ من الداخل، بإسقاط الدكتاتوريات الصغيرة التي تعرقل مسيرتنا نحو مستقبل أفضل. لقد حان الوقت لنقول لهؤلاء الطواطم ، كفى. المستقبل لن ينتظر من لا يواكبه، وعلى المجتمع أن يتحرك لضمان أن القادة الذين يقودونه يعكسون تطلعاته ، لا أن يقيدوها بأسوار المنع المسيّجة وتابوات القداسة …؟
اترك رداً