بيان مجموعة نواة وطن
للتضامن مع درعا
يدخل حصار درعا البلد شهره الثالث ويتخلل الحصار قصف بالمدفعية والصواريخ، ومحاولات اقتحام متكررة بمساعدة إيرانية مباشرة، وسط سكوت دولي وإقليمي بما في ذلك من قبل الطرف الروسي الذي ضمن اتفاق التسوية في تموز 2018، وكان أهم بنوده أن تقوم الفصائل العسكرية بتسليم سلاحها الثقيل والمتوسط، وتسليم المعابر الحدودية مقابل تسوية أوضاع المسلحين والمطلوبين من أبناء المحافظة ووقف الاعتقالات والملاحقات الأمنية والإفراج عن المعتقلين.
اختلف هذا الاتفاق عن بقية اتفاقات التسوية “المصالحات” التي جرت في بقية المناطق مثل ريف حمص الشمالي أو الغوطة الشرقية حيث جرى سحب كامل للسلاح وعودة كاملة للنظام. كان واضحاً منذ البداية أن هذا الاتفاق لن يصمد لأن النظام لن يقبل سيطرة منقوصة، وبالمقابل لن يقبل أهالي درعا بسيطرة كاملة للنظام الذي لم يلتزم في الواقع ببنود الاتفاق، فلم تتوقف الملاحقات الأمنية ولم يُفرج عن المعتقلين، كما لم يتلزم النظام بعدم إرسال أبناء المحافظة للقتال خارجها.
لا يحتاج المرء إلى بعد نظر كي يرى أن درعا لن تسلم من العقلية الانتقامية للنظام، ليس فقط لأنها قالت لا كبيرة لرأس النظام في انتخاباته المهزلة منذ بضعة أشهر، أو لأنها أعلنت رفضها نصب تمثال الأسد الأب، أو لأنها لم تكف عن الخروج في مظاهرات ضد النظام حتى بعد اتفاق التسوية المذكور، بل الأهم لأنها كانت شرارة الثورة.
العقبة الأكبر في سبيل أحلام السوريين اليوم هي أن المشهد السوري مجزأ. درعا التي أطلقت الثورة السورية حين تضامنت معها بقية المناطق في سوريا، تجد نفسها اليوم معزولة بعد أُن تشرد الشعب السوري، ونال الإنهاك من المناطق السورية الأخرى، وبعد أن تقطع المشهد السوري واختنقت عبارة “يا درعا نحنا معاكي للموت”. رغم وحدة ظروف ومعاناة كل المناطق السورية، إلا أن الخيط تقطع فلم يعد هذا الخيط يجمع السوريين كما جمعهم مرة في 2011، وكانت مقدمة هذا الحال المتقطع، تعدد “سلطات” المعارضة السورية أمام وحدة سلطة النظام.
إن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته أمام ما يجري في درعا، وأن يفرض تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالوضع السوري ولاسيما القرار 2254.
إننا في “نواة وطن” نقول، وحده التضامن الذي أظهره السوريون في انطلاقة الثورة، يمكن أن يحمي درعا اليوم، وغيرها غداً من بطش النظام وسياساته الانتقامية، وحده التضامن السياسي والمدني يمكن أن يضع حداً لميل السلطة إلى السيطرة التامة على المجتمع.