التخلص من جبهة النصرة يحتاج لترتيبات دولية.. والأتراك عازمون على إتمام صفقة اس 400: يوليو 08,
سياسي سوري لـ آدار برس: 2019
آدار برس- خاص
فيما يتعلق بالمساهمة الحقيقية لإيجاد حل سياسي فلم يتحول الأتراك إلى موقف فاعل إلا من بوابة حساسية المشكلة الكردية في الشمال، وتعارضها مع المصالح التركية، وقد فوت الأتراك فرصاً كبيرة، في الشمال خاصة، في تدخل فعال يضعف النظام السوري ويمهد لانتقال سياسي.
إن التخلص من جبهة النصرة سينهي ذريعة هامة يتذرع بها الروس لكنه لن ينهي محاولاتهم في استعادة ادلب وريف حماة الشمالي ومناطق من ريفي اللاذقية وحلب سواء بقيت تحت سيطرة “النصرة” او فصائل أخرى معارضة أو تحولت لتكون تحت الوصاية التركية.
مصلحة الروس هي في استعادة السيطرة على ما بقي خارج سيطرة النظام، وإضافته إلى مناطق نفوذهم في سورية، خاصة وأن المناطق المتنازع عليها تقع قرب مناطق السيطرة الحيوية على الساحل السوري.
إن الخلاف الأمريكي التركي بشأن موضوع صفقة صواريخ اس 400 الروسية، ليس الأول من نوعه بين البلدين لكنه مرشح لتأزيم العلاقة ودفعها إلى مستويات لا يمكن التكهن بها منذ الآن، وهناك عقوبات أمريكية منتظرة في حال اتمام الصفقة.
جاء ذلك في حوارٍ أجراه «آدار برس» مع السياسي السوري عضو تيار مواطنة، محمد عصام دمشقي.. هذا نصه:
هناك حديث عن تحضير الأتراك لترتيبات عسكرية وسياسية للتعامل مع ملف محافظة إدلب بحيث تضاف إلى ما تسمى منطقتي غصن الزيتون ودرع الفرات، اللتين باتتا منطقتي نفوذ تركي بامتياز.. كيف تقرؤون هذه التحضيرات؟
إن وجود جبهة “النصرة” أو “هيئة تحرير الشام” كان كعب أخيل في إتفاق سوتشي العام الماضي، وربما كانت المراهنة الضمنية للروس أن الاتراك لن يستطيعوا إيجاد الحل لمشكلة بهذا الحجم كانوا هم من صنعها، أو على الأقل شجعها، منذ السماح لمن هب ودب من المقاتلين في التسلل إلى سورية، أما فيما يتعلق بالمساهمة الحقيقية لإيجاد حل سياسي فلم يتحول الأتراك إلى موقف فاعل إلا من بوابة حساسية المشكلة الكردية في الشمال، وتعارضها مع المصالح التركية، وقد فوت الأتراك فرصاً كبيرة، في الشمال خاصة، في تدخل فعال يضعف النظام السوري ويمهد لانتقال سياسي.
إن التخلص من جبهة النصرة يحتاج إلى ترتيبات عسكرية ودولية- ترحيل المقاتلين الأجانب وإعادة تأهيل وإدماج من يرغب من السوريين في جيش وطني سوري- تضاف إلى ما قام به الاتراك من دعم لفصائل المعارضة المسلحة لمواجهة سياسة الأرض المحروقة الروسية-الأسدية، ولكنه – وهذا لا يقل أهمية – يحتاج أيضاً إلى رؤية سياسية من زاوية مصالح الشعب السوري، رؤية تدعم منطقة محررة في شمال غرب سورية تخضع لضوابط إدارية وسياسية ترتبط بسورية المستقبل لا بمصالح مليشيات متناحرة لا تفكر إلا بمصالحها الضيقة، وهذا الأمر لا يجب أن يتم بوصاية تركية حصرية بل بتواجد لمؤسسات الأمم المتحدة، أو مؤسسات تابعة لأعضاء مجلس الأمن حتى لو لم تحصل على التفويض الأممي، وهذا متوقع بسبب الفيتو الروسي، هذه المنطقة المحررة، إذا كان يخطط الاتراك لأن يشرف عليها “الائتلاف السوري لقوى المعارضة والثورة” أو “الحكومة المؤقتة” أو كلاهما، فهذا لا يعني أن تمنع فيها حرية العمل السياسي والإعلامي وكافة أشكال النشاط السلمي لجميع السوريين، ويجب العمل على تحويل فصائل المعارضة العسكرية تدريجياً الى جيش وطني ذي عقيدة قتالية تؤمن بقيم الثورة السورية في الحرية والكرامة.
ماذا بشأن الموقف الروسي في هذه الحالة برأيكم، خاصة أن هناك اتفاقاً اسمه استانة بين الطرفين؟
في كل الاتفاقيات توجد نقاط يسمح تفسيرها بالتملص من الالتزامات، سواء كان التفسير حقيقياً أو متلاعباً به، خاصة عندما يمتلك الروس قوى عسكرية ضاربة، وعندما يبدي الغرب ما يكفي من الإنسحابية والسلبية في التعامل مع الوضع السوري، ويكتفي ببعض الضغوط والتلميحات. مصلحة الروس هي في استعادة السيطرة على ما بقي خارج سيطرة النظام، وإضافته إلى مناطق نفوذهم في سورية، خاصة وأن المناطق المتنازع عليها تقع قرب مناطق السيطرة الحيوية على الساحل السوري. إن التخلص من جبهة النصرة سينهي ذريعة هامة يتذرع بها الروس لكنه لن ينهي محاولاتهم في استعادة ادلب وريف حماة الشمالي ومناطق من ريفي اللاذقية وحلب سواء بقيت تحت سيطرة “النصرة” او فصائل أخرى معارضة أو تحولت لتكون تحت الوصاية التركية.
تفكر أنقرة – حسب ما تظهر وسائل الإعلام – بنشر منظومة إس 400 على الحدود السورية وقبرص، لماذا؟ وما علاقة ذلك بالأزمة بين تركيا والولايات المتحدة برأيكم؟
إن الخلاف الأمريكي التركي بشأن موضوع صفقة صواريخ اس 400 الروسية، ليس الأول من نوعه بين البلدين لكنه مرشح لتأزيم العلاقة ودفعها إلى مستويات لا يمكن التكهن بها منذ الآن، وهناك عقوبات أمريكية منتظرة في حال اتمام الصفقة، لكن ما يبدو أكيداً حتى الآن، هو أن الاتراك عازمون على إتمام الصفقة، وموعد الاستلام الذي تؤكده المصادر المختلفة هو الأسبوع القادم كما أعلن أردوغان سابقاّ. أما مكان بطاريات المنظومة فهو عسكرياً يخضع لما يسمى تحقيق توزع النيران المناسب لانتشار القوات العسكرية، وطالما توجد قوات عسكرية في شمال سورية وفي دولة شمال قبرص فمن الطبيعي أن يفكر القادة العسكريون والسياسيون في تحقيق الحماية المناسبة لقواتهم. أما الفحوى العسكرية للرسالة التركية بنشر الصواريخ شمال سورية في القول أنها تهدف للردع وتحقيق الاستقرار في هذه المنطقة رغم أن النظام السوري، الخصم الوحيد هنا، لا يملك الإمكانات العسكرية لتنفيذ أي مواجهة عسكرية مع تركيا.
أمريكا تفكر في فرض عقوبات على تركيا في حال تسلم المنظومة، برأيكم هل ستطبق أمريكا العقوبات، أم هي مجرد تخويف لتركيا كي لا تستلم المنظومة؟
نعم العقوبات المنتظرة المعلنة حتى الآن هي إنهاء تدريب الطيارين الأتراك على إف 35، وربما تعطيل الصفقة بكاملها، إضافة إلى خطوات أخرى لا تقل أهمية، وهي حرمان الصناعة التركية من صناعة أجزاء أو متممات لهذا الطراز من الطائرات، وهذا لا يشكل فقط ضربة اقتصادية للاقتصاد التركي المتراجع أمام الضغوطات الأمريكية، بل يشكل أيضاً خطوة معنوية هامة قد تعني إضفاء المزيد من الوهن على علاقة تركيا بحلف الأطلسي، وحتى لو جرت محاولات لحلول وسط بهدف عدم تدهور العلاقة الأمريكية-التركية فلا أقدر أن الموقف الأمريكي قادر على استيعاب الإصرار التركي على العلاقة المميزة مع روسيا على حساب العلاقة مع الأطلسي، وذلك ليس فقط لاعتبارات العلم العسكري بعدم التداخل بين النظامين العسكريين الأمريكي والروسي، بل أيضاً للاعتبارات السياسية الاستراتيجية التي تقتضي الحد من النفوذ الروسي وخاصة في مناطق نفوذ الاطلسي الأمر الذي يعني أن وضعاً جديداّ سينشأ وأن العقوبات ستأخذ طريقها إلى التحقق.
حوار/ سلام أحمد