افتتاحية الاسبوع :القامشلي مركزاً لقرار كردي سوري

القامشلي مركزاً لقرار كردي سوري

 بصرف النظر عن التوجهات والمواقف السياسية للأطراف الكردية (المجلس الوطني الكردي “ENKS” وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية “PYNK”)، يبقى من المرفوض اللجوء إلى الترهيب والعنف في المجال السياسي الذي ينبغي للأطراف فيه حصر الصراع في الحدود السياسية. نقول هذا الكلام بمناسبة الاعتداءات التي تعرضت لها مكاتب المجلس الوطني الكردي وأحزابه في القامشلي والمالكية والدرباسية وكوباني وعامودا وغيرها من البلدات في مناطق الإدارة الذاتية.

لا يمكن لمثل هذه الاعتداءات أن تخدم قضية الشعب الكردي، ذلك أنها تبدد مصداقية جميع الأطراف، فالطرف المعتدي، بوصفه صاحب القوة على الأرض، يرتسم في وعي العموم، بما في ذلك وعي أنصاره، على أنه قوة قهر واستبداد، وهذا يشكل إضعافاً لمكانته ويبدد رصيده المعنوي بين انصاره.

ولا تقتصر خسارة الطرف الآخر على الماديات، بل يضاف إليها حملة تشويه قصوى غايتها التغطية على حملة العنف، تصف هذا الطرف بأنه عميل وخائن، كما جاء في بيان حزب الاتحاد الديموقراطي في تعليقه على الحوادث. المحصلة هي خسارة الكرد لممثل سياسي يكتسب وزنه ومكانته من تمثيله النزيه لتطلعات النسبة الغالبة من الكرد.

وإذا كان المجلس الوطني يرى إن تلك الاعتداءات هدفت إلى إلغاء الحوار الكردي – الكردي الذي كانت تسعى أميركا إلى إحيائه ويريد الاتحاد الديموقراطي تخريبه لكي يحافظ على سيطرته المنفردة، فإن من المنطقي أن نسأل:

هل ما تحتاجه الأطراف الكردية هو التوافق السياسي فيما بينها أم القبول المتبادل، بمعنى هل يحتاجون إلى توافق سياسي، أم إلى قبول الاختلاف السياسي بينها والاحتكام إلى الشارع الكردي، دون ترهيب أو عنف؟

بالعودة إلى اخر جولة من الحوارات بين المجلس الوطني الكردي الذي يشكل الحزب الديمقراطي الكردستاني- سوريا أكبر احزابه والذي يشكل البارزاني ظهيره الكردستاني وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية الذي يشكل حزب الاتحاد الديمقراطي ركيزته والذي يرتبط (حتى هذه اللحظة على اقل تقدير) عضوياً بقنديل، معقل العمال الكردستاني، حيث وافق الطرفان على استئناف الحوار في 5 حزيران 2021 فيما سمي “بوثيقة ضمانات من ممثل الخارجية الأمريكية (ديفيد براونشتاين) وقيادة قوات سوريا الديمقراطية ممثلاً بقائدها مظلوم عبدي، والتي اختصرت في ستة نقاط تتمحور حول استئناف الحوار من النقطة التي توقفت باعتماد المحاضر الموثقة لدى الجانب الأمريكي وعلى أرضية اتفاقية دهوك 2014، وضمان عدم تكرار ما حدث من اعتداءات على مكاتب المجلس وحرقها وعدم اعتقال أعضائه لاسباب سياسية، والتوقف عن الحملات الإعلامية المسيئة والتي تعيق عملية الحوار. 

اعتبرت هذه الوثيقة داخلية ولم تنشر على وسائل الإعلام، لكنها لم تنجز على الأرض أية تقارب بين الطرفين، فقد توقفت الحملات الإعلامية لأسابيع إن لم نقل أيام، لتطل برأسها بين الحين والأخر حتى بلغت ذروتها قبل أيام لتتوج بحرق اكثر من ثمانية مكاتب للمجلس واحزابه.

إن تزامن حرق المكاتب ولغة التخوين التي ينتهجها إعلام حزب الاتحاد الديمقراطي، حزب السلطة في الإدارة الذاتية، مع القصف التركي لمعاقل العمال الكردستاني في كردستان العراق يشير، حتى لو لم يكن الأمر كذلك، إلى ارتباط الحزب بقيادة قنديل وايقاع قمعه او لنقل سياسته الداخلية تجاه خصمه مرتبط بصراع العمال الكردستاني المركزي ضد تركيا.

بصرف النظر عن موضوع سيادة العراق وخصوصية إقليم كردستان العراق ومشروعية كفاح الكرد في تركيا، فإن خصوصية الوضع الكردي في سوريا يتطلب من الأحزاب الكردستانية الكبرى وعلى وجه التحديد (الحزب الديمقراطي الكردستاني-العراق والعمال الكردستاني-تركيا) الكف عن التدخل في وضع الكرد في سوريا وتوظيف حركته السياسية كبيادق في صراعهم الداخلي، وسحب مركز قرارهم من قامشلو إلى قنديل واربيل.

 المطلوب من الكرد السوريين أن يدركوا أن أولويات كردستان العراق وحزب العمال الكردستاني تختلف عن اولوياتهم، وهذا مشروع ومفهوم، وهم يشكلون الخاصرة الرخوة لصراع الشقيقين الكبيرين، عليهم بالتالي ترتيب اولوياتهم على ضوء الوقائع في الداخل السوري.

إن ما قدمه حزب الاتحاد الديموقراطي في مواجهته داعش وتحجيمها يشكل بطبيعة الحال رصيداً سياسياً له، ولكن لا يجوز استخدام هذا على اعتباره مصدراً ثابتاً لشرعية تخوله “قمع” القوى الأخرى، أكانت كردية أو عربية.

من الطبيعي أن يكون بين الكرد تباينات سياسية وأن تكون هذه التباينات أوسع من أن يحلها حوار، كما انه لمن غير الضروري ومن غير المفيد بكل الأحوال ان تلغى هذه التباينات. الأقرب إلى المنطق هو أن يتم اجتثاث جذر المشكلة بتحييد القوة العسكرية وإلغاء منظمات متطرفة كالشبيبة الثورية (جوانن شورشكر) وتحويل المسؤولين عن حرق المكاتب واعمال عنف أخرى إلى محاكم علنية، وتطبيق القانون واحياء مسار الحوارات ومن ثم البحث والعمل على إنتاج إطار ما “برلمان، مجلس…الخ”  يعكس الثقل السياسي لجميع الأطراف الكردية بكل تلاوينها.

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

1 تعليق على “افتتاحية الاسبوع :القامشلي مركزاً لقرار كردي سوري”

  1. للاسف فان قادة الحزبين الكورديين في سوريا لا يفهمون المواطنة الا ضمن اطار مصالح هولير وقنديل ،وبالتالي لن يكون هناك توافق ان لم يكن على مستوى الحزبين الكورديين في العراق وتركيا ….الطرفان مستفيدان من الصراع وباشارة واحدة من تركيا وطهران لن يكون هناك صراع كوردي- كوردي ،وهذا ما لن يراه الكورد الا في الاحلام أو بظهور قوى وطنية مستقلة في قرارها .

التعليقات مغلقة