في اهداف “اللجنة الدستورية”، وطبيعة ” الحلّ السياسي” الأممي للصراع على سوريا – نزار بعريني
تقول آخر اخبار “جنيف” ” الدستوريّة “ بعودة وفود” اللجنة “إلى العمل ، بعد إجازة طويلة ، تخللها في ” الوطن ” تنفيذ ” الاستحقاق الدستوري” الرئاسي ،ورافقها مجموعة خطوات متكاملة في نهج إعادة تأهيل النظام الحالي ، بدستوره ، وسلطته ، دون الأخذ بأدنى الإعتبار لمماحكات اللجنة ، وما قد يصدر عنها في قادم الأيّام !
السيّد “غيربيدرسون” ، العرّاب الأممي” “للجنة الدستوريّة ” العتيدة ، له رأي مختلف !!
اذ يعتقد انّ “المجموعة المصغرة” ، من اللجنة ، التي تطلق جولة جديدة من أعمالها اليوم ، ١٨ ت١ ، ” ستعمل على صياغة” ليست فقط “ مسودة إصلاح دستوري ” ،وفقا للإتفاق المبرم بين الرئيسين المشاركين في اللجنة ” ، السيدان ، مع حفظ الألقاب ،احمد الكزبري، ممثّل “الحكومة الشرعية “، و” هادي البحرة ” ، ممثّلا عن ” المعارضة الدوليّة “، بل وأيضا ” مشروع للإصلاح الدستوري ” .
في هذا الجو المشحون بأجواء التفاؤل” الخلبّية” التي يعمل رئيس اللجنة ، وداعميه ، واعضاء الوفود على ترويجها ، استمرارا لمسرحية خداع السوريين ، وتضليل الرأي العام العالمي ، لديًّ ما اقدّمه ، في سياق آخر ، مختلف ، يسعى لكشف أشكال الخداع التي يتعرّض لها السوريين ، في إطار حروب قوى الثورة المضادة ، العسكرية والسياسية ، التي عملت على هزيمة أهداف المشروع الديمقراطي للشعب السوري منذ ٢٠١١ ، في مواجهة ، ولمنع حدوث استحقاقات ديمقراطية وطنية شاملة، وحقيقيّة !!
في محاولة لتعميق آليات تضليل السوريين حول طبيعة ” الحلّ السياسي ” الأممي ؛ الذي تقوده عمليّا الولايات المتحدّة وروسيا ، في جميع مراحله ، منذ ٢٠١٢ ، وحتّى اليوم ، تحت يافطة ” مجلس الأمن ” و” الشرعيّة الدوليّة” ؛ تستمر أطراف مختلفة بالترويج لدعاية أنّ مرحلة ” اللجنة الدستورية” خاصّة ، ومحطّة آستنة ، عموما ،منذ ٢٠١٦ ، ليسا جزءا أصيلا من مسار” الحل السياسي “ الأممي ، ومرجعيات جنيف ، والقرار ٢٢٥٤ ؛ بما يبرّئ المسار مما وصلت إليه اللجنة من فشل ، و” يؤكّد على “دعاية” استمرار صلاحية مسار الخيار السياسي ، وجدّية دعمه من قبل واشنطن ، ويبر مشروعية إستمرار معارضات ” المجتمع الدولي “التعويل عليه لإحداث ” انتقال سياسي ” ،مازال مؤجّلا…. !!
على أيّة حال ، تؤكّد التطوّرات التالية لإنطلاق” مسار جنيف “ وفي جميع محطّاته ، بدءا من نقاط كوفي انان ٢٠١٢ ، وبيانات جنيف اللاحقة ، وقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ ، عدم وجود مصلحة للولايات المتّحدة اوّلا ، ولروسيا ، ثانيا ، ” في أنّ يكون مسار حلّ سياسي واقعي للصراع ، يبدأ بوقف شامل لإطلاق النار ، ويتضمّن خارطة طريق انتقال ،وتغيير سياسي ، وذلك في حرص الإدارتين الأمريكيّة والروسيّة على عدم تضمين قراراته للحدّ الأدنى المطلوب من آليات تنفيذ فعّالة!!
تدلل على صحّة هذا الإستنتاج أيضا عوامل سياق” مسار جنيف” التاريخي :
فقد أطلق الروس والأمريكان ” مسار جنيف ” بعد تفشيل مسار الحل السياسي العربي ، في خطتيه الاولى والثانية، في نهاية ٢٠١١ ، وخلال النصف الاوّل من ٢٠١٢ ، وأتت محطّاته في سياق تنفيذ” الخيار العسكري ، وبما يوازيه ، ولا يشكّل بديلا له، وقد وصلت” حوارات الطرشان” التي تضمنتها ” جلساته “إلى “صفر مكّعب ” فيما يتصلّ بإيجاد حلّ سياسي ، في حين حققت جميع اهدافها الأخرى ، المضللّة للسوريين ، والمفشّلة لمسار حلّ واقعي، كلّ النجاح المطلوب ! (١).
منذ اللحظات الاولى لتفجّر الحراك الشعبي السلمي ، سعت القوى المتضررة من اهدافه التاريخيّة ،وما يمكن أن ينتج عنه في سياق الإصلاح السياسي ، محليّا وإقليميّا ودوليّا ، بقيادة الولايات المتحدّة الأمريكية ،( التي ادّعت ” صداقتها ” للشعب السوري ، ومارست عمليّا كلّ ما يدعم مسار الخيار العسكري الطائفي، ويمنع حدوث تغيير سياسي)، لمنع تحقق أيّة خطوات على مسار إيجاد حلّ سياسي ،يلبّي الحد الأدنى من اهداف التغيير الديمقراطي، خشيّة أن يؤسس لمرحلة انتقال سياسي للسلطة ، يضع السوريين على عتبة خارطة طريق بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية ، وبالتالي توحيد جهدها ، وتنسيق ادواتها لدفع الصراع على مسارات العنف الطائفي والميلشة، كأنجع الخيارات لتحقيق اهدافها. ضمن هذا السياق العام، تمّت خطوات وآليات “دفن “مسار الحل السياسي” ، بصمت ، وفي ظل قرعة السلاح ، وصرخات المحتجين ، في محطّتين أساسيتين :
الأولى ،
على الصعيد الداخلي / الوطني .
تمّ تفشيل مؤتمر ” اللقاء الوطني ” التشاوري ، الذي انعقد في 10 يوليو/تموز 2011 ، الذي سعى الداعون إليه، والمشاركين بأنشطته من النخب السياسيّة والثقافية الديمقراطية ، كما أعلن رئيسه ، السيّد ” فاروق الشرع “، ” الإعداد لمؤتمر وطني شامل ، يمكن منه الانتقال بسوريا إلى دولة يحظى فيها جميع المواطنين بالمساواة ويشاركون في صياغة مستقبل بلدهم ” ، ” وأن الحوار الوطني يجب أن يتواصل سياسيا وعلى كل المستويات ، لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة في تاريخ سوريا “.
ورغم اعتراف السيّد الشرع ، ” نائب الرئيس “، بأن اللقاء التشاوري” ينطلق في أجواء من الشك والقلق والريبة” ، وإن “التظاهر غير المرخص ينجر عنه عنف غير مبرر” ؛
وتأكيد المُفَكّر السوري، المرحوم ، الدكتور ” الطيب تيزيني” ، على أنّ ” إيقاف إطلاق النار على المحتجين، … من مقومات نجاح الحوار الوطني ؛ وإنّه لن “يمثّل سوى محاولة من النظام “للاستمرار في الهيمنة على السلطة، إذا لم يترافق بوقف إطلاق النار ” ، على الرغم من هذه الأجواء الغير مشجّعة ، فقد بحث اللقاء إمكانية إدخال نظام التعددية الحزبية في سوريا، وتعديل المادة الثامنة من الدستور ، وعدم استبعاد وضع دستور جديد للبلاد، إضافة إلى مناقشة مشاريع الأحزاب وقانون الانتخابات وقانون الإعلام .
في نظرة موضوعية إلى تلك الأحداث، يبدو واضحا ، منذ وقت مبكّر ، عدم توفّر نوايا حقيقية ، لإعطاء الحوار الوطني ” الفرصة والسلطة” ، من اجل تجنيب سير البلاد على طريق الحرب ؛ وان القرارات “الأهم” كانت قد اتخذت في مكان آخر، ولايمكن لها أن تتجاهل مصالح وسياسيات واشنطن ، للدفع بالخيار الأمني العسكري على مسار تحقيق اهداف داعميه ، المتناقضة مع اهداف السوريين ، ومصالح الدولة الوطنية، وإن الخيار الأمني / العسكري، قد بدأ يحفر عميقا في قلوب وأجساد السوريين ،….وإنّ إطلاق النار قد أخذ أشكال تصعيد خطيرة!
شكّل إنعقاد المؤتمر فرصة حقيقية ، لو صدقت النوايا ، وتحققت المصالح ،لخروج سوريا عن سكّة المسار العسكري/ الطائفي ، التي أوصلت البلاد إلى حالة التدمير ، والإحتلال .
الثانية ،
تجسّدت بوضوح في تفشيل خطط السلام العربّية، التي دفعت بها المجموعة العربية داخل ” الجامعة ” بتأييد من تركيا . لقد تضمّنت الخطة الثانية ، التي فشّلها فيتو روسي / صيني ، في مواجهة موقف أمريكي ” معارض ” ، منتقد” بشدّة “ ، آليات عمليّة ، وفعّالة لفرض وقف اطلاق نار شامل ، يستحيل ان يبدأ اي مسار سياسي دون تحقيقه ، وخطوات الانتقال السياسي ، وطبيعة هيئة الحكم الانتقالية ، وما تتضّمنه المرحلة الانتقالية من إجراءات وخطوات دستوريّة . (٢).
ضمن هذا السياق العام ، كان من الطبيعي ان يتفق الروس والأمريكان على إخراج مسار آخر ، يتناقض من حيث الأهداف وآليات التنفيذ مع الخطّة العربية، ويسعى لخداع السوريين باستمرار جهود ايجاد حل سياسي ، في حين عمل الجميع بشكل محموم على دفع مسار الخيار العسكري الطائفي إلى نهاياته التي اكتوى بنارها السوريون ، في مرحلتين اساسيتين !! (٣).
حول طبيعة ” المهمّة ” التي يمكن أن تُعطى للجنة الدستورية في هذه المرحلة، مع انتهاء آخر مراحل الحل العسكري ، الذي ادّى إلى ” تقسيم ” سوريا إلى مناطق نفوذ ، وحصص ، وشرائط حدودية ” آمنة ” ، بين أطراف حلف ” الثورة المضادة “، تصبح “الدول المنتصرة” بحاجة الى عقد ” صفقة سياسية ” ، ليس لها علاقة بالحل السياسي ، تشكّل غطاء لحدوث تفاهمات سياسيّة ، تضمن مصالح قوى الخيار العسكري ، وتشرعن وجودها ؛ من خلال تحقيق هدفين ، على الأقل :
الاوّل ،
هو إعادة تأهيل النظام ، وضخ دماء جديدة في عروق مؤسساته ؛ ربّما من خلال ” تطعيمها ببعض الشخصيات ” المعارضة “، كما يعتقد ، ويأمل البعض في هيئات ومنصّات المعارضة ،التي أثبتت ، طيلة السنوات الماضية ،ولائها لمشغليها ، سعيا لإعطاء النظام ” الشرعية الوطنية” السورية ، من خلال خلق إنطباع مخادع بحدوث حل سياسي ، شامل( وهو ما زال مستبعدا ، طالما انّه ، في حال حدوثه ، سيكون على حساب اذرع السيطرة الإيرانيّة ، التي يأتي هدف الحفاظ عليها في اولويات السياسات الأمريكيّة !! .
الهدف والغاية النهائية من ذلك، ليس دخول مسار التغيير السياسي ، الديمقراطي ، ولا تحقيق مصالح الشعب السوري الديمقراطية الوطنية، بل هو ” خلق ” نظام ، يكتسب ما يكفي من الشرعية السورية ، لكي يكون قادر على شرعنة الوجود الأجنبي، وما حصل عليه من حصص ونفوذ داخل سوريا ، وعلى حساب سيادتها الوطنية .
من هنا سيكون الهدف الرئيسي “للجنة” العتيدة ، اذا ارادوا تفعيل دورها ، ( وقد تجاوزت الأحداث دورها ، كما اعتقد ، بعد تنفيذ الاستحقاق الرئاسي ، بآليات الاستبداديّة ذاتها)، إدخال بعض الشخصيات المحسوبة على المعارضة ؛التي تُسيَّر بالريموت كنترول ، في أجهزة ، ومؤسسات النظام الحالي ؛ بما يحوي بقيام نظام جديد ، وحكومة وحدة وطنية ، تشاركية !!
وفقا لهذه الرؤية ، فإن أي تغيير أو تجديد نظري ، سياسي ، في البنية القانونية ، الدستورية ، لن يكون إلّا لذر الرماد في العيون ، وخداع الراي العام السوري ، والعالمي .
الهدف الثاني ،
هو أن تضمن قوى الإحتلال ، من خلال الإخراج الجديد ، قيام نظام ضعيف ، تابع ومرتهن، لها ؛بينما يمتلك مقاومات كافية ليكون قوي ، بما يكفي ، لإبقاء المارد السوري داخل القمقم ، في مختلف مناطقه ، عاجزا عن القيم بأية أعمال في المستقبل ، تقلب الطاولة على رؤوس الجميع ، وتلغي شرعية الإحتلالات ؛ وتقتلع قواها من الجذور !!
رغم مرارة الوضع السوري، وما صنع الخيار العسكري من حقائق ، يستمر انشغال بعض أقطاب ” النخب السياسية والثقافية ” في النقاشات التي تدور حو ” بعض نقاط الدستور الموعود ، ويصرّ البعض الآخر ، الباحث عن فرصة ” خاصّة “ على تبرير سياسات واشنطن ، وعلى تعويله على ” صحوة ” موقف، وضمير أمريكي، يُعد بعض التوازن لصالح قضيّة الشعب السوري العادلة !!
هي حالة يُرثى لها ؛ تدلل على النجاح الذي حققه جميع أطراف حلف الاستبداد في تفتيت السوريين ، و تضليل الوعي السياسي النخبوي، بما يصبّ في خدمة سياساته !
كم سنحتاج من تضحيات، وهدر للوقت ، لكي ندرك أن موازين القوى العسكرية ، هي التي ترسم ، وتحدد طبيعة ، وأهداف الإخراج السياسي ، وإنّ ما تظهره لوحة تلك الموازين ، بعد نهاية المعارك الكبرى للمسار الحربي ، هو تقسيم سوريا إلى شريط آمن تركي ، في الشمال ، يصل إلى عمق ٣٠ كم ، يضمن مصالح ، ونفوذ تركيا ؛ وشريط آخر ، في الجنوب ، يضمن نفس المصالح ، لدولة الكيان الصهيوني؛ وإن ثروات ، ومصادر سوريا الرئيسية ، من الماء والنفط والغاز والفوسفات، والشواطىء ، والمرافىء ، وحتّى ” مؤسسات الدولة ” ، وأنّ ما يعقب هذه المرحلة ليس سوى ” صفقة سياسية ” بين قوى الخيار العسكري، تشرعن ما حصل عليه الجميع ، تاركينا لنا اجترار اوهام الحلّ السياسي ، والقبول بحقائق الوضع الاقتصادي، والسياسي !!
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎
(١)-
إنّ تفحُّص” نقاط كوفي أنان الست “، و”بيان جنيف ١”، وقرار مجلس الأمن الدولي ٢٢٥٤، الذي يقوم عليهما ، وما تحقق من هذا المسار في خطواته اللاحقة ، ومرحلته الثانيّة ، وفقا لمسار ” آستنة – اللجنة اللادستوريّة “،وحتّى الآن ، لايضع مجالا للشكّ بحقيقة نوايا القائمين على قيادة هذا المسار، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا !
ففي تغييب تحديد ” آليات فعّالة” لتنفيذ اهداف غير قابلة للتأويل ، ووفقا لجدول زمني محدد ، وحضور عبارات عامّة لاتتجاوز شكل النصيحة ، تحمل كلّ منها تفسيرات متناقضة ، تُبطل عملها ، في ظل نوايا غير حسنة، ومصالح متناقضة ، نفهم حقيقة اهداف تحالف القوى الذي روّجت لما يُسمى” مسار الحل السياسي“!!
(٢)-
مقابل إعطاء فرصة ل “مسارجنيف ” ، طيلة السنوات التسع الماضية ؛ رغم افتقاده البيّن لشروط “إنهاء العنف” ، وتحقيق انتقال سياسي ، وما يؤدّي إليه من إعطاء الفرصة كاملة للخيار العسكري من اجل منع ” أنتقال سياسي سلمي للسلطة السياسية ” وقطع طريق التغيير الديمقراطي؛ عملت الولايات المتحدّة ، بالتنسيق مع الروس، وتحت يافطة “الفيتو والروسي ” على إجهاض الخطّة في مجلس الأمن ، في حزيران ٢٠١٢ ، وبعد عدم استخدام آليات ردع فعّالة لفرضها على اطراف الصراع ، خاصّة سلطة النظام وشريكه الايراني !
كيف نفسّر الموقف الأمريكي؟
كان في ” خطط السلام العربيّة ” الأولى ولثانية ،مشروعا متكاملا لإنهاء مسار العنف ،وتجنّب الخيار العسكري الطائفي في مواجهة استحقاقات ديمقراطية ؛ وهو السبب الجوهري لرفضه ، لانّ في تحقيق هذه الأهداف تعارضا جذرّيا مع ادوات السيطرة للولايات المتحدة ، التي اعتمدت تاريخيّا ، طيلة سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية ، على سلطات انظمة استبداد ، معادية للديمقراطية ؟!
ألم يَكُن لتنفيذه أن يقطع طريق ” الخيار العسكري” ، ويفتح ابواب مرحلة تاريخية أرقى لبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الوطنية، لو كانت تتوافق نتائجه هذه
مع مصالح وسياسات الولايات المتحدة الامريكية، القوّة الأعظم على سطح الكوكب، وصاحبة اكبر مشروع إستراتيجي في كامل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟
خطّة السلام العربيّة ٢:
تشكّل مشروع ” حل سياسي سلمي ” متكامل ، يتضمّن النقاط التالية:
١-
“تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال شهرين تشارك فيها السلطة والمعارضة برئاسة شخصية متفق عليها تكون مهمتها تطبيق بنود خطة الجامعة العربية والاعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية تعددية حرة بموجب قانون ينص على اجراءاتها وباشراف عربي ودولي”.
٢-
تفويض رئيس الجمهورية نائبه الاول بصلاحيات كاملة للقيام بالتعاون التام مع حكومة الوحدة الوطنية لتمكينها من اداء واجباتها في المرحلة الانتقالية”.
٣- “اعلان حكومة الوحدة الوطنية حال تشكيلها ان هدفها هو اقامة نظام سياسي ديموقراطي تعددي يتساوى فيه المواطنون بغض النظر عن انتماءاتهم وطوائفهم ومذاهبهم ويتم تداول السلطة فيه بشكل سلمي”.
٤- “قيام حكومة الوحدة الوطنية على اعادة الامن والاستقرار في البلاد واعادة تنظيم اجهزة الشرطة”.
٥- “انشاء هيئة مستقلة مفوضة للتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المواطنون والبت فيها وانصاف الضحايا”.
٦- “قيام حكومة الوحدة الوطنية بالاعداد لاجراء انتخابات لجمعية تأسيسية على ان تكون شفافة ونزيهة برقابة عربية ودولية خلال ثلاثة اشهر من تشكيلها وتتولى هذه الجمعية اعداد مشروع دستور جديد للبلاد يتم اقراره عبر استفتاء شعبي واعداد قانون انتخابات على أساس هذا الدستور”.
(٣)- الآن ، وبعد أن اَنجز” الخيار العسكري” أهدافه، اصبح واضح طبيعة” تحالف القوى” المستفيد ة من نتائجه ، التي تتعارض مصالحها مع مسار تغيير سياسي ديمقراطي ، والتي وقفت خلف الدفع بالخيار الحربي حتى نهايته ؛ رغم استمرار الترويج لوجود مسار سياسي ، مزعوم ! ألّا تقف الولايات المتحدّة على رأس قائمة المستفيدين من هزيمة اهداف المشروع الديمقراطي للشعب السوري، وتتحكّم بمصائر ، ومصالح شركائها في تحقيقها ، الدوليين والإقليميين ؟!
لقد أصبحت واضحة أيضا المراحل الثلاث التي تضمّنتها صيرورة ” المسار العسكري” ، في اختلاف اهدافها ، وطبيعة ادوار قواها ، وأذرعها :
*– مرحلة السيطرة الميليشياوية ،التي شارك الجميع فيها ،والتي توجّها احتلال داعش ، التي اطلقها المالكي من العراق ( في ظلّ إنسحاب أمريكي !)، لمعظم مناطق ” المعارضة المسلحة ” مع نهاية ٢٠١٤؛ وشكّل هدفها الأساسي قطع طريق التغيير السياسي، واغراق اهداف الحراك السياسيّة في دماء ، ودموع جمهوره وناشطيه ، وداعميه !!
*- مرحلة الإحتلال العسكري المباشر ، الأمريكي الروسي ؛ نهاية ٢٠١٤ ، ومنتصف ٢٠١٥ ، ليقود الأمريكان بشكل مباشر المرحلة التالية ، مرحلة حروب توزيع الحصص والنفوذ بين شركاء الخيار العسكري ؛ بذريعة محاربة الإرهاب الداعشي ، بعد أن ” “نأوا بأنفسهم” عن مسار الحرب ، ( على طريقة حكومة الحزب في بيروت !)، تاركين للوكلاء والشركاء أعباء .تنفيذ المهمّة القذرة !! .
*- ، وما نتج عنها من استمرار سيطرة السلطة ، كشريك رئيسي !!
طيلة صيرورة الحل العسكري ، منذ ٢٠١١، وحتى الآن ، لم يكن الهدف من الاستمرار في مسار “الحل السياسي ” ، في جميع محطّاته المتعاقبة ، سوى تضليل الرأي العام ، العالمي والمحلّي ، وإيهام السوريين بوجود اصدقاء ، يسعون لإخراجهم من إتون الحرب ؛ شراءا للوقت ، لكي يعمل الجميع ، بقيادة الولايات المتحدّة، على إستكمال أهداف، ومراحل الحل العسكري، والصفقة السياسيّة !!
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎نزار بعريني ١٨-١٠-٢٠٢١
الآراء الواردة بالمقال تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة أن تعبر عن رأي الموقع.