بيان إندماج تيار مواطنة – مجموعة نواة وطن
بيان اندماج بين تيار مواطنة ومجموعة نواة وطن
خلال الحوارات الثنائية المستمرة على مدى عامين، وجد تيار مواطنة ومجموعة نواة وطن أنهما تشتركان في ثلاثية الديمقراطية والعلمانية والمواطنة، وكذلك في رؤية ماضي التجربة السياسية السورية وفي مقاربة الممكنات والوقائع العيانية الملموسة، وفي النهاية التطلع إلى سوريا المستقبل، وعلى ضوء هذه المحاور الرئيسية الثلاثة يعتقد الطرفان أن الخطوة الاندماجية هي نتيجة موضوعية لهذه الأرضية السياسية المشتركة وخطوة حافزة في تثقيل وزن التيار الديمقراطي-العلماني في اللوحة السياسية السورية. وعلى ضوء الرؤية المشتركة، وجد الفريقان أن هناك فرصة حقيقية لتوحيد الجهود التنظيمية والسياسية ودعوة جميع القوى الديموقراطية لتكثيف العمل بهذا الاتجاه.
29 كانون الأول 2021 تيار مواطنة – نواة وطن
الرؤية المشتركة:
- الانقسام الإثني والطائفي في سوريا ، بالمعنى الاجتماعي والتاريخي، هو واقع عياني ملموس لم تستطع الأنظمة السابقة تجاوزه، بشكل حاسم، باتجاه تشكيل هوية وطنية، وفي حين أن الطابع القومي لحزب البعث رسّخ الانقسام الإثني، فإن نظام الأسد قد عمق الانقسام الطائفي العمودي، وأعطاه بعداً سياسياً، ثم أتى الإنفجار العاصف الكبير في آذار 2011 ليكمل المشهد، بالكشف عن العفن العميق في قاع المجتمع السوري.يجب الاعتراف بهذين الانقسامين، دون البناء عليهما. كما أن الانزلاق نحو العسكرة ومن ثم الأسلمة، وانتهاءً بالطائفية هي إحدى نتائج المواجهة القمعية للحراك السلمي، والاستعدادات الكامنة لدى الجهات المتطرفة إسلامياً، اعتماداً على الإنقسام الطائفي العمودي، في حين أن مناطق شرق الفرات هي إحدى نتائج الإنقسام الأثني.
- رفض موقف اليسار الدوغماتي المؤيد لسلطة الطغمة القائم على وحدة النضال ضد الإمبريالية دون مراعاة خصوصية الساحات ودون إيلاء المسألة الديمقراطية حقها.
- الموقع الاستراتيجي (الجيوسياسي) لسوريا، وبشكل رئيسي وجودها على حدود فلسطين و”إسرائيل”و تركيا، والدور السوري الفكري والسياسي السابق في العالم العربي، زاد في تعقيد الوضع بعد آذار 2011 من حيث تأييد الاتجاهات القومية واليسارية العربية للنظام، إضافة إلى تشتت المعارضة السورية سياسياً وتنظيمياً، عدا عن ارتهان الفصائل العسكرية التي نمت كالفطر وارتهنت لأجندات ومصالح القوى الخارجية، كل هذه الأمور ساهمت في الوصول إلى الوضع الكارثي الحالي.
- لا نعتبر أن الاحتجاجات التي بدأت في سوريا في آذار 2011، جاءت في سياق مؤامرة خارجية تقودها حركات إسلامية إرهابية تكفيرية وتحركها الإمبريالية والصهيونية وبلدان الخليج وتركيا… إلخ. و لكن لا بدّ أن نقرّ أن ما سميت بثورات الربيع العربي انتهت لتصب في خانة الإسلام السياسي، وهو أمر مفهوم في سياق تطور هذه البلدان والملابسات المعقدة والعميقة التي أحاطت بهذا السياق الراهن والتاريخي.
- من المفيد الإشارة إلى أن الخطاب السياسي والإعلامي للسلطة ومعظم المعارضة يتقاطعان إلى حد كبير في اعتبار أن المؤامرة الخارجية أساس المشكلة، ويتفق الطرفان في اعتبار أن القوى المتآمرة هي الإمبريالية والصهيونية وإسرائيل وأمريكا وأوروبا وبلدان الخليج و…إلخ، بما يتضمنه ذلك من مفارقة تجعل الطرف نفسه خصماً للسلطة والمعارضة، لينتهي الطرفان في اعتبار أن هناك صراعاً في سوريا وعلى سوريا.
- نتبنى الوطنية التي تكون بدلالة الداخل والتي تعني تكريس نسيج اجتماعي داخلي يعلو فيه الانتماء إلى الوطن والشعب على كل انتماء آخر والدفاع عن المصالح المشروعة للشعب والوطن، وفي هذا السياق نعتبر الوطنية بدلالة الخارج التي ترتكز فقط على تحقيق السيادة الوطنية أقرب ما تكون إلى البداهة، ولا تشكل رأسمالاً معنوياً يستحق الوقوف عنده والإشادة به ليل نهار ولا تعتبر هي المعيار اللازم والكافي لتحديد المواقف.
- لا بدّ من وقفة جادة و مسؤولة في موضوع أسلمة الثورة السورية، وعدم المساهمة الجادة في مواجهتها، من قبل معظم قوى وهيئات وشخصيات المعارضة، تحت ذريعة وحدة البندقية في مواجهة سلطةالطغمة، وإن أية بندقية موجهة ضد الطغمة هي بندقية ثورية، كما يجب الإقرار بوجود النسغ العنفي الموجود في الإسلام النصّي والتاريخي وعدم حصر الموضوع بالدعم الإقليمي والخليجي رغم دوره المركزي الذي ساهم في تأجيجها ودعمها.
- إن الخروج من الكارثة التي وصلت إليها الحالة السورية يتطلب اعترافاُ بفداحتها وبالهزائم العسكرية التي منيت بها الفصائل المعارضة، وأيضاً بعدم وجود دور فعال للقوى الديموقراطية، وهكذا لا يمكن الحديث عن الثورة المستمرة وعن الانتصار المعنوي، بل يجب إجراء مواجهة مع الذات والبحث عن الأسباب الذاتية للضعف والعجز والهزيمة ومحاولة تجاوزها.
- في هذه المرحلة، عند البحث عن حل سياسي فإن الموقف الأوربي والأمريكي هو الأقرب لمصالح شعبنا، وذلك ببساطة لأن الموقف يتمركز حول القرار الأممي (2254) في مواجهة جميع المشاريع الأخرى التي تهدف في الحقيقة إلى إجهاض هذا القرار، مثل المشروع السلطوي وحلفائه الدوليين والإقليميين، والمشروع التركي-القطري وأذرعه الداخلية، والمشروع الروسي و داعميه، ومشروع “أستانة و سوتشي”.
- نؤمن بالعمل الدؤوب، بدون أوهام، من أجل جبهة وطنية ديمقراطية عريضة من القوى السياسية المتقاربة ببرنامج وطني حقيقي يطفئ الخطاب القائم وبخاصة في صيغته الطائفية البغيضة حتى لو لم يكن لهذه الجبهة أي وزن فاعل اليوم، على أن تتجنب هذه الجبهة مطب التنافس مع الكيانات القائمة على شرعية تمثيل الشعب السوري، على الأقل في البداية وحتى يقوى عودها، وتصبح قادرة على الاستقطاب الحقيقي والفعلي على الأرض وفي السياسة.وهنا نؤكد أن العمل من أجل جبهة ديموقراطية عريضة لا يتنافى مع العمل من أجل التحالفات الممكنة الأخرى التي قد تساعد في بدء مرحلة الإنتقال السياسي في سورية وإن لم تكن تشاركنا بالضرورة تصورنا للدولة الديموقراطية العلمانية.
- في الموضوع الكردي: نقرّ بحق الشعب الكردي في سورية في تقرير مصيره، مثله مثل كل شعوب الأرض، وذلك مع الأخذ بالاعتبار للخصوصيات التاريخية والجغرافية من حيث طرفية كردستان سورية وتقطعها الجغرافي، ابتداءً بحقه في قيام دولته المستقلة وانتهاءً بقبوله بدولة المواطنة والقانون ضمن الجغرافيا المتعارف عليها حالياً، مروراً بمروحة الخيارات المفتوحة (إدارة ذاتية، حكم محلي، فيدرالية …الخ). من زاوية أخرى نفرّق بين هذا الحق المبدئي وبين الظروف الموضوعية التي تحكم السياق الزمني لنيل هذا الحق، ونرى على ضوء ذلك أن ثنائية الديمقراطية والعلمانية في دولة يحكمها القانون هي التي تختصر الطريق الشاق وتختزل الصعوبات التي تفتح المجال لإعادة ترتيب الأولويات لكل شعوب المنطقة والتي تتجه نحو اعتبار حقوق الإنسان والحريات الفردية وقضايا التنمية والتعليم والصحة والمناخ والطاقة النظيفة …الخ، ومختلف العناوين العصرية لقضايا الحاجة البشرية بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العرق أو القومية، على سلم أولوياتها.
- من الأهمية التأكيد على أن ما حدث في سوريا هو انتفاضة شعبية عارمة كانت تهدف إلى انتزاع الحرية وصولاً إلى الكرامة والعدالة عبر إسقاط سلطةالطغمة المستبدة، وكان صعباً، إلى حد كبير، تحولها إلى ثورة وطنية حقيقية نتيجة المواجهة الأمنية الطائفية المنطلقة من مصلحة السلطة في إدامة سيطرتها اعتماداً على الانقسام العمودي للمجتمع، والرعب الحقيقي والوهمي الذي أصاب عصبية السلطة الطائفية من الناحية الرئيسية وسائر الأقليات الديمغرافية بدرجات مختلفة، هذا الإنقسام الذي جعل البيئة السياسية الإجتماعية للإسلام هي حامل الإنتفاضة بشكل رئيسي، لأنها الطرف الأكثر صداماً مع السلطة قبل الثورة و الأكثر تضرراً منها بعد الثورة، ومن الطبيعي في هذه الحال أن يتصدر الإخوان المسلمون المشهد اجتماعياً، سياسياً وعسكرياً وكأن الميدان والسياسة والعمل حكٌر على الإسلام السياسي والعسكري فقط وعلى رأسه الإخوان المسلمون.
- من كل ما سبق نؤكد على أن الإسلام السياسي بشكليه المدني والعسكري يشكل بديلاً لا يقل سوءاً عما هو قائم، ولكن، ومن الزاوية الموضوعية، لا يوجد أي مستقبل ممكن للإسلام السياسي بوصفه سلطة أو دولة لاعتبارات محلية وإقليمية وعالمية في حين يشكل بقاء سلطة الطغمة الاحتمال الأخطر على سوريا حاضراً ومستقبلاً، ليس فقط بسبب ما أحدثته في سورية من تدمير للإنسان والبنيان، ولكن لأن بقاءها سيكون لغماً قابلاً للانفجار في جميع المجالات السياسية والأمنية والاجتماعية.
- لا ننفي مسؤولية المعارضة الوطنية الديمقراطية عما وصلنا إليه، ولكننا نضع هذه المسؤولية في سياقها الحقيقي موضوعياً وذاتياً، بما في ذلك ضرورة أخذ العبرة والبناء عليها اليوم وفي المستقبل في الفكر والسياسة والتنظيم والعمل، وبخاصة فيما يتعلق بطبيعة العلاقة مع التيارات السائدة في الساحة السورية- والتي هي إسلامية بالتأكيد- ومع العالم الخارجي بما في ذلك ضرورة بناء الجبهة الديمقراطية السورية دون تأخير مع الاعتراف بأهمية الظرف الموضوعي والمتغيرات إلى جنب مع الأوضاع الذاتية للمعارضة المذكورة.
- ندرك أن استمرار معاناة السوريين ومثابرة سلطةالطغمة في قضم المناطق واستعادة سيطرتها على جزء كبير من الجغرافيا السورية مع تراجع فرص انتصار ارادة التغيير بالمدى القريب يعود -فضلا عن الأسباب التي جئنا على ذكرها- الى تماسك موقف حلفاء السلطة المحليين والاقليميين والدوليين وانخراطهم الحاسم وراء خيار السلطة الأمني المتوحش منذ ٢٠١٢ وحتى اليوم، مع تردد وضعف موقف الحلف الغربي –لاسيما الأمريكي، الذي مازال الأقرب لقضيتنا، على الرغم من الخذلان النسبي الذي عانيناه منذ 2011 وحتى الآن، حيث كان يكتفي بدعمها مدنياً وبالوسائل الناعمة وبفرض العقوبات على السلطة في ظرف غياب البنية المعتدلة البديلة في المعارضة، التي ابتليت بالتشتت و الأسلمة والتطرف ولم ترق لتمثل بديلاً أفضل يمكن الرهان عليه، في حين تركزت فاعلية الموقف الأمريكي بمواجهة الإرهاب ودعم “قوات سوريا الديمقراطية” للقضاء على داعش.
- نعتقد بأهمية تشكل الجبهة الديمقراطية من قوى التغيير السورية ونسج أوثق العلاقات مع القوى الديمقراطية والتغيير في الإقليم والعالم، وبناء خطاب حقوقي انساني مستدام في موجهة خطاب الكراهية و التطرف الديني والقومي والإيديولوجي.