اللاجىء السوري ومصير – كبدون الخليج – في دول الجوار / بسام مرعي
بعد مرور عقدٍ من الزمن على عمر الأزمة السورية والنزوح الداخلي، وكذلك موجات اللجوء الخارجية الكبيرة و بالملايين، وما ترتب على هذه الحالة المأساوية من نتائج خطيرة،إضافة لما يعانيه السوريون أساسا من فقدان للأمن والاستقرار، وأزمة اقتصادية خانقة وشح في الموارد، و أزمة في التعليم وفقدان ظروفه الصحية الآمنة ، وكذلك الأزمة واضحة العيان في القطاع الصحي على مستوى الكوادر الطبية حيث النقص في الدواء والخدمات الطبية، والأشد وطأةً من هذا وذاك التجنيد القسري الإجباري ٠
وكفرز طبيعي لهذه الظروف الضاغطة، تبدأ رحلة اللجوء – الهاجس الأكبر بالنسبة للسوريين– إلى دول الجوار السوري التي استقبلت عدد كبير منهم ، وعملت شعوبها على احتضانهم، ولكن حكومات بعضها كما بدا لاحقا ليست بمستوى اقتصادي جيد يسمح لها باستيعاب هذا الكم الهائل منهم ، إضافة لعدم استقرار بعضها من الناحية السياسية بالقدر الذي يمنحها الأهلية الكاملة لاستقبال تلك الأعداد الكبيرة من اللاجئين من ناحية، إضافة لغياب سياسات واضحة ، مقوننة تتيح دمج هذه الكتل البشرية في الحياة العامة وسوق العمل من ناحية اخرى ، ففي هذه الدول و على مستوى التعليم والتوظيف الحكومي والتأمين الصحي، أصبح اللاجىء عالةً أو ربما عبء إضافي على كاهل هذه الدول، وأقصد هنا دولٌ بعينها كتركيا والعراق ولبنان والأردن، حيث لا يمكن لدولة غير مستقرة اقتصادياً وسياسياً، أن تقدم خدمات لمجموعاتٍ كبيرةٍ من اللاجئين ٠
ولذا فهناك جيلٌ كبيرٌ سيعاني مستقبلا من تبعات تهميشه في هذه المجتمعات، فمن ناحية التعليم في العراق مثلاً، هناك الكثير من اللاجئين المحرومين من التعليم بسبب فقدانهم لوثائقهم في الحرب، أو بسبب اختلاف القوانين المدرسية من بلدٍ لآخر، كما هو حال القادمين من مدينة سري كانييه (رأس العين ) وفي تركيا حيث طلبت حكومتها من اللاجئين هذه السنة دفع مبالغ كبيرة لقاء رسوم التعليم الجامعي بغض النظر عن معدلاتهم، فضلا عن استغلال أصحاب الكفاءات و تشغيلهم بمبالع زهيدة، و صعوبات دمجهم في سوق العمل الذي يعاني أساساً من بطالة و ضعفٍ في بنيته الاقتصادية، أو لا يرغب في إدماج الغريب معه، فعدم قوننة أوضاع اللاجىء في دول الجوار بشكلٍ كاملٍ وعدم العمل على تيسير اندماجه في المجتمع سيفقده حقوقه في التعليم والعمل والتأمين الصحي و يدفعه باتجاه خوض مخاطر هجرة جديدة أبعد إلى الدول الأوربية، ضمن ظروف صعبة قد تفضي للموت المحتم أحيانا، ويُدفعُ فيها مبالغ كبيرة .
من المهم هنا القول أن المعارضة السورية الموجودة في هذه الدول تتحمل الكثير من المسؤولية الأخلاقية والقانونية حيال المطالبة بحقوق اللاجئين المقيمين لديها.
يجدر بالذكر إن بعض دول الجوار استخدمت اللاجئين السوريين بطريقة تسيء إليهم وذلك من خلال استغلالهم في سياساتها الإقليمية وفي تجنيدهم واستخدامهم كوقود لحروبها باعتبارهم الحلقة الأضعف، أو ضمن مساومات مع الدول الأوربية للحصول على دعم ومبالغ مادية .
في ظل الظروف الصعبة في المدن السورية، وعدم وجود سياسات اقتصادية واضحة، وانهيار البُنى التحتية بشكل شبه كامل وغياب النية لإعادة الإعمار واحتواء اللاجئين ضمن ظروف مغايرة ، إضافة إلى التجنيد القسري والإجباري من قبل بعض أطراف المعارضة في مناطقها، وانشغال النظام السوري بحفظ رأسه الفاسد، ليس هناك من شكٌ في عدم تفكير اللاجىء –على المدى القريب – بالرجوع الى سورية في ظل هذه الظروف غير المشجعة ، بل و غير القابلة للاحتمال ٠
–هنا تبرز القضية الأهم!!! والسؤال الذي يتردد صداه عميقاً وهو كيفية تهيئة الأجواء لعودة اللاجئين، والتي لا تبدو قريبة في ظل المعطيات الحالية، وفي ظل عدم وجود نية دولية متبلورة بشكلٍ حقيقي في معالجة الأزمة السورية برغبة ملحة وعين بصيرة ؟؟!
سؤال نأمل الإجابة عليه في المستقبل القريب